أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينج، يتوجه في زيارة لكل من السعودية والبحرين؛ لبحث الأمن الإقليمي وجهود السلام في اليمن، فلم تأت هذه الزيارة إلا بعد أن سبقتها زيارات عدة وأعمال سياسية من الأمم المتحدة عن طريق مبعوثها، وكذلك تحركات سياسية سابقة للمبعوث الأمريكي تيم ليندركينج. ففي 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2021م، وصل ليندركينج إلى عدن، حيث التقى رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، وتم استعراض الموقف الدولي للتعامل مع تصعيد الحوثيين وهجماتهم المستمرة على المدنيين والنازحين في مأرب وغيرها، بحسب وكالة الأنباء اليمنية. كما التقى المبعوث الأمريكي بعيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة السعودية الرياض في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، والذي أكد على ضرورة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض والدفع باتجاه عملية سلام شاملة.
والملاحظ من زيارة المبعوث الأممي لحكومة هادي والمجلس الانتقالي هو الضغط على الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي لتنفيذ اتفاق الرياض المتعثر، والذي تعمل بريطانيا عبر عملائها على عدم تنفيذه، لأنه لا يخدم مصالحها.
هذا بالنسبة لاتفاق الرياض. أما بالنسبة لاتفاق السويد الذي يخص محافظة الحديدة، فقد زار المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، قائد المقاومة في الساحل الغربي العميد ركن طارق محمد عبد الله صالح. تم خلال اللقاء نقاش مسارات التسوية السياسية، وتفاصيل أخرى تتعلق بسير المفاوضات بين الأطراف اليمنية. والملاحظ من زيارة هانس لطارق صالح أنها تهدف لإظهار طارق بمكتبه السياسي كطرف من أطراف الصراع الذي لا بد أن يكون حاضراً حين الجلوس على مائدة المفاوضات ليكون له نصيبه الخاص عند تقاسم السلطة والثروة في اليمن على أساس عقيدة المبدأ الرأسمالي، الذي يعمل على تقسيم اليمن كغيرها من بلاد المسلمين، والتي يخطط لها الغرب الكافر ويعمل على تنفيذها تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد.
كما التقى العميد الركن طارق محمد عبد الله صالح رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية الخميس 4 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢١ ريتشارد أوبنهايم سفير بريطانيا في اليمن. جرى خلال اللقاء بحث عدد من القضايا والتطورات المحلية وعلى رأسها استمرار تصعيد مليشيات الحوثي في مأرب والساحل الغربي وغيرها من الجبهات، ما يظهر جلياً اهتمام ودعم السفير البريطاني لطارق صالح، من خلال ثنائه على المجلس السياسي الذي يرأسه، ومثنياً كذلك على أدوار المقاومة الملموسة في تأمين وحماية الساحل الغربي والمياه اليمنية الاستراتيجية في المخا وباب المندب، وذلك كونه أحد رجال بريطانيا التي تعتمد عليه في تنفيذ مخططاتها وحماية مصالحها لاستمرار نفوذها في اليمن، كما كان يقوم بالدور ذاته عمه الهالك علي صالح، مع ملاحظة أن اللقاء الذي عقده السفير البريطاني مع طارق صالح قد أعقبه الانسحاب المفاجئ للقوات المشتركة في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وكأنها أوامر من السفير ريتشارد بذلك، ليتسنى لقوات طارق الفكاك من اتفاق السويد الذي كبلها عن قتال الحوثيين، ودخول مدينة الحديدة ومينائها، وذلك بالتظاهر أنها تقوم بتنفيذ اتفاق السويد بذلك الانسحاب، رغم أنها قامت بذلك الانسحاب كفخ للحوثيين الذين قاموا بالاستيلاء على مناطق الانسحاب التي تقدر مسافتها بـ70 كيلومترا من الحديدة حتى مديرية التحيتا، كما يعتبر الانسحاب إحراجاً لهادي وحكومته التي ترزح تحت الإقامة الجبرية في الرياض، وتتلقى أوامرها من سلمان وابنه عملاء أمريكا، لعل تلك الحكومة تحرك ساكناً.
لقد أحست أمريكا بخطط بريطانيا في الساحل الغربي من التملص من اتفاق السويد الموقع بين حكومة هادي والحوثيين، وأيضاً من التملص من تنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي، فأوفدت مبعوثها الخاص باليمن إلى كل من السعودية والبحرين، وذلك للضغط أكثر لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة (اتفاق الرياض واتفاق السويد)، وعدم السماح للأطراف الأخرى التي تحاول إفشال تلك الاتفاقيات. فبقاء تلك الاتفاقيات كما هي والعمل على تنفيذها، ستحل محل المرجعيات الثلاث التي تحاول بريطانيا التمسك بها وجعلها أساساً لأي جلوس قادم على طاولة المفاوضات، لأنها تصب في مصلحتها. وذلك ما عبر عنه المبعوث الأمريكي الخاص باليمن والذي كان أحد المشاركين في مؤتمر حوار المنامة، والذي التقى وزير خارجية حكومة هادي أحمد عوض بن مبارك المشارك في المؤتمر، حيث عبر المبعوث الأمريكي إلى اليمن أنه قد حان الوقت للعمل على إحراز تقدم بشأن تنفيذ اتفاق الرياض ومعالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن.
وهكذا نجد الأطراف الدولية للصراع في اليمن تعمل بكل الطرق وشتى الوسائل لتحقيق مصالحها وبقاء نفوذها في اليمن عن طريق المسئولين في هذه الدول أو عن طريق مبعوثيها أو سفرائها أو عملائها من حكام وزبانيتهم في المناصب الأدنى، فأصبح أهل اليمن ما بين مطرقة الصراع الدولي وسندان العملاء يسومونهم سوء العذاب في كل مناحي الحياة سواء من هم تحت سلطة الحوثيين، الذين يستمدون قوتهم من أمريكا، أو من هم تحت سلطة ما تسمى بالشرعية وتفريعاتها، التي تدعمها وترعاها بريطانيا.
لقد أصبح أهل اليمن مثل غيرهم من المسلمين تحت ظل الحكم الرأسمالي الديمقراطي الجبري مستباحي الدماء والأموال من حكامهم عملاء الكفار باتباع سَنَنَهمِ، وذلك نتيجة جهلهم وتجهيلهم بعقيدتهم وأحكام دينهم، وحرفهم عما كلفهم به ربهم عز وجل من حكمهم بالإسلام واحتكامهم إليه فيما بينهم، وحمله للعالم أجمع بالدعوة والجهاد، ولن يكون ذلك إلا بالعمل لإقامة دولتهم، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة مع حزب التحرير. فلذلك ندعوهم، فهل من مجيب؟!
رأيك في الموضوع