جاء يوم 28 آذار/مارس 2015م الذي انتظره الكثيرون خاصة من النساء منذ أسابيع عدة. منذ أن أطلق القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير حملته العالمية الواسعة "المرأة والشريعة: للتمييز بين الحق والباطل"، جاء يوم المؤتمر العالمي النسائي الفريد من نوعه.. كان يوما مهماً جميلا، كان يوما شاقا وشائقا، كان متعبا وممتعا. حيث تم بالتزامن في خمس دول، هي فلسطين، تركيا، تونس، إندونيسيا والمملكة المتحدة، وضم تجمعات لصانعات الرأي، كما شمل الحضور صحفيات وسياسيات وأكاديميات وناشطات ومحاميات وعالمات... وقد عُقد المؤتمر في قاعات إلكترونية موحدة من خلال بث حي للكلمات من كل قاعة إلى بقية الأماكن. وقد تمت مشاهدته من قبل تجمعات للنساء في عدد من الدول الأخرى.
إن مثل هذه التجمعات الإيمانية لها نكهة خاصة مميزة، لها طعم مختلف عن أية تجمعات أو ندوات أو مؤتمرات.. إن هذه المؤتمرات التي يعقدها القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير لها طابع العالمية التي تشعر فيه المرأة أنها في دولة واحدة، ترى وتشاهد وتسمع، وأحيانا تقابل أختها المسلمة من تونس وغيرها من ماليزيا، وأخرى تعيش في فرنسا أو إندونيسيا أو مصر أو الأردن أو بريطانيا.. الخ من الأماكن.. مؤتمرات نؤكد فيها أننا أمة واحدة مهما اختلفت المناطق وتباعدت الأماكن، وأننا حزب عالمي عابر للقارات.
نعم كان المؤتمر هذه المرة في قاعات مغلقة لكنها مفتوحة على العالم ومع العالم كله بالإنترنت.. عشنا أجواءه مع أخواتنا في كل المناطق... محطتنا الأولى كانت شمال أفريقيا حيث تساءلنا فيها مع أخت في تونس عمن سيعطي المرأة حقوقها هل هو القوانين الوضعية أم أحكام الشريعة؟ كنا نعرف الجواب، ولكن حتى نبرهن للجميع أن إسلامنا هو الحق المبين فهو رسالة رب العالمين، هتفنا معها بقلوبنا وعقولنا وجوارحنا قائلين للكفر وأعوانه: "بإسلامنا لن نفرط؛ لن نتنازل؛ لن نحيد.. كفاكم تشويها وتحريفا لديننا،لم تعد تنطلي علينا حيلكم وأكاذيبكم، بل لقد بتنا على يقين أن في إسلامنا المنفذ والمنقذ للبشرية جمعاء".. وذهبنا بعد ذلك إلى الأردن في آسيا لنسمع أختنا هناك في كلمتها المسجلة عن تفكيك مفهوم النسوية الإسلامية حيث تستخدم هذه النسوية مصطلح الاجتهاد من أجل تفكيك النصوص الدينية واستخراج أحكام وفتاوى يلجآن إليها في الدفاع عن حقوق المرأة كاملة كما يدعين. ومنها ذهبنا إلى قارة أخرى ووصلنا لندن وشنفنا آذاننا للدكتورة نسرين نواز وهي تميط اللثام أكثر فأكثر عن وسائل الإعلام وتفند افتراءاتهم ضد المرأة والشريعة الإسلامية بالأدلة والبراهين الدامغة الواضحة.. وأكملنا الرحلة عائدين إلى آسيا وأخذنا استراحة في فلسطين التي بها سمعنا عن أحكام الشريعة المتعلقة بالنظام الاجتماعي وعلاقة الرجل بالمرأة بما يضمن لكل حقوقه ويعرفه واجباته، وشاهدنا البون الواسع بين ما نعيشه في ظل الأحكام الوضعية وبين ما سيكون عليه الوضع في ظل دولة الإسلام - دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة -.. ثم حلَّقنا لنصل إلى إندونيسيا التي دخلها الإسلام بلا حرب ولا قتال، وعشنا نحن النساء جوا رائعا جميلا في ظل دولة الإسلام، حيث أعطتنا الأخت رؤية واضحة عن حياة النساء في ظل الشريعة الإسلاميةفشعرنا فعلا بالكرامة والعزة والرفاهية، ولمسنا حقوقنا المختلفة التي ضمنها لنا الإسلام وحرمتنا منها الأنظمة والأحكام الوضعية. ووصلت بنا محطتنا الأخيرة في هذا اليوم الطيب إلى تركيا، إلى حيث كان السلطان محمد الفاتح وسليمان الأول وعبد الحميد الثاني وغيرهم من سلاطين الخلافة العثمانية التي نالها الكثير من التشويه والأكاذيب، وفيها بيّنت الأخت المسار الصحيح لإحداث تغيير سياسي حقيقي للمرأة والذي لا يكون إلا من خلال إعادة بناء دولة الخلافة على منهاج النبوة، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال العمل السياسي والفكري الذي يتطلب تغيير الأفكار غير الإسلامية في مجتمعاتنا إلى أفكار إسلامية، واقتلاع الأنظمة الوضعية القمعية التي تسمم أرضنا من جذورها واستبدال نظام الإسلام بها.
وخلال رحلتنا التاريخية هذه بين القارات شاهدنا فيديوهات معبرة أولها كان تقدمة للمؤتمر، وواحد فنّد الأساطير المتعلقة بفترة الحريم خاصة في الخلافة العثمانية في ظل ما انتشر مؤخرا بما يسمى بالدراما التركية! وآخر وصف وضع المرأة المسلمة حاليا في ظل غياب درعها الحامي وهو الخلافة حيث ذرفت الحاضرات الدموع حزنا وألما وشوقا لهذا الدرع الحامي، واختتم بنداء حار من شابات حزب التحرير للأخوات باللحاق بركب حمل الدعوة لنيل الخير والعز في الدارين بمشيئة الله.
ثم كانت خاتمة المؤتمر دعاءً مؤثراً أشاع الأجواء الإيمانية أكثر وأكثر وشحن الهمم والنفوس إلى جانب ما سمعنه وشاهدنه طوال هذا اليوم من خير وبركة تنتظرهن إن عملن لإعادة تحكيم شرع الله... وخرجت الحاضرات وكثير منهن يَتُقْنَ وينتظرن هذا اليوم الذي نسأله تعالى أن يكون قريبا..
لله درّكن يا شابات حزب التحرير... عشنا معكن يوما بألف يوم.. أخذتمونا في جولة عبر القارات لكنها ليست كأي جولة.. جولة ثرية بفكرها ومفاهيمها وحلولها.. فبارك الله فيكن وجزاكن كل خير..
رأيك في الموضوع