قرر رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان، منح منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حكماً ذاتياً، وذلك وفق مرسوم دستوري أصدره الأحد 20 حزيران/يونيو 2021. فيما حدد المرسوم الدستوري أن يكون نظام إدارة المنطقتين وفقاً لما جاء في المادة (8) من الباب الثالث/الفصل الثالث الخاص بالترتيبات الشاملة الواردة في اتفاق جوبا لسلام السودان، بحسب ما نشرته وسائل إعلام سودانية. وفقاً لنص المادة اتفق الطرفان على أنه دون المساس بوحدة السودان شعباً وأرضاً أو السلطات الحصرية أو المشتركة أو المتبقية، تتمتع المنطقتان بحكم ذاتي تمارس فيه السلطات المنصوص عليها في هذا الاتفاق.
كما حدّدت المادة السابعة من الفصل والباب نفسه، (تعريف المنطقتين)، حيث جاء في البند (7/1)، (ولاية/ إقليم النيل الأزرق بأنّه يعني ولاية النيل الأزرق الحالية وما تنص عليه بنود هذا الاتفاق). وجاء في البند (7/2)، (ولاية جنوب كردفان/ جبال النوبة يعني ولاية جنوب كردفان/ جبال النوبة الحالية وما تنص عليه بنود هذا الاتفاق). (عربي بوست 20/06/2021).
وفي 31 آب/أغسطس 2020 أكد مصدر لسكاي نيوز عربية أن اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية والمقرر توقيعه في جوبا عاصمة جنوب السودان، يتضمن حكما ذاتيا لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان على أن تقسم موارد ومداخيل المنطقتين بنسبة 60% للسلطة الفيدرالية و40% للمحلية. ووفقا للمصدر آنذاك فإن من أبرز بنود الاتفاق منح 25% من مقاعد مجلس الوزراء ومثلها في التشريعي و3 في السيادي للجبهة الثورية. ويتضمن الاتفاق تمديد الفترة الانتقالية في السودان 39 شهرا إضافيا تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق أي من أول أيلول/سبتمبر 2020. وبدأت الفترة الانتقالية في السودان في النصف الثاني من عام 2019 بعد أشهر قليلة من سقوط نظام المخلوع عمر البشير بثورة شعبية في نيسان/أبريل من العام نفسه، وكان مقررا أن تستمر 39 شهرا منذ ذلك التاريخ.
ومن بين بنود الاتفاق أيضا تحديد فترة 39 شهرا لإنهاء عمليات دمج وتسريح القوات التابعة للحركات المسلحة ضمن إجراءات عديدة تضمنتها بنود الترتيبات الأمنية. وقد أوردت سكاي نيوز مقالا للكاتب الصحفي إسماعيل محمد علي في 15 تموز/يوليو 2020 تحت عنوان: (الحكم الذاتي قد يمهد لانفصال جنوب كردفان والنيل الأزرق) قال فيه (دخلت منطقتا النيل الأزرق، وجنوب كردفان منذ عام 1985 في حرب ضد الحكومة المركزية في الخرطوم، قادها بعض شباب المنطقتين تحت مظلة "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة جون قرنق احتجاجاً على التهميش التنموي والسياسي، ولم تتوقف الحرب إلا في عام 2005 بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا الكينية، التي انفصلت بموجبها دولة الجنوب عن السودان، لكن نظراً إلى عدم مخاطبة الاتفاقية جذور المشكلة في هاتين المنطقتين، فضلاً عن إهمال طرفي الاتفاقية تنفيذ البروتوكولات الخاصة بالترتيبات الأمنية، والخلاف بشأن نتائج الانتخابات التكميلية في جنوب كردفان، وانسحاب الحكومة السودانية من الاتفاق الإطاري الذي وقعته مع حاكم ولاية النيل الأزرق آنذاك، مالك عقاري العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تجددت الحرب في المنطقتين في مطلع حزيران/يونيو 2011.
وتم أخيراً في إطار مفاوضات السلام الجارية حالياً بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، برعاية دولة جنوب السودان، التوصل إلى اتفاق يمنح منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، حكماً ذاتياً لامتصاص الغبن التاريخي المتجذر لدى سكان المنطقتين، ما اعتبره البعض خطوةً جريئة قد تقود إلى انفصال المنطقتين، كما حدث لدولة الجنوب).
إن الغرب الكافر وبالأخص أمريكا تتبنى تفتيت السودان عبر الاتفاقيات المشؤومة التي يتبناها وينفذها العملاء المأجورون الذين باعوا دنياهم بدينهم. أوردت قناة الجزيرة نت في 2/5/2016 ما يلي: (ويتفق المحلل السياسي عمر عبد العزيز مع اللواء مرسال في أن المتمردين يرمون إلى رفع سقفهم التفاوضي، لكنه يرى أن الحركة الشعبية لا تملك إرادتها السياسية، وهناك قوى خارجية إقليمية ودولية تقف وراءها "وهي من تملي عليها طرح الحكم الذاتي للمنطقتين"). وقال عبد العزيز للجزيرة نت إن الحركة الشعبية لم تعد تشكيلا سياسيا ذا تأثير، وبالتالي لا تستطيع إلا الرجوع إلى هذه القوى لتنفيذ ما تصبو إليه.
فيجب على أهل السودان أن ينبذوا هؤلاء الحكام، وكذلك الحركات المسلحة، فما هم إلا أدوات بيد الغرب الكافر يحركهم كيف يشاء ومتى يشاء، فهم لا يمثلون الأمة ولا يشبهونها، فأصبح التآمر سلعتهم وديدنهم ويزعمون أنهم ينالون به رضا أسيادهم.
بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع