اختتم المؤتمر الذي عُقد في أمريكا في 9/1/٢٠٢٣ بمشاركة معهد الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون ومؤسسة توكل كرمان ومنظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن (DWAN)، وتحدث في المؤتمر كل من المبعوث الأمريكي لليمن ليندركينغ وجويل هيلمان عميد كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، وعبد العزيز جباري نائب رئيس مجلس النواب اليمني وتوكل كرمان، وصالح الجبواني وزير النقل اليمني الأسبق، وخالد اليماني سفير اليمن السابق ووزير الخارجية الأسبق، والذين تحدثوا عن السلام في اليمن تحت مظلة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وما نتج عن مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في اليمن لمدة عشرة أشهر ابتداءً من 18/3/2013 حتى 25/1/2014 بدعمٍ خارجي، والذي كان أهم مخرجاته التوقيع على وثيقة الحوار الوطني الشامل، وتقسيم اليمن إلى عدة أقاليم. ومما جاء في البيان الختامي لمؤتمر "نحو سلام مستدام وديمقراطية في اليمن"، التأكيد على التمسك بوحدة اليمن والنظام الجمهوري بلا تفريط في السيادة أو انتقاص في مشروع الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية، كما أكد على ذلك مخرجات الحوار الوطني، وكما نصت عليه قرارات مجلس الأمن الدولي. كما أكد البيان الختامي على ضرورة عقد مؤتمر وطني يمني يضم كافة الأطياف اليمنية لإنتاج قيادة يمنية جديدة تعبر عن مصالح الشعب اليمني بآليات تتفق مع روح الدستور اليمني وبتوافق وطني شامل لقيادة المرحلة القادمة للبدء في مفاوضات السلام، وحقه في دولة اتحادية مدنية ديمقراطية يحكمها القانون وتضع حقوق الإنسان والعدل والمساواة أساس وجودها وكينونتها وتدعو المجتمع الدولي إلى تأييد هذا المسعى لأن إنتاج القيادة الحالية وبالآليات التي اتُّبعت أوصل جهود السلام التي يقوم بها المبعوثان الأممي والأمريكي إلى طريق شبه مسدود.
إن مؤتمر "نحو سلام مستدام وديمقراطية في اليمن" يحمل في طياته جانبين أساسيين هما:
الجانب الفكري المتمثل في أنظمة الحكم الرأسمالية، فالمؤتمر عبر عنوانه يسعى للحفاظ على النظام الديمقراطي، وذلك بجعل الحاكمية للبشر حسب ما يحقق مصالح الطبقة الحاكمة ومن يقف وراءهم من الدول الكبرى التي تتصارع على اليمن لموقعه وثرواته والأهم من ذلك عقيدته لتلبيسها على أهل بلد الإيمان والحكمة إن لم يستطيعوا محوها، ولكن أنى لهم ذلك، فقد تكفل الحق تبارك وتعالى بحفظها حتى تعود أحكامها نظاماً للحياة مرة أخرى.
وأما الجانب الآخر فهو الجانب السياسي الذي يسعى من خلاله المؤتمرون ومن يدعمهم، لرعاية شئون أهل اليمن في كل مجالات الحياة بأحكامه وأنظمته، والذي أساسه عقيدة فصل الدين عن الحياة والدولة وصولاً إلى علمانية الدولة، لتحل العلمانية الرأسمالية بديلاً عن الأصل الذي هو عقيدة الإسلام وأحكامه الشرعية.
ونتيجةً لعدم قدرة حسم أطراف الصراع - أمريكا وبريطانيا - الحرب لصالحه، فقد لجأوا إلى اعتماد الفيدرالية - التي لم يطرح مشروعها على مؤتمر الحوار في عام 2013 - كحل وسط للمحافظة على نفوذ بريطانيا العتيق على اليمن، ونفوذ أمريكا الطامعة على اليمن بمشروع التقسيم والتمزيق لما يخدم مصالحهما لحين تغلب إحداهما على الأخرى بعد استراحة يلتقط فيها أهل اليمن أنفاسهم ليعود الصراع من جديد، إلى أن يأذن الله عز وجل بالفرج على المسلمين ومنهم أهل اليمن بالنصر على أعدائهم ودحر نفوذهم والقضاء على نظامهم الذي أهلك الحرث والنسل إلى غير رجعة بإذن الله.
إن القبول بالحوثي في مستقبل اليمن السياسي سواء أكانت اليمن موحدة أو مقطعة الأوصال باسم اليمن الاتحادي، من المخرجات المهمة لهذا المؤتمر، فقد ورد في البيان الختامي ما يلي "إن أي تسوية سياسية مقبلة في اليمن، يجب أن تتأسس على ما تم التوافق عليه في مخرجات الحوار الوطني الذي أنتج مشروع مسودة دستور الدولة الاتحادية قبل أن يتم تقويضه بالانقلاب والحرب، وأن تشمل العملية السياسية اليمنيين كلهم دون استثناء لأن الخروج عن وثيقة الحوار الوطني التي توافق عليها اليمنيون يعني العودة للعوامل والمسببات المنتجة للحروب التي مزقت اليمن منذ عشرات السنين". وهذا ما أخبر عنه حزب التحرير/ ولاية اليمن في نشرة أصدرها بتاريخ 14 أيار/مايو 2015م، عنوانها "المبعوث الأممي الأول خيَّرنا بين القبول بالحوثي أو الحرب فَبِمَ يُخيِّرُنا الثاني؟!" بقوله "إن هذا يعكس مدى توجه أمريكا في التخطيط لإدارة شؤون اليمن، فمهمة المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن تتلخص في تثبيت كرسي الحكم للحوثيين بمنحهم الشرعية بعد تعثرهم في الحصول عليها منذ دخولهم صنعاء في 21/09/2014م، ومن ثم التمهيد للانتقال إلى الحوار مع بقية الفرقاء السياسيين بناء على بنود المبادرة الخليجية ونتائج مؤتمر الحوار، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة لإسكاتهم".
إن مؤتمر واشنطن بحلوله الرأسمالية ومشروعه الاتحادي لا يخدم أهل اليمن وإنما يخدم الغرب الكافر عدو الإسلام وأهله، وإن دعم أمريكا للحوثيين ليس إلا لتحقيق مصالحها فقط. لذلك فالواجب على المسلمين أن لا يركنوا إلى الأمم المتحدة ومبعوثيها، ولا إلى أمريكا ومبعوثها، ولا إلى من مشوا في ركابها، فهم يحققون مصالح الدول الكبرى وبخاصة أمريكا، ولا تزن دماء المسلمين في ميزانهم أي شيء. إن الواجب على المسلمين أن يحملوا أفكار الإسلام وأحكامه ويتحاكموا إلى هذه الأحكام النقية الصافية التي أنزلها الله رب العالمين، لا أن ينقادوا إلى حكم الطاغوت وقد نهوا عنه، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾، وأن يكون عملنا لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة للحكم بالإسلام ونبذ ما سواه. قال رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
رأيك في الموضوع