لا زال الصراع الدولي على اليمن يراوح مكانه، وسيظل كذلك لأن أمر إنهاء الصراع ليس بيد الأطراف المحلية في البلاد، بل إن كل الأطراف اليمنية تعلن صراحةً أنها تنتظر قرار وقف الحرب أو استمرارها من خارج البلاد. فعبد الملك الحوثي يستجدي الحل من الأمم المتحدة ويطالبها بالمساعدات، ويطالب أمريكا وقف عدوانها على اليمن قائلاً إن السعودية والإمارات مجرد أدوات للعدو الأمريكي، على حد تعبيره. وعبد ربه هادي رئيس ما تسمى الشرعية في اليمن ومسئولو حكومته يطالبون بالمساعدات الخارجية لإنقاذ اليمن، وليس آخرها الجولة التي يقوم بها وزير الخارجية في أوروبا التي يطالب فيها بتقديم منح مالية، متجاهلين أن اليمن يمتلك أكبر ثروة باطنية في المنطقة، ويمتلك موقعاً يجعل لموانئه ومطاراته السيطرة على خطوط التجارة الدولية، ويمتلك بحاراً تجعله صاحب القرار في المناورات الاستراتيجية في ممر التجارة العالمية بين القارات القديمة الثلاث، ناهيك عن الثروة المائية الهائلة، إلا أن سفلة القوم من حكام شرعية عبد ربه هادي يتسولون باسم الشعب اليمني بينما يعيش أولئك المسؤولون في الخارج متنعمين بما ينهبونه من أموال البلاد.
بينما يتاجر عيدروس الزبيدي بالقضية الجنوبية خدمةً لأسياده الذين التقطوه من قارعة الطريق ليصبح عبداً لدراهمهم هو وشلّته، الذين يقيمون خارج البلاد. بينما يتلظى بنار العوز والفاقة أهل اليمن، في بلدٍ، حطم ما يسمى تحالف السعودية والإمارات كل شيءٍ فيها، إلا الحوثي، الذي يزعمون أنهم جاءوا لتحرير البلاد من قبضته، فلم تعد في اليمن طرقات ولا جسور صالحة للسير، ولم تعد هناك كهرباء عامة، وتم تحطيم المطارات والمؤانئ أو تحويلها إلى ثكنات عسكرية لكلاب أمريكا من البشر والحيوانات، وتم هدم المدارس والمستشفيات وصارت تعمل برئةٍ واحدة، وبعضها صار طلابها يفترشون الشوارع في الحارات، ولم يعد الطلبة يحصلون على الكتاب المدرسي، وأصبح جل الموظفين بلا مرتبات أو بنصفها، وانقطع تمويل المياه إلى المنازل، وصار الناس يقفون طوابير طويلة في السوق السوداء للحصول على أسطوانة الغاز المنزلي، وفاضت الشوارع بمياه المجاري والقمامات، وصارت شوارع المدن الرئيسية تعج بالمخلفات، وانتشرت الفوضى وأصبحت أخبار القتل يوميةً في وضح النهار، دون معرفة الجناة، وأغلقت المحاكم وتعطلت حياة الناس، وانهارت العملة المحلية وتفشى الغلاء وصار العيش فوق التراب أو تحته سيان لكثير من الناس، ولم تعد مهنة التسول نادرةً في المدن، بل امتلأت الشوارع والجولات والمحال التجارية بالمتسولين، وارتفع معدل الجريمة وأصبح كثير من الشباب يتعاطون المخدرات هروباً من واقعهم.
هذا غيض من فيض ما آل إليه اليمن (السعيد) وذلك بيد قادته عبد الملك الحوثي وعبد ربه منصور وعيدروس الزبيدي ومن لف لفيفهم، وبيد السعودية والإمارات اللتين أبدعتا في تحطيم كل شيءٍ في البلاد. أقول كل شيءٍ بما فيه الإنسان اليمني ذاته، بدعوى محاربة الحوثي الذي أصبح أقوى كثيراً مما كان، وها هو يحاصر آخر معقل شمالي بيد عبد ربه هادي، وهو مدينة مأرب التي يستبسل حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) في الدفاع عنها، حرصاً على مصالح بريطانيا المتبقية في البلاد.
ولهذا ومع تأخر حسم معركة مأرب لصالح الحوثيين، لجأت أمريكا للتقارب الإيراني السعودي، لفرض تسوية ما، تحافظ من خلالها على الحوثيين في حكم البلاد. فقد صرح مساعد وزير الخارجية الإيراني علي رضا عنايتي السبت 4 أيلول/سبتمبر الجاري 2021م في مقابلة نشرتها صحيفة "اعتماد"، أن إطلاق المحادثات مع السعودية كان قراراً مبدئياً من القيادة الإيرانية. (مأرب برس)، ونوّه المسئول الإيراني بقرب عقد الجولة الرابعة من المباحثات بين السعودية وإيران في بغداد. وهذا التقارب الإيراني السعودي يأتي لإحكام الكماشة الأمريكية على اليمن، وتقليص النفوذ البريطاني المتمثل في عبد ربه هادي والأحزاب المحيطة به من جهة، وفي عيدروس الزبيدي المقيم في أبو ظبي ليكون الخطة (ب) للانقضاض على الجنوب اليمني في حال سقوط مأرب بيد الحوثيين.
يا أهلنا في اليمن: لقد ثبت لكم يوماً بعد يوم أنه لا خير في تلك القيادات العميلة للغرب، وليس أمامكم إلا الالتفاف حول العاملين المخلصين لإقامة الخلافة في اليمن لتشمل فيما بعد الأمة الإسلامية رافعةً راية الإسلام لتحرير الناس من بؤس الرأسمالية، فقد بشّر نبي الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وقد لاحت في الأمة الإسلامية تباشير قربها.
رأيك في الموضوع