مراسل الراية – أنقرة: يقول الحق سبحانه: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾، فقد كان لانعقاد مؤتمر الخلافة في أنقرة 6/3/2016م، بعنوان "الخلافة: حلم أم واقع قريب؟"، وقع الصاعقة على قلوب العلمانيين المريضة، أولئك الذين ساءهم أن يرفع صوت الخلافة مدويا على بعد أمتار معدودة من المجلس التشريعي التركي حيث أعلن إلغاء الخلافة في 3/3/1924م تحت الحكم الجبري للطاغية مصطفى كمال، فبعد أن ظنوا في وهمهم أن الخلافة ولت إلى غير رجعة إذا بالأصوات الهادرة ترتفع للمطالبة بإعادتها في قلب أنقرة.
هذا المؤتمر، الذي يأتي من ضمن جملة الأعمال التي يقوم بها حزب التحرير وشبابه في العالم، يأتي لتذكير الأمة الإسلامية بأن لا وجود لها كأمة عزيزة مرهوبة الجانب تحيا في ظل الشريعة الربانية إلا بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، فتكون هي السبيل، وليس الغاية، لتطبيق أحكام الشرع كافة في الداخل، فترعى شؤون الناس، مسلمين وغير مسلمين، بالشرع الرباني المنزه عن الهوى، وتحرر الأمة الإسلامية، والبشرية جمعاء، من قيود الاستعمار البغيض، ليس فقط الاستعمار العسكري، بل ومتفرعاته من الغزو الفكري والثقافي للحضارة الغربية المادية العلمانية التي لا تقوم على حجة ولا دليل يقنع العقل ولا توافق الفطرة، بل يستعبد فيه الإنسان، أو حفنة من أصحاب الرساميل، بقية الناس فيسومونهم سوء العذاب سواء حربا بإشعال الحروب في البلدان الغنية لنهب ثرواتها والسيطرة عليها، أو سلماً بالتلاعب في مقدرات الأمم والشعوب عبر الهيمنة الاقتصادية والمالية والإعلامية، حتى لا يكاد يتراءى لشعوب الأرض أن هناك بصيص أمل في التخلص من كابوس هذا الجحيم الاستعماري.
فجاء دوي هذا المؤتمر في قلب العاصمة التركية، لا بل في المجمع الرياضي الذي يحمل اسم "أتاتورك"، ليهز أركان النظام العلماني الجائر في تركيا، وليرسل رسالة هدى ورحمة للأمة الإسلامية، وعبرها للعالم، بأن للإسلام رجالاً مؤمنين صادِقي العزيمة قد عاهدوا الله على الثبات في حمل الدعوة حتى يلقوا الله وهو عنهم راض. وغير خافٍ على كل ذي بصيرة أن هذا المؤتمر يأتي تكملة للمؤتمرات الأخرى التي عقدها ويعقدها شباب الحزب من جاكرتا إلى الشام إلى تونس والسودان فتشهد كلها على أن الخلافة صارت واقعا قائما أو كادت.
فقد ضم المؤتمر حشداً من المتحدثين الذين قدموا من شتى أصقاع بلاد المسلمين، بل والمهجر، ليحضوا المسلمين على العمل يدا واحدة لهدم النظام العلماني الباطل عقيدة وشريعة، ولإقامة دولة الحق والعدل الرباني على أنقاضه، فتستعيد الأمة وحدتها، وتعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس، وتسعى لإخراج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان (وأولها دين العلمانية المتوحش) إلى عدل الإسلام.
هذا اليوم المشهود، والذي سبقه في 3/3/2016 عقد ندوة عالمية في مدينة اسطنبول سلط فيها المتحدثون الضوء على تفاصيل دولة الخلافة التي آن أوان فجرها، أثار الهلع والجزع في قلوب الظلاميين من أتباع الاستعمار، فقاموا يشغبون على حملة الدعوة مطالبين بتجريم الداعين لإقامة دولة الخلافة وتطبيق الشريعة الربانية، إذ عقد عضو المجلس التشريعي التركي محرم إركك، من حزب الشعب الجمهوري، مؤتمرًا صحفيا في المجلس أبدى فيه اعتراضه على عقد المؤتمر ومطالبا الحكومة ووزارة الداخلية بفتح تحقيق في كيفية السماح لحزب التحرير الذي يتحدى المبادئ العلمانية للجمهورية التركية بعقده. كما تقدم النائب في المجلس التشريعي عن مدينة إزمير، الدكتور أيطُن شِيراي، بسؤال إلى وزير الداخلية مطالبا بالجواب عليه: "فيما يعلن السيد محمود كار الناطق الإعلامي لحزب التحرير ولاية تركيا بأن راية الخلافة سترفع في عقر أنقرة عاصمة الجمهورية التركية، فكيف يسمح لهذه المنظمة الإرهابية التي تناقض الدستور التركي بعقد مؤتمرها في قلب أنقرة؟"
مما دفع بالمدعي العام إلى فتح مراجعة قضائية في الأمر، لم تصل بعد إلى درجة التحقيق حتى ساعة كتابة هذه المادة، وبناء على نتيجة المراجعة سيقرر المضي في الادعاء على الجهة المنظمة للمؤتمر أو صرف النظر عن ذلك.
ونحن نقول لهؤلاء الناعقين من أتباع الاستعمار، إن كانوا يعقلون: ماذا يرهبكم من حزب التحرير التقي النقي غير صدعه بكلمة الحق؟ أفلا تعقلون؟ أو تسمعون؟ أو تتدبرون؟ إذا كان عندكم مثقال ذرة من حجة فكرية أو برهان تدلون به فتفضلوا إلى ساحة المبارزة والصراع الفكري؟
أنتم تزعمون أن الفكر الليبرالي العلماني يقوم على الرؤية الصحيحة للكون والإنسان والحياة ونحن نجزم أن العقيدة العلمانية تقوم على أساس باطل وفاسد عقلا وشرعا، فما بالكم تهربون من ساحة الصراع؟ وتلجأون إلى سلاح الطواغيت المجرمين حين يفتقدون الحجة والبرهان؟ ألا تدعو ديمقراطيتكم العلمانية إلى حرية الفكر والعقيدة، وإلى حرية التعبير؟ فهلا نافحتم عن عقيدتكم بالحجة والبرهان؟ فإن لم تفعلوا فهذا إقرار منكم بفشل عقيدتكم الباطلة.
جدير بالذكر أن بعض وسائل الإعلام في روسيا وأمريكا شاركت في جوقة المنذرين من خطر الخلافة القادمة، حتى إن الكاتب مايكل روبين من معهد المشروع الأمريكي American Enterprise Institute ذهب إلى القول إن مؤتمر الخلافة عقد بضوء أخضر من الرئيس التركي رجب أردوغان، مطالبا بوضع حد لطموحات أردوغان، بزعمه، في قيادة الخلافة القادمة.
حقا لقد صدق من قال: "إن الجيوش تعجز عن قمع فكرة آن أوانها" وفي هذا عظة وعبرة لو كانوا يعقلون. أما نحن حزب التحرير وشبابه فإننا تملؤنا الثقة بوعد الله وبشرى نبيه، ولا نشك بأن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، صارت واقعا قائما أو كادت، وإن غدا لناظره قريب.
رأيك في الموضوع