إن المتتبع لما يجري من أحداث دامية على الساحة اليمنية يدرك أن الصراع على اليمن هو صراع دولي وبالأخص أنجلو أمريكي بامتياز؛ فقد حاولت أمريكا عن طريق عملائها الذين تدعمهم إيران في الشمال والجنوب أن تبسط هيمنتها على اليمن بأكمله، حيث بدأ الحوثيون في مشاورات مع قيادات جنوبية حراكية بقيادة الرئيس السابق للجنوب علي ناصر محمد الموالي لإيران من أجل تسليمها عدن وذلك لضمان أمنهم من قبلها في حالة التوافق على إقليمين أو حتى حال حصول الانفصال - وهو أمر مستبعد الآن، لأن الدول الكبرى المتصارعة تريد الكعكة كاملة - وكذلك لخلط الأوراق على عملاء الإنجليز الذين أدركوا خطورة الأمر فسارعت دول الخليج وخاصة الإمارات بعملية تحرير عدن حيث دعمت المقاومة بالمال والسلاح - جوا وبرا وبحرا - وأتت ببعض جنودها، كل ذلك لتقطع الطريق على الحوثيين والحراك الجنوبي الموالي لإيران، وقد سرت أنباء عن صفقة إماراتية مع الرئيس السابق على صالح الموالي للإنجليز والمندس كحليف مع الحوثيين من أجل تحييده وقواته المشاركة في القتال وفي المقابل تستمر الحصانة لصالح وعائلته ويكون له أو لأولاده دور في المستقبل السياسي لليمن..
لقد أعلنت الحكومة اليمنية برئاسة خالد بحاح أن عدن أصبحت محررة وأنها ستكون مقرا للحكومة وﺳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻹﻏﺎﺛﺔ
فيما قال الرئيس هادي : "إن تحرير عدن سيكون بمثابة مفتاح الخلاص للشعب اليمني".
(وقد ذكرت وزارة الخارجية البريطانية في بيان لها أن وزير الخارجية اليمني رياض ياسين عقد اجتماعاً مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توبايس الوود والمبعوث البريطاني لليمن ألن دانكن حيث تم التطرق لآخر التطورات التي تشهدها الساحة اليمنية، وأكد البيان أن الحكومتين البريطانية واليمنية لديهما مصالح مشتركة قوية لإنهاء الأزمة في اليمن ومعالجة الأوضاع الإنسانية الخطيرة فضلا عن تحقيق مخرج سياسي طويل الأجل للأزمة، ومع ذلك فقد شددت الحكومة البريطانية على ضرورة سيطرة الحكومة اليمنية على حكم وإدارة جميع البلاد).
ومع تسرب أخبار من أحد المسئولين في حزب صالح حول محادثات إماراتية أمريكية بريطانية في عمان أو القاهرة مع وفد عن حزب علي صالح لحل الأزمة إلا أن بيانا رسميا عن حزب علي صالح صدر الخميس 23 تموز/يوليو، نفى عقد أي اجتماعات.
وقد أثار تسرب تلك الأخبار استياء الحكومة اليمنية مما جعل السفير البريطاني في صنعاء إدموند فيتون براون - في تغريدة له في تويتر - ينفي مشاركة بلاده في محادثات بين ممثلين عن حكومات أمريكا والإمارات مع حزب الرئيس السابق صالح في القاهرة.
أما الحوثيون فقد صرح زعيمهم عبد الملك الحوثي بأنه سيتخذ خيارات استراتيجية أكثر إيلاما ما لم يتوقف عدوان دول التحالف، وقال رئيس اللجنة الثورية العليا التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) محمد علي الحوثي: "إنه سيتم الإعلان قريبًا عن تشكيل مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية تقود اليمن بعد شهور من الفراغ السياسي في السلطة، وقد أعلنت دول التحالف وعلى رأسها السعودية هدنة إنسانية مفاجئة ومن طرف واحد استجابة لطلب الرئيس هادي لمدة 5 أيام، تبدأ من مساء الأحد، إلا أن إصرار الحوثيين على الإمدادات لمليشياتهم والتقدم في بعض المدن والمناطق جعل طائرات التحالف تستمر بغاراتها لاستهدافهم.
وقد بحث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ في أول أيام الهدنة خلال زيارته العاصمة السعودية الرياض مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المستجدات الراهنة في اليمن، خصوصاً في مدينة عدن التي حُررت من مليشيات الحوثيين وجرى خلال اللقاء، الذي حضره نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح، نقاش آلية تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.
لقد سارعت أطراف الصراع الإنجلو أمريكي لفرض سيطرتها على الأرض بعد محاولة مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ شرعنة تمدد الحوثيين وإفراغ قرار مجلس الأمن 2216 من محتواه في مؤتمر جنيف الفاشل الذي لم ينعقد وكان يعد بمثابة طوق نجاة للحوثيين، إلا أن الإنجليز أفشلوا ذلك عن طريق دول في التحالف وأهمها الإمارات التي عملت على تحرير عدن لتضع الحوثيين في مأزق حرج خاصة مع الإعلان عن هدنة إنسانية رأى فيها الحوثيون أنها تعطي عدن المحررة شرعية ومتنفسا ينطلق منها خصومهم لباقي المناطق والمدن فرفضوها، وإن لم يكن ذلك الرفض تصريحا فهو مطبق عمليا على الأرض، وهكذا فإن بوادر الحل السياسي الوسطي بعيدة على المدى القريب كون كل طرف يسعى لبسط النفوذ والسيطرة لتعزيز موقفه في المفاوضات القادمة. ولعل تهيئة سيناريوهات الفدرلة من إقليمين هي المرجحة في حال اتفقت أطراف الصراع.
لقد عانى أهل اليمن شمالا وجنوبا من أجل صراع دولي جعلهم وقودا لأجل مصالحه. فمتى ستكون تضحيات أهل اليمن من أجل تحكيم الإسلام وإقامة دولته دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي هي بحق مفتاح الخلاص للعالم أجمع؟! اللهم احقن دماء المسلمين واجمعهم تحت راية الإسلام ودولته واجعل مخططات الغرب وعملائه إلى زوال إنك سميع مجيب...
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
رأيك في الموضوع