مندوب جريدة الراية في تركيا، خاص ــــ في ظل الظروف الساخنة والاستثنائية التي تحيط بالمنطقة وتدق أبواب تركيا جاء انعقاد مؤتمر الخلافة العالمي في أنقرة والذي دعا إليه حزب التحريرتحت عنوان: "الخلافة: حلم أم واقع قادم؟" ليوجه الصراع في الاتجاه الصحيح ويضع النقاط على الحروف.
كان لسقوط الخلافة منذ 92 عاما وغياب السور الحامي الذي يقي الأمة تداعيات كبيرة نقطف اليوم ثمارها المرة من استباحة المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل وما يجري في سوريا من بحر دماء وتشريد وتدمير هو الصورة الأفظع في هذا السياق.
حتى لا تتكرر التجارب الفاشلة والمتمثلة بتقديم الأمة التضحيات العظام وقطف العلمانيين لثمار تلك التضحيات طيلة العقود الماضية، كان لا بد من وضع مشروع الخلافة بين أيدي الأمة وثوارها ومجاهديها من أجل اتخاذه مشروعا لها لتتويج تضحياتها به.
حاول بعض أعداء الإسلام من السياسيين والإعلاميين والعلمانيين التشويش على مؤتمر الحزب ووضع العراقيل للحيلولة دون انعقاده ولكن توفيق الله ثم جهود الشباب وعزيمتهم ووجود الخيرين في الأمة في مواقع مختلفة أفشل تلك المحاولات وفتح الطريق أمام المؤتمر لينعقد بنجاح باهر.
من أبرز المحطات في المؤتمر الذي عقد اليوم هو انعقاد المؤتمر في مجمع استاد أتاتورك الرياضي على مسافة قريبة من المجلس التشريعي الذي وقع فيه على إعلان الغاء الخلافة في 3-3-1924م. كان للحضور الكثيف بالآلاف وقع كبير على المتابعين لمؤتمر الخلافة خصوصا وأن أغلب المحاضرين هم من جيل الشباب المتشوق للخلافة والشريعة، وأجمل ما في هذا المؤتمر أنه جمع كوكبة من المتحدثين القادمين من ولايات سابقة للدولة العثمانية فهذا من القدس وذاك من بيروت وآخر من القرم ورابع من قيرغيزستان بالإضافة إلى مندوبين عن حملة الدعوة في الغرب. وكان للمتحدثين من تركيا البلد المضيف الكلمات الطيبة والقوية التي تدل على أن الخلافة سقطت على الورق فقط ولم تسقط أبدا من قلوب وعقول رجال الإسلام وأهله.
تناول المؤتمر القضية المصيرية والمركزية الإسلامية الأولى وهي قضية الخلافة فكانت محور كلمات جميع المتحدثين. كما كان لقضية فلسطين وعلاقتها بالخلافة من حيث ضياع فلسطين نتيجة لهدم الخلافة، وأن عودة فلسطين مرتبط بعودة الخلافة، وأن فلسطين تنتظر من الحكام والدول والجيوش أن يحرروها، فتحرير فلسطين هو المطلوب.
وقد تحدث المهندس عثمان بخاش مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير في كلمته محذرا من الكيد الاستعماري الذي يحيق بالمنطقة، فأمريكا لم تكتف بفصل جنوب السودان بل هي تعمل لفصل دارفور عنه، وذلك بتواطؤ حاكم السودان معها، كما استعانت أمريكا بإيران وأتباعها للزج بقواتها لقمع ثورة الشام، وحين عجزت عن ذلك اتفقت أمريكا مع روسيا للإلقاء بثقلها في ضرب قوى الثورة في سوريا، في الوقت نفسه الذي كشفت فيه تصاريح الساسة الأمريكان والروس عن انتهاء سايكس بيكو والحاجة لإعادة صياغة المنطقة بما يخدم مصالحهم الاستعمارية أي منع إقامة دولة الخلافة، وفرض النظام العلماني على المسلمين مع تناقضه الكلي مع عقيدتهم.
ودعا بخاش في كلمته المسلمين في تركيا لإعادة دولة الخلافة فيفوزوا برضوان رب العالمين ويحققوا بشرى رسول اللهeبفتح روما بعد أن فاز أجدادهم من المجاهدين مع السلطان محمد الفاتح ببشرى فتح القسطنطينية.
أما مسلمو آسيا الوسطى وأوكرانيا والقرم الذين يسومهم أحفاد القياصرة سوء العذاب كما ساموا أجدادهم بالأمس فقد أظهروا في المؤتمر عزما وحزما في عملهم الجاد لإعادة الخلافة والدعوة إليها بوصفها المنقذ الوحيد لهم والحامية لدينهم وأعراضهم وبلادهم.
ومن أندونيسيا تحدث رئيس المكتب الإعلامي محمد إسماعيل يوسانطا متمنيا أن يستعيد المسلمون في تركيا دورهم القيادي في قيادة الأمة الإسلامية عبر إعادة الخلافة وبيّن أن لإسطنبول موقعا خاصا في قلوب المسلمين بوصفها آخر عاصمة لدولة الخلافة.
أما رسالة المسلمين في الغرب فقد كانت مبشرة لحملة لواء الخلافة في المشرق الإسلامي ومفادها أن للخلافة رجالا وجنودا في داخل قصر فرعون.
أما سوريا جرح الأمة النازف وعقر دار الإسلام وحاملة مشروع الخلافة فقد كان لها الحيز الأكبر في كلمات المتحدثين للشد على أيدي أهلها وحضهم على الصبر والثبات، وفي الوقت نفسه وجه المؤتمر سهامه إلى الخونة والعملاء من حكام الدول الإقليمية الذين يتآمرون على أهل الشام وثورتهم سواء بأخذهم إلى مشاريع الاستسلام أو بعدم إرسال جيوشهم لوقف حمام الدماء بإسقاط طاغية دمشق أو رهن سلاحهم وأموالهم التي يعطونها للبعض بالانخراط في مشاريعهم الخيانية.
لقد كان هذا المؤتمر بحق تتويجا لجهود مضنية بذلها شباب الدعوة في السنوات الماضية رغم ما يحيط بهم من صعاب وشدائد مما يؤكد على أن الصعوبات ومهما كانت لا تقف حائلا أمام رجال يملكون الإيمان والإرادة والعزيمة ويتزودون بالتقوى ويجعلون رضوان الله غاية لهم.
كما أن شباب الحزب في إسطنبول عقدوا ندوة عالمية يوم الخميس (3-3-2016) حول الخلافة وقد شارك فيها عدد من المفكرين والإعلاميين والدعاة. ودارت أوراق الندوة عن الخلافة وما تمثله من مشروع وحيد لإنقاذ الأمة وعما قد يعترضها اليوم قبل إقامتها أو غدا بعد إقامتها من صعاب وتحديات.
و كما كان هذا المؤتمر تتويجا للجهود فإنه يعتبر بحق فتحا مبينا أمام حملة الدعوة في قادم الأيام حيث إن تفاعل هذا المؤتمر وانعكاسه على مجريات الأحداث سيفتح آفاقا جديدة للدعوة إلى الخلافة.
.
رأيك في الموضوع