أعلن المجلس المحلي في مدينة الباب الأربعاء 26/6/2024م، عن العمل لفتح معبر أبو الزندين التجاري تجريبياً، لاعتماده كمعبر تجاري رسمي لاحقاً. وهو معبر يربط مناطق نفوذ "الجيش الوطني" مع مناطق سيطرة نظام المجرم أسد. وزعم المجلس كذباً أن هذا القرار يعكس حرصه على تحسين الظروف المعيشية لأهالي المنطقة، وتعزيز النشاط الاقتصادي المحلي، وتنشيط الحركة التجارية، وزيادة موارد المجلس المحلي، لإنفاقها للصالح العام وإعادة تأهيل البنية التحتية في المدينة، ليتم الإعلان يوم الخميس عن دخول أول قافلة تجارية من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرة نظام أسد المجرم عبر معبر أبو الزندين قرب مدينة الباب بريف حلب الشرقي.
لينتفض بعدها أهل الثورة في عموم المحرر، معبرين عن سخطهم وشدة غضبهم ورفضهم لفرض المؤامرات عليهم، عبر حراكٍ جاد للحيلولة دون تنفيذ هذه الخطوة الخيانية الخطيرة، وخاصة أهلنا في مدينة الباب وما حولها الذين زحفوا بشتى أطيافهم إلى المعبر، فكان لهم موقفهم، في مشهد تجلت فيه عزة الأمة وقوة تأثيرها حين تتحرك لتحقيق مصالحها والمطالبة بحقوقها والأخذ على أيدي العابثين بثورتها. ورافق ذلك نشاط كثيف على مواقع التواصل أظهر رأياً عاماً كاسحاً ضد جريمة فتح المعابر بشكل عام ومعبر أبو الزندين بشكل خاص.
ولنا مع هذا الخبر وقفات:
أولاً: إن فكرة فتح المعابر ليست جديدة، إنما كانت هناك محاولات كثيرة قبلها، فشلت، بسبب موقف الناس الرافض للفكرة، كما حصل في معارة النعسان الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام قبل سنوات، عندما تم دهس المتظاهرين واستشهد أحدهم.
ثانياً: إن هذه الخطوة التطبيعية لا يمكن أن تكون قراراً محلياً ذاتياً، إنما هي نتاج للاتفاقيات والتفاهمات التركية الروسية التي تخدم طاغية الشام، وما محاولة تصوير الأمر على أنه محلي، إلا خوفاً من ردة فعل الناس، الرافضين لأي خطوات مصالحة أو تطبيع مع النظام المجرم. كما أن محاولة فتح المعبر تتزامن مع تغزل أردوغان بعلاقته مع الطاغية أسد، حيث صرح مؤخراً بالقول إنه لا يوجد أي سبب لعدم إقامة علاقات مع سوريا، مؤكداً أنه "كما في السابق كانت العلاقات التركية السورية جيدة، والتقيت في السابق مع الأسد، وبالتالي من الممكن أن نلتقي مجدداً في المرحلة المقبلة، ومستعدون لذلك".
ثالثاً: إن فتح هذا المعبر ليس مسألة محلية تخص مدينة الباب وحدها، إنما هو قرار على مستوى الثورة، يمس أهل الثورة بكل أطيافهم، وبالتالي فإن تقزيم الأمر ونسبه لجهة لا تملك من أمرها شيئا هو مكر وخداع مفضوح.
رابعاً: إن فتح المعبر يعتبر قبلة حياةٍ للنظام المتهالك وشرعنةً له ومحاولة ترويض رخيصة ليستمرئ الناس التعامل مع نظامٍ سفاحٍ قاتلٍ للنساء والأطفال والشيوخ وهاتكٍ للأعراض ومنتهكٍ للحرمات لا تزال زنازينه المظلمة تغص بالمعتقلين الأبرياء رجالاً ونساءً وأطفالا.
خامساً: إن غاية فتح المعبر ليست إنعاشاً اقتصادياً لمنطقة معينة، ولا تحسيناً لظروف الناس المعيشية كما يزعمون، فهذا آخر ما يفكر به المنتفعون أصحاب المصالح، إنما هي عملٌ سياسي خبيث من قادةٍ مأجورين، أذنابٍ للنظام التركي وأدواتٍ رخيصة له، وتمهيدٌ لمشروع المصالحات الذي يسوّقه النظام التركي بتوجيهات أمريكية، وخطوةٌ في خطةٍ خبيثة لدفع عجلة التطبيع مع النظام، تتلوها خطوات أكثر خبثاً ومكراً وخطورة.
وأخيراً: إن الكرة اليوم في ملعب أهل الثورة وأولياء الدم وصادقي المجاهدين والمهجرين من شتى المدن السورية وسكان مخيمات النزوح التي لا تليق بالبشر، فهم وحدهم أصحاب القضية، وهم القادرون بإذن الله على إيقاف هذه المهازل، عبر الأخذ على أيدي كل ظالم وعابث ومتآمر، وعبر العمل الجذري لإنهاء المعاناة التي طالت وفتح الأبواب التي أغلقت، عبر انتفاضةٍ للأحرار لا تبقي ولا تذر، تتجلى في الموجة الحالية الثانية من الثورة، انتفاضة عزٍّ وعنفوان ترفع الصادقين وتقلب الطاولة على المتآمرين، وتعيد للأمة سلطانها وقرارها من مغتصبيه؛ رجالات النظام التركي وأذنابه الذين رهنوا قرارهم له بكل ذلّةٍ ومهانة ضاربين بالثورة وتضحيات أهلها عرض الحائط، ومن ثم غذّ الصادقين الخطا لفتح جبهات تحريرٍ حقيقية ضد نظام الإجرام، لإسقاطه في عقر داره وتتويج التضحيات بحكم الإسلام، وهذا يوجب على أهل الثورة أن تكون لهم قيادة سياسية واعية ومخلصة تحمل همّ الأمة ومشروع خلاصها القائم على أساس عقيدة الإسلام، بعد أن سقط النظام التركي بنظر الناس كقيادة سياسية أوردت ثورتنا المهالك، قيادة صادقة حقيقية تحذرهم من المؤامرات والمطبات، قيادة تجمعُ شتاتهم وتوحد جهودهم وترسم لهم خارطة طريق واضحة المعالم لقطف ثمرة ثباتهم وعظيم تضحياتهم، لعل الله يرضى بذلك عنا فينصرنا بإذنه سبحانه، وعسى أن يكون ذلك قريباً.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
رأيك في الموضوع