صادق البرلمان الجزائري على قانون لمكافحة العنف ضد النساء، بعد تجميد استمر أكثر من ثمانية أشهر. وأوضح وزير العدل الطيب لوح أن القانون يشمل تجريم كل أشكال العنف ضد المرأة سواء الجسدي أو الجنسي، ويشمل أيضا تأمين المرأة في الشارع. وتصل العقوبة في القانون إلى السجن لمدد تصل إلى 20 عاما للزوج الذي يعتدي على زوجته، على الرغم من معارضة نواب "إسلاميين" باعتبار أن ذلك لا يتناسب مع روح التسامح في مؤسسة الزواج.
وأثنت منظمة العفو الدولية على القانون في بيان صدر عقب إقراره مباشرة، ووصفته بأنه (خطوة للأمام لكنها غير كافية) الحرة 12/12/2015: وأكد رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني أن مشروع قانون مكافحة العنف ضد المرأة الذي صادق عليه مجلس الوزراء هو بمثابة التزام الجزائر بقيادة الرئيس بوتفليقة على ترقية حقوق العنصر النسوي في المجتمع. وقد مر القانون قبل المصادقة عليه بخطوات عرضه على البرلمان للنقاش، فقد نقلت صحيفة النهار الصادرة في 5/3/2015م ما يلي: (صادق نواب المجلس الشعبي الوطني اليوم الخميس بالجزائر العاصمة على مشروع القانون المعدل والمتمم لقانون العقوبات المتضمن إجراءات جديدة لحماية المرأة من كل أشكال العنف وكانت نتيجة المناقشات في الجلسة امتناع نواب حزب العمال عن التصويت وغياب نواب أحزاب تكتل الجزائر الخضراء الذين طالبوا من قبل سحب المشروع بسبب "تنافيه مع مبادئ وثقافة المجتمع الجزائري"). وكان ذلك بحضور وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، وبلغ عدد النواب الحاضرين 284 نائبا و59 وكالة.
هذا القانون هو مثال للمداهنة والمكر والاستدراج في تمرير ثقافة الغرب، بشعارات براقة، توهم بأن القانون هو لصالح المرأة بينما هو يؤسس لوجهة النظر الغربية القائمة على فصل الدين عن الحياة، المقدسة للحرية الشخصية، ففي مقدمة القانون يركز على استحداث مادة جديدة تقر حماية الزوجة من الاعتداءات العمدية، كما ينص مشروع القانون على استحداث مادة أخرى لتجريم أي شكل من أشكال التعدي أو العنف، وتم تعديل المادة 330 من قانون العقوبات المتعلقة بالإهمال العائلي وتشمل إهمال الزوج لزوجته إذا كانت حاملا لتنص على حماية الزوجة من الإكراه والتخويف الممارس عليها من أجل حرمانها من مواردها، ولكن القانون بعد هذه المواد التي ظاهرها فيه الرحمة، يوغل في الاستلاب الثقافي ومجاراة الثقافة الغربية بشكل مفضوح مقدما السم في الدسم، حيث ينص بوجهة نظر غربية بحتة في الشق المتعلق بحماية المرأة من العنف الجنسي يقترح مشروع القانون استحداث مادة جديدة تجرم "كل اعتداء يرتكب خلسة أو بالعنف والتهديد والإكراه ويمس بالحرمة الجنسية للضحية".
وهذه المادة هي السم الزعاف الذي يعتبر أن الحرية الشخصية المقدسة عند الغرب هي المعيار لتجريم من يعتدي على المرأة، وبمجرد أن المرأة أتت طائعة لمقارفة البغاء والرذيلة فإن هذا لا يعد عنفاً ولا جريمة بغض النظر عما يحدثه من انحلال أخلاقي وما يجب أن يكون عليه المجتمع، وهو ذر للرماد في العيون، وكذلك يتضمن النص عقوبات ضد أشكال العنف التي تمس بكرامة المرأة في الأماكن العامة لتجريم التصرفات غير الأخلاقية دون أن يراعي القانون أن حالة المجتمع رجالاً ونساء من عدم الانضباط هو نتاج عدم معالجة جذرية صادقة، تلزم المرأة بأن لا توفر بيئة العري والتبذل والتبرج، وتلزم الرجل بغض بصره طاعة لله، هذه ضوابط ربانية شافية مطهرة للمجتمع، مانعة من الوقوع في الرذيلة.
وعقب المصادقة على هذا القانون، أكد (لوح) أن الدولة الجزائرية "مصرة ومواصلة في الإصلاحات في قطاع العدالة في عمقها مهما أثارته من نقاش"، وقال بـ"الرغم من الاختلاف في وجهات النظر إلا أن الجميع يتفق على ضرورة وضع إطار قانوني كفيل لضمان حماية المرأة وفقا للاستراتيجية التي صادقت عليها الحكومة"، في إشارة واضحة منه بأن القانون شرّع محليا ولكن عدم الحصافة السياسية تكشف ما كان مخفيا؛ ففي تصريح للصحافة عقب جلسة التصويت جدد الوزير موقفه من مشروع القانون "الذي لم يتم إعداده تحت أي ضغط"، مؤكدا أن القرار "سيادي للجزائر ولا توجد إملاءات، لا خارجية ولا غير خارجية بل هي إملاءات المجتمع الجزائري". أي سيادة يتحدث عنها هذا الوزير!؟ دولة يترأسها رجل مقعد، شيخ عاجز إلا عن خدمة الغرب الذي قدم له القرابين من دماء شعبه الزكية في مجازره، فهل يرجو منه أهل الجزائر خيراً بعد ما فعل بهم ما فعل! يقول الوزير إن نص القانون (راعى خصوصية المجتمع الجزائري الثقافية والدينية)، ورغم هذه الكلمات الخالية المضامين لكن منظمة العفو تريدها خالصة لا تشوبها شائبة، علمانية دون مواربة. إن العنف هو نتاج فشل هؤلاء الساسة واستيرادهم لقوانين لا تعالج قضايا الأمة، بل تجعل من المسلمين أضحوكة في أعين العالمين رغم أنهم يمتلكون أكمل وأرقى تشريع من رب الرجل والمرأة؛ أحكام عادلة مطهرة للمجتمع من الرذيلة، ثم يجعلونها وراء الظهور ليشتروا بها رضاء الغرب البعيد المنال.
إن دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة العائدة قريباً بإذن الله لا تنفذ إلا شرعاً حنيفاً من رب لطيف خبير، ليعيش الناس في مجتمع مصون بالطهر والعدل والرفعة.
رأيك في الموضوع