الحمد لله رب العالمين وعدنا بالنصر والتمكين حتى يطبق الإسلام على الأرض فيبلغ ما بلغ الليل والنهار والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد ﷺ وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.
أيها القارئ الأمين هل أبين لك حال أمة الإسلام بعد مائة عام وعام على هدم خلافتها، أم تراك مهتما ومتابعا وفطنا لما هي عليه من فرقة وانقسام وفقر وحرمان وذل وهوان، يتسلط عليها رويبضة من حكام ما هم إلا شذاذ آفاق وقطاع طريق أقل ما يقال عنهم إنهم صناعة الكافر المستعمر وبضاعته، قال عنهم رسول الله ﷺ: «أَعَاذَكَ اللَّهُ يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ» قَالَ: وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: «أُمَرَاءُ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي لَا يَهْتَدُونَ بِهَدْيِي وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلَا يَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ وَسَيَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي» رواه الحاكم صحيح الإسناد.
إن موضوع استجابة الأمة لربها عز وجل ولرسولها ﷺ لأمر في غاية الأهمية إذ يترتب على ذلك تحديد الأعمال لكل مسلم بحيث تظهر وجهة نظره عن كل أمر يريد تغييره.
فالله سبحانه وتعالى عندما خاطبنا بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ كان سبحانه وتعالى قد قدم على هذا الأمر متطلبات ومقدمات لكل مسلم حتى تصير الاستجابة لله تعالى ولرسوله ﷺ طبيعية وسجية من سجاياه فكانت الآيات المتقدمة على هذه الآية تدور على محاور هي:
المحور الأول: وجوب الدخول في الطاعة المطلقة والتامة لكل ما جاء به الإسلام في الكتاب والسنة الصحيحة.
المحور الثاني: النهي القطعي عن التولي عن هذه الطاعة لأن الخطاب مستمر لكل مسلم يسمعه.
المحور الثالث: كل تارك للطاعة معرض عنها هو من شر الدواب التي لا تعقل ولا تسمع.
المحور الرابع: أهل الخير هم الذين يدعون إلى الإسلام، أي الذين سمعوا وأطاعوا والتزموا ولزموا غرز الرسول ﷺ ولم يعرضوا عنه وعن رسالته.
المحور الخامس: من أراد التغيير استجاب بعد سماع الخطاب وأدرك أن حياته وحياة جميع المسلمين فقط في الإسلام السياسي الذي تركنا عليه الرسول ﷺ.
المحور السادس: بدون هذه الاستجابة تكون في الأمة الفتنة العظيمة التي تطال جميع المسلمين في الأرض.
أيها الأخ الكريم: إن الناظر في آيات سورة الأنفال من الآية 20 إلى 25 ليدرك تمام الإدراك أنه لن يتغير حال أمة الإسلام ولن تعود إلى سابق عهدها ولن يرفع الظلم عنها إلا إذا لفظت جميع الأنظمة الوضعية البائدة وهدمت الطاغوت كل الطاغوت من واقع حياتها ومن نفسها، أما إذا لم تصنف هؤلاء الحكام على أنهم طاغوت فقد تركت التمسك بالعروة الوثقى وما استجابت بالشكل الذي جعلها خير أمة أخرجت للناس حاملة للخير تدعو إليه.
فكان لزاما على المستمع للقرآن والمتبع للسنة الشريفة أن يرفض ويلفظ كل نماذج الحكم الغربي المتمثل بشكله الأوروبي أو الأمريكي. وكذلك لا ينبغي لأمة الإسلام أن ترفع شعارات الوطنية أو القومية لأنها تعارض الاستجابة لله تعالى ولرسوله ﷺ وهي النَتَن وفيه القطيعة. بينما المؤمنون إخوة، وهي التي توجد الأحقاد وتعمق الضغائن وتفرق الأمة وتمزقها، لذلك حرم الإسلام رفع الأعلام والرايات الوطنية أو القتال تحتها قال ﷺ: «مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ» رواه مسلم.
أيها المسلمون أيها المكرمون: استجيبوا لنداء ربكم ونداء رسولكم ﷺ واعملوا على تطبيق النموذج الأوحد والوحيد؛ خلافة على منهاج النبوة، خليفة لكل المسلمين يحكم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ فيحذو حذو أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم.
فكانت الاستجابة لله تعالى ولرسوله ﷺ هي الطريق نحو التغيير به تعود الأمة إلى مكانتها وعلى أساس هذه الاستجابة تعيش في ظل الإسلام وتحت رايته فتنهي حالة التشرذم والضعف الذي تعيشه اليوم وهو ليس طبيعيا وليس صحيحا بل هو حالة شاذة بكل المقاييس يجب على جميع المسلمين إنهاء هذه الحالة والقضاء على كل ما تبقى من رواسب القوميين والوطنيين، ولا يكون ذلك التغيير الذي تنشده الأمة ويعمل له المخلصون والثلة الواعية فيهم لا يكون إلا بخلع كل أنظمة الحكم في بلاد المسلمين والقضاء على حكم الرويبضة بإسقاط حكم العملاء صناعة الكافر المستعمر وبضاعته.
وأخيرا على الأمة أن تعمل من أجل إعادة نظام الخلافة المنشود فهو الوحيد القادر على تحقيق الأمن والأمان والعدل ليس للمسلمين وحدهم بل للعالم أجمع، كيف لا والخليفة درع الأمة لقوله ﷺ «وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» رواه البخاري. يحصل التغيير فقط عندما تكون الطاعة لدين الله تعالى والاستجابة لكل أوامر الإسلام الحنيف.
فاجعلوا همكم العمل من أجل مرضاة ربكم عز وجل وعملكم في اتباع سنة رسولكم ﷺ في تحقيق بشراه حيث قال: «بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ» رواه أحمد حديث حسن. فاجعلوا أعمالكم لآخرتكم تكونوا مستجيبين لربكم ولرسولكم ﷺ، عند ذلك يغير الله عز وجل ما بكم، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
بقلم: الأستاذ سعيد الكرمي (أبو عبد الرحمن)
رأيك في الموضوع