صدرت في مصر خلال الأشهر الماضية 3 أحكام بالإعدام ضد 49 متهماً، كان من بينها حكم عسكري واحد بإعدام 36 مدنيا، وفق "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، وهي منظمة حقوقية مصرية غير حكومية، أصدرت تقريرا الأربعاء 11/7/2018م، يتناول وضعية مسار الديمقراطية في مصر خلال 3 أشهر. (القدس العربي)، وتعد هذه الأحكام استمرارا لما ينتهجه النظام من إرهاب لأهل مصر بالقتل والتصفية والاعتقال والاختفاء القسري وحتى أحكام الإعدام تلك التي لا يعلم المحكومون فيها ولا القضاة سببا غير استعراض النظام لقوته الغاشمة ورسالة يوجهها لمعارضيه ومنافسيه بين الحين والآخر، لتكميم ما تبقى من أفواه ثائرة...
هذه الأحكام وما سبقها إنما تعبر بشكل واضح عن رعب النظام وأدواته من الشعب رغم استكانته الغريبة الواضحة تحت كل هذا القمع والقهر والإفقار والتجويع ورغم ما يمارسه النظام من سياسات استفزازية واضحة يقابلها حشد عسكري واضح يرهب به الناس الذين عرفوه وعرفوا أن أحكام إعدامه للمعترضين منهم جاهزة في أدراج القضاة لا ينقصها غير أسماء من تسول لهم أنفسهم بالاعتراض على قرارات رأس النظام، يظهرها القضاة بأيادٍ مرتعشة خوفا من ثورة قادمة لن تبقي ولن تذر.
إن مجمل هذه القضايا التي يُحكم فيها الآن على كل مخالفي النظام هي قضايا ملفقة أصحابها معتقلون قبل وقوع الحدث الذي يحاكمون من أجله! وهذا حدث في كل القضايا التي حكم فيها على معارضي هذا النظام وخاصة من حكم عليهم بالإعدام فيها كلهم مختفون قسريا أو تم اعتقالهم وإجبارهم على الاعتراف بتلك الأعمال في أروقة الأمن الوطني الذي ازداد بطشه بعد انقلاب 30/6.
النظام الذي لا يملك حلولا لمشكلات الناس بل يزيدها تفاقما بقراراته العكسية، يعلم يقينا أن تحت الرماد ناراً وأن إعلامه المخادع لن يفلح طويلا في خداع الناس، وحتى حلوله الأمنية بما فيها من قتل مقنن بأحكام الإعدام أو غيرها لن تكون سببا في إرهاب الناس وتكميم أفواههم بل ستكون من دوافع ثورتهم ثورة حقيقية لا تبقي لهذا النظام ولا من هم خلفه باقية، ولن تحميه أقسام الشرطة التي حولها لما يشبه القلاع، بل ستكون سجنا له ولأتباعه.
أيها القضاة في أرض الكنانة! إن هذه أرواح بشر بين أيديكم وما تنطقون به من أحكام رغم كونها ليست صادرة عنكم إلا أنها في ميزانكم وهذه الأنفس البريئة التي يزهقها النظام بأيديكم ستُسألون عنها أمام الله عز وجل بأي ذنب قتلت، فجهزوا أنفسكم لهذا السؤال! وقد كان الأولى بكم أن تبرؤوا من هذا النظام وأحكامه وقوانينه وألا تكونوا أداة في يده يقمع بها أهلكم وإخوانكم، ولو جلستم في بيوتكم لكان خيراً لكم من أن تلقوا ربكم وفي أعناقكم دماء طاهرة، لا ذنب لها إلا سعيها للتغيير ورفضها لهذا النظام.
يا أهل الكنانة! إن هذا النظام يحكمكم بأيادٍ مرتعشة ويعلم أن قراراته وسياساته وبالٌ عليكم وستدفعكم حتما إلى ثورة تقتلعه من جذوره ولهذا يسعى لإرهابكم بسجونه ومعتقلاته وما يستحدثه من قوانين تجعل قتله وسحقه لكم تحت مجنزراته مقننا، ورغم هذا كله فهو يشعر بالرعب من أي بادرة حراك قد تصدر من بينكم ويسعى مع سادته لاحتوائها وسرقتها من جديد كما فعل مع ثورة يناير السابقة، فلا ترهبنكم أحكامه ولا بطشه ولا معتقلاته فكلها أشياء تعبر عن عميق رعبه وخوفه من أي حراك بسيط يصدر منكم فينشر زبانيته وجلاديه بينكم في محاولة لمنع أي حراك محتمل، غير أنه حتما سيبلغ السيل الزبى وستكون لكم ثورة وربما ثورات على ظلم هذا النظام وتطبيق رأسماليته عليكم، ستكون ثورة تلو ثورة حتى ينمو الوعي فيكم وينضج البديل الذي يحييكم ويحقق طموحكم ويحقق ما خرجتم تطالبون به من يومكم الأول (خلافة راشدة على منهاج النبوة) وإن لم تدركوه حتى الآن بتأثير الغرب وإعلامه الخبيث سعيا لحرفكم وصرفكم عنه ولو إلى حين.
يا أهل الكنانة! إنكم على أعتاب موجة ثورية جديدة فاجعلوها لله لا للخبز واجعلوها ثورة لدينكم لا لسد جوعتكم وطالبوا بما يرضي ربكم عنكم خلافة راشدة على منهاج النبوة، واعلموا يقينا أنها هي وحدها التي تعيد لكم حقوقكم وما سلبه الغرب وما زال من ثروتكم، وفي ظلها وحدها تجدون ما خرجتم تطالبون به من حرية وكرامة ورغد عيش وبدونها تسيرون في حلقات مفرغة يدور بكم الغرب حيث شاء ويخدعكم كما يشاء، فأنتم بدونها أيتام لا أب لكم ولا حاميَ يحميكم ويذود عنكم ويحمي بيضتكم...
يا أهل مصر الكنانة! دونكم الخلافة فاجعلوها قضيتكم المصيرية وحرضوا أبناءكم على احتضانها وحملها ونصرة الداعين لها؛ شباب حزب التحرير الحاملين لفكرتها كاملة والقادرين على تطبيقها وقيادة الأمة بها من فورهم، ففوق كون الخلافة فرضا فرضه الله عليكم فهي درعكم وحمايتكم، وما تجرأ الغرب على الأمة إلا بعد زوالها وهو يسعى جاهدا حتى يمنع عودتها لإدراكه أنها كفيلة بإنهاء هيمنته وسيطرته على بلادنا ومنع نهبه لخيراتنا بل ورده خائبا خاسرا إلى عقر داره إن بقي له عقر دار.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
بقلم: الأستاذ عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع