إن الأمة الإسلامية العظيمة لا ترى غير تحرير الأرض المباركة حلاً؛ حلاً كرسته تاريخيا، فعندما احتل الصليبيون الأرض المباركة تحركت الأمة وطهرتها منهم، ولم يكن يخطر على بال أحد خيار اجتزاء أرض فلسطين وفصلها عن جسد الأمة، فكانت فلسطين جزءاً لا يتجزأ من كيان الأمة، ولم يخطر ببال أحد كذلك الخيانة عبر اقتسام هذه الأرض مع الصليبيين، فلم يلتق صلاح الدين مع البابا أيامها ليعقد حلا تقسم فيه الأرض المباركة بين الصليبيين وبين الأمة الإسلامية في دولتين! بل التقى معهم في حطين، وكنسهم من بلادنا واقتلع المملكات الصليبية من كل بلاد المسلمين.
إن الأصل في المسلم أن ينطلق من العقيدة الإسلامية في الحكم على الأمور، وأن يكون مقياس الأعمال عنده هو الحلال والحرام، وتحرير أرض فلسطين هو فرض من منطلق عقائدي، كما هي أرض الشيشان وتركستان الشرقية وغيرها من أراضي المسلمين المحتلة، ولا فرق بينها من منظور الشرع من ناحية وجوب تحريرها. فيهود يحتلون أرض فلسطين بدافع عقائدي، ومن يدعمهم كذلك، وهم يفتخرون بذلك، بينما، للأسف، يخجل بعض أبناء المسلمين أن يقولوها صراحة، بأن قضية فلسطين هي قضية إسلامية فحسب، وأن تحرر فلسطين وغيرها من بلدان المسلمين لتصبح أجزاء من دولة الخلافة الموعودين بها، لا أن تصبح من ضمن الكيانات الوظيفية القائمة اليوم، ولن يكون ذلك إلا بعودة الإسلام باعتباره نظام حياة ونمط عيش، وبقلب الطاولة على حكام بلاد المسلمين الذين لا همّ لهم إلا بقاؤهم على عروشهم ذات الكراسي المعوجة، والذين ينادون بمطلب حل الدولتين في كل مناسبة، وتلك علامة واضحة على خيانتهم لدينهم وأمتهم، وحرصهم على مصالح أمريكا وكيان يهود، فقد آن للأمة الإسلامية أن تستعيد سيادتها وإرادتها وقرارها السياسي وتقتلع هؤلاء الحكام الخونة وتقيم الخلافة على منهاج النبوة، وحينها فإن تحرير فلسطين لن يأخذ من الأمة الإسلامية إلا ساعة من نهار، فأمتنا عظيمة وعملاقة لا يقف في وجهها كيان هش مصطنع ولا مستعمرون جبناء، ولكنها مكبلة بحكام خونة عملاء، آن لرجالها وجيوشها أن يهدموا عروشهم ويفكوا قيد هذه الأمة العملاقة.
إن الأمة الإسلامية ترفض كيان يهود الغاصب وترفض وجوده، ولا تقبل بقمم الخيانة ومؤتمراتها، ولا تعترف ولا تقر بمخرجاتها التي تخطها أيدي العملاء، فهؤلاء منفصلون عن الأمة، ولا يعبرون عنها ولا يتبنون قضاياها، بل كل حلولهم وبالٌ على الأمة وتفريط في حقوقها، ورعاية لمصالح أعدائها، والأمة تدرك هذا تمام الإدراك، ولولا سيف القمع المسلط على رقبتها لكان اقتلاع هذه الأنظمة وحكامها وأدواتها وفوقهم هذا الكيان المسخ، أقرب من رد الطرف.
إن فلسطين مثلها مثل كل بلاد الإسلام التي فتحها المسلمون بسيوفهم ورووا أرضها بدمائهم، فهي مملوكة لكل الأمة وليست لأهل فلسطين فقط، والدفاع عنها والعمل على تحريرها واجب على كل الأمة وليس على أهل فلسطين وحدهم، ولا يجوز التهاون فيها ولا التفريط في شبر من أرضها على طاولات المفاوضات، ولا تخضع لحلول أمريكا ولا لقراراتها، ولا لقوانين أوروبا ومقترحاتها، بل تحكمها أحكام الإسلام التي حرمت التنازل عن أي جزء منها، وتوجب تحريرها كاملة واقتلاع كيان يهود الغاصب لها من جذوره، وهذا ما لا ولن يقبله هؤلاء العملاء. فعملهم ومؤتمراتهم وقممهم لا تبحث في القضية إلا من خلال حل واحد وهو كيفية إقناع الأمة بالتنازل عن أرض فلسطين أو جزء منها ليهود، وإقناع الشعوب بالتطبيع والتعايش معه على أساس أنه صار أمرا واقعا يستحيل تغييره وما علينا إلا التعامل معه كما هو والتعايش مع وجوده!! وهذا ما لا تقبله ولن تقبله الأمة بعمومها، فالأمة ترفضه رفضا تاماً، فكيف تتعايش معه؟! بل تعتبره شوكة في حلقها إما أن تلفظه أو تموت، ولكن أمة الإسلام غير مؤهلة للموت، بل هي أمة حية تبذل الغالي والنفيس في سبيل دينها، فمهما مرضت فلن تموت، بل ستبقى أمة حية تتجدد فيها الدماء وتنتظر يوم الخلاص، يوم يُظلها الإسلام من جديد بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
إن الحل الحقيقي والوحيد لقضية فلسطين لن يخرج من أفواه العملاء ولا بياناتهم، ولن يكون من مخرجات قمم خياناتهم للأمة، بل حلها في هدم عروشهم فهم درع ذلك الكيان، وخط دفاعه الأول الذي يحميه من الأمة، ويمنعها من اقتلاعه، بل يُعتبرون قبة كيان يهود الحديدية التي تحميه، فهذا الكيان المسخ هو ظل هذه الأنظمة التي تحكم بلداننا، فإذا زال الشيء زال ظله، فبزوال هذه الأنظمة العميلة الرخيصة سيزول كيان يهود، فهو كيان هش لا يملك مقومات الحياة، ولولا هؤلاء الحكام العملاء لأكلته الأمة في غمضة عين، وسيأتي هذا اليوم قريبا بإذن الله، فقد وعد الله سبحانه به وبشر به رسوله الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام، فتخلع الأمة حكامها الضرار، وتقيم خلافتها الراشدة على منهاج النبوة، فتحرك الجيوش لتحرير كامل فلسطين واقتلاع هذا الكيان المسخ من جذوره وتحرر أقصانا من جديد، بل كل بلدان المسلمين المحتلة، وتستنجز موعود الله سبحانه وتعالى، وبشرى رسوله ﷺ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَذَا الأَمْرُ كَائِنٌ بَعْدِي بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ بِالشَّامِ، ثُمَّ بِالْجَزِيرَةِ، ثُمَّ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِذَا كَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَثَمَّ عُقْرُ دَارِهَا، وَلَنْ يُخْرِجَهَا قَوْمٌ فَتَعُودَ إِلَيْهِمْ أَبَداً».
رأيك في الموضوع