تمر علينا في هذه الأيام ذكرى أليمة على قلوب المسلمين جميعاً؛ ذكرى هدم دولة الخلافة على يد المجرم مصطفى كمال عميل الإنجليز قبل قرن من الزمان. نعم، مائة عام ونحن نُحكم بأنظمة الكفر والقهر والجور، متخبطين في دياجير الظلم والظلام، يتطاول فيها أراذل الحكام، من عملاء الغرب ووكلائه، على خير أمة أخرجت للناس!
ولكن ليل القهر والقمع سينتهي، وها هي تباشير فجر الخلافة تلوح للسالكين، فقد قيّض الله لهذه الأمة رائداً لا يكذب أهله، يحمل للمسلمين مشروع خلاصهم لإعادة عزهم المفقود ومجد دولتهم الذي آن له أن يعود. فعاد الشوق للحكم بالإسلام، واتقد حماس المسلمين وازداد وعيهم على مكر الغرب وأساليب محاربته لهم ولدينهم، وعلى وجوب الحكم بالإسلام كاملاً عبر دولة الخلافة، التي بات ذكرها والخوف من عودتها يقض مضاجع الكافر المستعمر، وما فتئ قادته ومفكروه ومراكز أبحاثه يطلقون التحذير تلو التحذير من خطر عودتها، في محاولة يائسة بائسة للحيلولة دون إقامتها، لأن عودتها تعني بداية أفول حضارة الغرب وتقدم حضارة المسلمين عبر بزوغ فجر دولتهم من جديد.
وفيما يلي غيض من فيض التصريحات حول هذا الموضوع:
قال جورج بوش رئيس أمريكا الأسبق: "هناك استراتيجية لدى مسلمين تهدف إلى إنهاء النفوذ الأمريكي والغربي في الشرق الأوسط، وعند سيطرتهم على دولة واحدة سيستقطب هذا جموع المسلمين ما يمكنهم من الإطاحة بجميع الأنظمة في المنطقة وإقامة إمبراطورية أصولية إسلامية من إسبانيا وحتى إندونيسيا".
وقال بومبيو وزير خارجية أمريكا السابق: "إن أخطر ما نواجهه اليوم هو أولئك الذين يؤمنون بالإسلام كطريقة عيش ومنهج حياة".
أما رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير فقد قال: "إننا نجابه حركة تسعى إلى إزالة دولة (إسرائيل)، وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تحكّم الشريعة الإسلامية في العالم الإسلامي عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسلامية".
أما وزير داخلية بريطانيا السابق، تشارلز كلارك فقال: "لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات حول إعادة دولة الخلافة ولا مجال للنقاش حول تطبيق الشريعة الإسلامية".
ويقول الجنرال ريتشارد مايرز القائد السابق لقوات التحالف الصليبية المشتركة في العراق: "إن الخطر الحقيقي والأعظم على أمن الولايات المتحدة هو التطرف الذي يسعى لإقامة دولة الخلافة كما كانت في القرن السابع الميلادي".
وقال رئيس روسيا بوتين: "إن الإرهاب الدولي أعلن حرباً على روسيا بهدف اقتطاع أجزاء منها وتأسيس خلافة إسلامية".
وقد عبر عن مخاوف بوتين أيضاً وزير خارجيته لافروف مرات عديدة، ومن على منبر الأمم المتحدة، حيث أكد مراراً أن تدخل روسيا في سوريا كان للحيلولة دون قيام خلافة إسلامية، حيث قال: "كادت محاولة تغيير النظام بالاعتماد على المتطرفين تؤدي إلى تقسيم البلد وظهور خلافة إرهابية في مكانه"، وتابع قائلاً: "إن الإجراءات الناشطة من قبل روسيا واستجابة لطلب الحكومة السورية، والمدعومة بالخطوات الدبلوماسية في إطار عملية "أستانة"، ساعدت في الحيلولة دون تحقيق هذا السيناريو القاتل". وقال أيضاً: "الآن المهمة تكمن في عدم إضاعة المزيد من الوقت، وجلب الحكومة السورية إلى طاولة المحادثات مع المعارضة العاقلة التي لا تفكر في إقامة خلافة على الأراضي السورية ولا تسعى إلى الاستيلاء على السلطة، والتي تفكر في مصير البلاد ووحدتها وبقائها علمانية"، وتابع: "لا أستثني المعارضة المسلحة من المشاركة في المؤتمر إن لم يكن لديها معتقدات راديكالية وإرهابية".
