إن كل المؤشرات السياسية وكل المعطيات والأحداث العالمية تظهر بأن الرأسمالية إلى أفول وأن أمريكا رأس الشر قد دخلت في نفق مظلم من التشتت والتفرق والانقسام والصراعات، وأن أوروبا عجوز تداوي جراحها وتحاول حفظ اتحادها وأن بريطانيا كسرت أحد جناحيها بخروجها من الاتحاد الأوروبي وبات يصعب عليها التحليق، وأن الصين منشغلة بالتصنيع والتوريد وجني الأرباح منفتحة اقتصادياً متقوقعة سياسياً خلف سورها القديم حالها حال مصنع كبير، وأن الدب الروسي مشغول بمداراة غبائه السياسي واستغلال الدولة الأولى له ويحاول الخروج من مستنقع الشام مرهق مستنزف، وأن العالم أجمع يترقب من يقيم البديل الحضاري، والحقيقة أن الجهة الوحيدة القادرة على تسنم القيادة العالمية وتقديم البديل الحضاري هي أمة الإسلام فهي صاحبة مبدأ ورسالة عظيمة أكرمها بها الله الذي خلق البشر ويعلم ما يصلح حالهم، قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ وعلى أبنائها المسلمين أن يدركوا حجم قوتهم وقدرتهم وواقع بلادهم وما يمتلكونه من مبدأ وقوة بشرية ومادية ومواقع استراتيجية وكل ما يلزمهم للنهوض وقيادة العالم من جديد، وفوق ذلك وقبل كل ذلك لديهم عقيدة تخبرهم أن النصر من عند الله وأن النصر بيد الله وإرادته وأن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه يريد أن ينتصر دينه ويظهر على كلّ الأديان والمبادئ. قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ وأنه تعالى وعد المسلمين بالنصر والاستخلاف والتمكين، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ وأن رسول ﷺ بشر بعودة الخلافة على منهاج النبوة بعد الحكم الجبري الذي نعيشه هذه الأيام فقال ﷺ في الحديث الصحيح: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» وذلك ليسيروا مطمئنين واثقين بنصر الله لا تحبطهم ظروف ولا يفت في عضدهم تكالب الأعداء واجتماع أمة الكفر على حربهم ومنعهم من النهوض.
رأيك في الموضوع