أعلن الرئيس الأمريكي السابق ترامب في 13/8/2020 أن دويلة الإمارات وكيان يهود سوف يوقعان اتفاقا تاريخيا في 15/9/2020م. وفعلا تم هذا الاتفاق الخياني وأعلن عنه، والحقيقة أن الإمارات أعلنت الفاحشة بعد أن كانت سرا كما هو دأب الأنظمة الحاكمة الآثمة والجاثمة على صدور الأمة الإسلامية التي تخدم كيان يهود وتحافظ عليه منذ قام الكافر المستعمر بتنصيب هؤلاء الرويبضات حراسا ونواطير لدويلات سايكس بيكو وكيان يهود المسخ وحماية مصالح المستعمر، والحرب على الإسلام، ومنع إقامة دولة الإسلام دولة الخلافة التي توحد بلاد المسلمين.
وفي هذا السياق وصل وزير خارجية يهود يائير لابيد الثلاثاء 29 حزيران/يونيو 2021، إلى الإمارات في زيارة رسمية تستغرق يومين، هي الأولى لوزير في كيان يهود منذ أن أقام البلدان علاقات دبلوماسية العام الماضي. ونشر لابيد على تويتر صورة له وهو على متن الطائرة واصفا الزيارة بأنها "تاريخية".
ليس غريبا أن تقيم الإمارات أو غيرها من مثل مملكة آل سعود وتركيا ومصر علاقات مع كيان يهود سرا أو جهرا بهدف إضفاء الشرعية عليه بعد أن ظل لأكثر من 73 عاما وهو يوصف بأنه جسم غريب في جسد الأمة الإسلامية. فكيان يهود وهو يشعر بالغربة والعزلة والكره والرفض الدائم والمستمر له من المسلمين كشعوب وليس كحكام يحتاج إلى اعتراف من هذه الشعوب وليس من الحكام فقط، وهذا الذي لم يحققه حتى الآن ولن يحققه بإذن الله؛ ذلك أن قضية الأرض المباركة فلسطين هي قضية المسلمين جميعا وفقا لأحكام الشرع الإسلامي الحنيف الذي قضى بأن أرض فلسطين هي أرض خراجية رقبتها لبيت مال المسلمين ومنفعتها للمسلمين جميعا ولا يجوز لأحد أياً كان أن يتنازل عن شبر منها. وكذا تعريف الأرض الإسلامية فهي كل أرض فتحها المسلمون عنوة أو أسلم عليها أهلها أو صولح المسلمون على خراج يؤدونه لهم أو دخول أهل البلد في حكم الإسلام على أن يلتزموا بالنظام العام الذي تفرضه دولة الإسلام ويؤدون الجزية للمسلمين ويوفون بشروط الصلح لأنه عقد واجب الوفاء به والالتزام بأحكامه وشروطه.
فأرض فلسطين هي أرض إسلامية كما هي أرض الأندلس وكما هو الخليج الإسلامي (العربي) فلم يعد له قيمة تاريخية أو ما يسمى بالحق التاريخي بعد أن أصبغ الإسلام عليه صبغة شرعية. فالإسلام جاء ناسخاً لجميع العقائد والمفاهيم السابقة له وكذا جاء ماحيا لجميع العلاقات الفاسدة والعادات الجاهلية البالية. لقد صاغ الإسلام الحياة كلها صياغة جديدة لم يعد هناك أي اعتبار لغيره من الأديان أو العقائد أو المفاهيم السابقة له أو المبادئ والأنظمة اللاحقة، سواء اشتراكية شيوعية أو رأسمالية ديمقراطية، ولا قيمة لها أمام أحكام الإسلام العظيمة. ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
والحكم لله في كل شؤون الحياة، فما حكم به الله التزم به جميع الناس لأنه الحق وما عداه الباطل، قال تعالى: ﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾. بناء على هذه المفاهيم الأساسية في الإسلام كان الاعتراف بكيان يهود مخالفاً للإسلام وكان التطبيع معه هو من باب الموالاة، وموالاة يهود الغاصبين والنصارى المتآمرين محرم تحريما قاطعا بقول الحق تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
والغاية التي يريد كيان يهود تحقيقها هي الاعتراف أولا من أهل فلسطين كموقف واحد وجهة واحدة موحدة علمانيين وإسلاميين ثم الاعتراف من العرب ثم الاعتراف من المسلمين الآخرين العجم من مثل مسلمي تركيا وإندونيسيا وباكستان وغيرها من الكيانات الكرتونية القائمة في البلاد الإسلامية.
ولا يخفى أن دبي هي مركز اقتصادي كبير لجميع الشركات الكبيرة والعابرة للقارات سواء شركات البترول أو الاتصالات أو البنوك الكبيرة، وهذه العمليات الاقتصادية مربوطة بيهود، ويهود لهم استثمارات كبيرة في دبي منذ أنشأت بريطانيا الكيانين الإمارات وكيان يهود. فالإمارات هي خادم لبريطانيا في المنطقة كما هي في جنوب اليمن وليبيا، لهذا فإن اعتراف الإمارات بكيان يهود وتطبيع العلاقات معه هو فتح الباب على مصراعيه للقاء العرب ويهود في دبي، وستكون سفارة يهود في الإمارات هي مركز ووكر تنسيق مع الحكام الخونة في البلاد الإسلامية ووكر تجسس على العاملين للتغيير من المخلصين من أبناء الأمة. وهذا هدف استراتيجي يريده كيان يهود مع باقي الأهداف السياسية والاقتصادية والثقافية في المنطقة، ودويلة الإمارات ما هي إلا أداة يمرر عبرها المكر والخبث والمخططات لضرب الأمة مثلها مثل غيرها من الدويلات الكرتونية ولكن بوقاحة وسفور. أضف إلى ذلك وجود المحفل الماسوني في الإمارات والتخطيط والتآمر على الأمة الإسلامية من هناك. فواجب الأمة الإسلامية هو قلع مراكز الماسونية وأوكار الخيانة والتآمر والتجسس بإسقاط الأنظمة العميلة وإقامة الخلافة الراشدة الثانية وإعادة سلطان الأمة المغصوب وتحرير جميع بلاد المسلمين المحتلة ونشر دين الله إلى العالم بالدعوة والجهاد، وتعود أمة الإسلام كما كانت خير أمة أخرجت للناس.
بقلم: المهندس ناصر عبد الغني – ولاية اليمن
رأيك في الموضوع