أما الهالك وليد المعلم، وزير الخارجية السوري السابق، فقد راح يصرخ محذراً عام 2013 من أن "من يطالبون بإقامة دولة الخلافة الإسلامية لن يقفوا عند حدود سوريا، وأن ما نقوم به هو دفاع عن الأردن ولبنان وتركيا".
فيما قال السيناتور الجمهوري الأمريكي بات بوكانان: "مسألة عودة الإسلام كنظام حياة مجرد وقت لا أكثر، الحقيقة أن أمريكا وجيوشها وترساناتها لا تستطيع مقاومة الحضارة القادمة لأن ثبات الإسلام وقدرته على الاحتمال مبهرة حقا، فقد تمكن من الصمود خلال قرنين من الحروب المتلاحقة بل تصدى للشيوعية بسهولة عجيبة، وما نراه الآن أنه يقاتل أمريكا آخر قوة عالمية كبرى".
أما زينو باران، مديرة قسم الأمن الدولي في مركز نيكسون، فتقول: "إن حزب التحرير هو الحزب الوحيد الذي يتحدث عن الخلافة بمفهوم جامع لكل الأمة"، وتضيف: "يجب على الدول الغربية أن تتفق على منع الحزب عن العمل وتوصي بأن أفضل الحلفاء للغرب في هذا الصراع هم المسلمون المعتدلون، ويجب إعطاؤهم مساحة سياسية كي لا يبقى الإسلام أسيرا في أيدي المتطرفين".
ويقول البروفيسور تسيفي سفر المحاضر في العديد من الجامعات الأمريكية واليهودية يوم 26/1/2018: "في غضون عقد من الزمان ستتوقف أمريكا عن لعب أي دور خارجي، وذلك لأول مرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية مما يفسح المجال أمام بروز الإمبراطورية الإسلامية" وجزم بأن "الإسلاميين هم من سيتولى حسم مصير العالم خلال عشرات السنين القادمة ويقررون ما يدور فيه".
إذاً، فقد أدرك بعض مفكري الغرب حقيقة الأمر، فقالوا "بضرورة التعايش مع الخلافة الإسلامية لأنه لا مناص من عودتها" ومنهم المحلل المشهور جون شيا الذي وجه رسالة لأوباما يوم 11/1/2010، حيث طالبه فيها "بفتح مصالحة مع الخلافة الخامسة التي لن تستطيع القوات الأمريكية الوقوف في وجهها أو مجابهتها"، وقال: "الحقيقة الجلية هي أنه لا يستطيع أي جيش في العالم ولا أي قوة عسكرية مهما بلغت درجة تسلحها أن تهزم فكرة عقائدية، يجب أن نقر بأننا لا نستطيع أن نحرق قادة هذه الفكرة في كل بلاد الشرق الأوسط ولا أن نحرق كتبها أو ننشر أسرارها، ذلك لأن هناك إجماعا بين المسلمين على هذه الفكرة، إن الشرق الأوسط يواجه اليوم القوة الاقتصادية الموحدة للدول الأوروبية، هذا صحيح، لكن علينا أن نعرف أنه في الغد سيواجه الغرب القوة الموحدة لدولة الخلافة الخامسة".
إن ما سبق من تصريحات يمكن أن يكون رداً على من يمتهنون تثبيط همة الأمة وعزيمتها ممن يزعمون أنهم علماء ومشايخ ومفتون وباحثون! حيث يحاولون عبثاً ترويج أن فكرة الخلافة قد ماتت وأنها لا تمثل أكثر من حلم يدور في مخيلة بعض الناس! مع سعيهم الخبيث لإقناع الأمة بالاستسلام لفكرة الدولة الوطنية والقومية المصطنعة حديثاً في البلاد الإسلامية، ما يرسخ المشروع الاستعماري الغربي الذي يدأب على محاربة الخلافة والتحذير من خطرها على حضارته الزائفة، ولكن خاب فألهم وطاش سهمهم، فقد أدركت الأمة أن خلاصها هو بالإسلام ممثلاً بدولة واحدة يحكمها خليفة المسلمين بشرع الله لا بأنظمة الكفر.
وختاماً، فإننا نهيب بشباب الإسلام وعلمائه وأهل القوة والمنعة في بلاد المسلمين أن يحملوا على أكتافهم مشروع الإسلام الخلافة على منهاج النبوة، وأن ينصروا حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله لنقيم معاً دولة الإسلام، ولننعم بحكم الإسلام وعدله وعزته من جديد، ففي ذلك عز الدنيا ونعيم الآخرة بإذن الله، ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا
رأيك في الموضوع