في كل شتاء من كل سنة تتصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية متعددة المطالب في أغلب المحافظات الجزائرية "بطالة، تهميش، توزيع السكنات، ارتفاع الأسعار..."، وككل مرة يتم احتواؤها من طرف الحكومة ببعض الفتات والترقيعات والوعود المخدرة، إلاأن هذه السنة ليست كغيرها من السنوات العجاف التي مضت حيث اندلعت صبيحة يوم 2/1/2017 حركات احتجاجية في كل من تيزي وزو وسطيف والبويرة، كان أهمها في بجاية، حيث نظم المتظاهرون مسيرة حاشدة جابت شوارع المدينة قوبلت بمواجهات أمنية عنيفة وقنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين بعد مداهمات لشركات كبرى قيل إنها لرجل الأعمال الشهير علي حداد، كما قام المحتجون بغلق الطرق الرئيسية وإشعال العجلات المطاطية في البويرة ومثلها في سطيف وتيزي وزو.
نعم هذه التحركات الشعبية ليست كغيرها من الاحتجاجات فهي مسبوقة باعتصام مدني في العديد من المحافظات وغلق كل المحلات التجارية بسبب ارتفاع الأسعار وعجز المقدرة الشرائية بسبب تفعيل والمصادقة على قانون المالية لسنة 2017 والذي وصفه إعلاميون وسياسيون بالشرارة التي ستحرق الجزائر. وفي تصريح لوزير الداخلية نور الدين بدوي قال إنه"يتابع الوضع عن كثب والسلطات الأمنية تسيطر على الوضع، وإن التهديدات الإرهابية موجودة ويحذر من سوء نوايا بعض زراع الفتن". وبالتوازي مع تصريح الوزير نشرت صحيفة النهار وصحيفة الوطن خبرا مفاده انفجار قنبلة يدوية الصنع أسفرت عن مقتل طفلين وإصابة تسعة آخرين، في محاولة لربط الحراك الشعبي بفزاعة (الإرهاب)...
صحيح أن الجزائر تعيش أزمة سياسية واقتصادية وإنسانية خانقة وتهديدات (إرهابية) في الداخل وعلى حدودها مع دول الجوار، إلاأن المتربصين من القوى الاستعمارية وتحرش الولايات المتحدة الأمريكية بها كان ضغثا على إبالة؛ فمرة تتهمها بالاتجار بالبشر وأخرى بانتهاك حقوق الإنسان، ومن حين لآخر تحذر رعاياها من السفر إلى الجزائر وأخذ الحيطة والحذر...
إن الجزائر أصبحت مطمعا وقبلة لأنظار الغرب؛ فالكل يتكالب عليها كتكالب الأكلة على قصعتهم، وإن الشعب الحزائري لا زال يتجرع مرارة العشرية السوداء ولا زالأزلام النظام في غيبوبة منشغلين بانتخابات برلمانية وتحضير لعهدة خامسة أو خليفة لبوتفليقة، وقصر المرادية مسرحا لهذه الصراعات والمخططات، ولم يستوعبوا الدرس بعد ممن سبقوهم من الحكام العرب الذين هوت بهم عاصفة ما يسمى بالربيع العربي إلى الجحيم.
فالجزائر وأهلها الطيبون الخيرون في حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى رجل رشيد يقودهاإلى بر الأمان لتبقى شامخة وعصية إلىالأبد ويبقى شعبها الأبي على الدوام رمزا للنخوة والبطولة والنضال، وما دون ذلك فإنها تتجه إلى المجهول.
بقلم: سالم أبو عبيدة – تونس
رأيك في الموضوع