اختتم المؤتمر الأول لمركز سلام لدراسات التطرف التابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان "التطرف الديني.. المنطلقات الفكرية واستراتيجيات المواجهة" على مدار ثلاثة أيام خلال الفترة من 7 إلى 9 حزيران/يونيو، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء المصري، وبحضور الوزراء والمفْتِينَ، والعلماءِ، والمتخصصين في مجال مكافحة التطرف والإرهاب وأصحاب الفكر والرأي والصحافةِ والإعلامِ، وأعلن مفتي مصر، أن المؤتمر ناقش أثناء الفعاليات المتنوعة مجموعة من المسائل والقضايا والأبحاث المتعلقة بظاهرة التطرف والمنطلقات الفكرية قديماً وحديثاً، وتحليل تلك المنطلقات ومناقشتها، وكذا تحليل منظومة الأفكار الممثلة لأركان الفكر المتطرف وكيفية صياغة سياسات متكاملة لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، واستراتيجيات مواجهته والوقاية منه.
عندما يكون مسلما ويسمى عالما وشيخا ولكنه ينظر للإسلام وأفكاره وأحكامه الشرعية من زاوية الرأسمالية ويفكر على أساس توجهاتها تكون مثل هذه المؤتمرات! فهذا المؤتمر وإن كان هو الأول لمثل هذا المركز وتحت هذا المسمى إلا أنه ليس الأول ولن يكون الأخير من نوعه من المؤتمرات التي عقدت وستعقد وغايتها وأهدافها تتمحور حول قضية أساسية وهي كيفية تدجين الإسلام وفصله عن عقيدته السياسية العملية وإيجاد جيل من المسلمين لا يرى في الإسلام نظام حكم ولا شريعة يجب أن تطبق، بل ويتصدى لمن يحاولون تطبيقه في واقع الحياة، هذه هي الغاية من وراء هذا المؤتمر ومثله من مؤتمرات الخيانة التي يرعاها حكام أعلنوا عن أنفسهم أمام الغرب رأس حربة في صراعه مع الإسلام، ولهذا نجد جل الحديث حول تجديد الخطاب الديني بما يوافق ما يمليه الغرب وما يرعى مصالحه، واحتكار هذا الخطاب بما يضمن أن يكونوا هم وحدهم من يفسرون الإسلام ومفاهيمه للناس، بما يمكنهم من غرس مفاهيم مغلوطة لا علاقة لها بالإسلام؛ كالمواطنة مثلا، وتفسير مفاهيمه تفسيرا مغايرا لواقعها كمفهوم الجهاد والخلافة وغيرها من المفاهيم السياسية العملية. هذا مضمون ما أسفرت عنه قرارات وتوصيات المؤتمر من خلال اقتراحاتِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ، في محاولة جديدة ومرحلة من مراحل الصراع يحاولون فيها الاصطدام بأفكار الإسلام العملية، أي محاولة لضرب الأفكار بالأفكار وصراع الإسلام من داخله مستغلين في ذلك القبضة الأمنية التي تتيح لهم خطاب الناس بكل الوسائل والسبل وتمنع غيرهم من الرد أو خطاب الناس بأية أفكار مغايرة.
كان هذا ممكنا قبل سنوات وقبل القفزة الهائلة في وسائل التواصل التي أوجدت إعلاما بديلا ووسائل جديدة مكنت كل من يحمل أفكارا من عرضها على الناس، وأصبح وعي الناس المتنامي هو الذي يقبل هذه الأفكار أو يرفضها، على أساس ما لديهم من قناعات، والإسلام بعقيدته السياسية وأفكاره العملية أقوى ما يعرض على الناس وأقرب ما يكون إلى قلوبهم، ما جعل حتى من يحاول خداعهم يتمسح بالإسلام، إلا أن هؤلاء المؤتمرين مفضوحون أمام الناس هم ومن يرعاهم.
ما يسعى إليه النظام المصري ومن خلفه سادته في البيت الأبيض سعيا حثيثا هو محاولة صناعة مؤسسة دينية للمسلمين يكون زمامها بيد الغرب، تقوم للمسلمين بدور الكنيسة عند النصارى، تصبح هي وحدها المخولة بفهم الإسلام وأحكامه وتفسير ذلك للناس حتى تنقل لهم الإسلام برؤية الغرب وعلى أساس وجهة نظره، فلا يرون غضاضة من حكمهم برأسماليته ولا نهبه لثرواتهم، كل ما يقلقهم في هذا السبيل هو الإسلام ومن يحملون الدعوة لتطبيقه في واقع الحياة من خلال نظامه (الخلافة)، فأمريكا ونظام السيسي يعلمون جيدا من وراء الإرهاب والتطرف المزعوم ومن يستخدمه ومن يستفيد من إبرازه فهم أصله وفصله وصانعوه، ولا يظهر إلا لخدمة أمريكا وعملائها وفي الأماكن التي تسعى للوجود فيها وبسط سلطانها عليها، أما هذه المؤتمرات التي تقام لمحاربته فقطعا ليست الغاية منها القضاء على التطرف والإرهاب ولا حتى مواجهته فكرا بفكر، بل غايتها مواجهة قطاع واحد من الأمة تخشاه أمريكا وحذرتها منه مؤسساتها ومراكزها للدراسات الاستراتيجية كمؤسسة راند وغيرها، التي تعي تماما أن هؤلاء فقط بما يملكون من أفكار هم القادرون حقا على مواجهة أمريكا حتى قالت راند عن حزب التحرير إنه المقاتل الرئيس في حرب الأفكار، ونبهت أمريكا لخطورته وما يحمله على مستقبلها وأنه وحده القادر على تخطي أسوارها وهزيمة الرأسمالية في عقر دارها.
إن الصراع الحقيقي هو صراع بين الإسلام والرأسمالية وأية مواجهة فكرية حتما ليست في صالح الرأسمالية، والغرب الذي يدرك هذا جيدا ويحسب له ألف حساب ومؤتمرات الخيانة هذه خير دليل على رعبه من أفكار الإسلام العملية، ومن أن توضع موضع التطبيق في ظل دولة ترعاها وجيش ينصرها ويحملها للعالم بالدعوة والجهاد، ولهذا فكل حركاته استباقية يحاول من خلالها منع أو تعطيل إقامة هذه الدولة.
أيها المسلمون: إنكم ودينكم وأرضكم وخيراتكم موضع الصراع، والغرب يسعى لاستعبادكم وطمس دينكم وتمزيق أمتكم فوق ما مزقها والبقاء في أرضكم حاكما مطاعا ناهبا لثرواتكم وخيراتكم التي وهبكم الله إياها، وقد حرم الله عليكم أن تعطوا آذانكم للكفار، قال تعالى: ﴿یَـا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَة مِّن دُونِكُمْ لَا یَألُونَكُم خَبَالاً﴾ فكيف إذا صاروا هم المهيمنين على بلادكم وقراراتها وسياستها؟! لذلك فإن الواجب على المخلصين في جيوش الأمة أن يقتلعوا هؤلاء الحكام العملاء ويعطوا النصرة لحزب التحرير ليقيم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لتذل الغرب وجنده وتعز الإسلام وأهله، وتعيد للأمة عزتها وكرامتها، اللهم عجل بها واجعل مصر حاضرتها، واجعلنا اللهم من جنودها وشهودها.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع