استقبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الخميس 23/01/2020، سفاح الشام، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، بعد مشاركته في منتدى ينظمه كيان يهود الغاصب حول (الهولوكوست). وقال عباس خلال استقباله بوتين إن "هذه الزيارة سواء إلى فلسطين أو إلى موسكو مهمة بالنسبة لنا، من أجل التشاور في كافة القضايا التي تهمنا"، معربا عن شكره لبوتين على دعم الشعب الفلسطيني سياسيا واقتصاديا وثقافيا وماليا وأمنيا.
من الواضح أنّ السلطة الفلسطينية تصرفت بصلف ووقاحة في موضوع استقبال بوتين ورموز الاستعمار الآخرين، وهذا أمر غير مستغرب من السلطة التي اعتادت على أن تبقى أداة بيد الاستعمار وخادما لأعداء الأمة من كل حدب وصوب.
فمن جانب لم تأبه السلطة إلى كون بوتين صاحب سجل إجرامي كبير بحق الأمة الإسلامية بل إن يديه تنهمر منها دماء المسلمين في اللحظة التي صافح فيها عباس، حيث بوحشيته ووحشية جيشه هجر ملايين السوريين وقتل مئات الآلاف منهم، نساء وأطفالا وشيوخا، بل وطيرانه قد هدم البيوت والمساكن على رؤوس المسلمين العزل وأطفالهم الرضع، وحشية يشهد لها القرن، وعداوة عميقة منه ومن دولته للإسلام والمسلمين، يشهد عليها أطفال المسلمين في الشيشان وشبه جزيرة القرم، وما زالت وحشيته تطارد المسلمين في روسيا وأوكرانيا وشبه جزيرة القرم، وحديثا ألحق بها جرائمه في ليبيا حيث أرسل جيوشه وشركات القتل المأجورة لتفتك بالمسلمين في ليبيا وتجرم بحق أهلها، تحقيقا لغاياته الاستعمارية الإجرامية.
وليس الأمر متوقفاً على بوتين بشخصه، بل روسيا والاتحاد السوفياتي من قبله، يناصبون الأمة أشد العداء، وقد فتكوا بالمسلمين المستضعفين في أفغانستان وآسيا الوسطى، بل ويشهد عليهم الملايين من أطفال المسلمين الذين قتلهم ستالين في صحراء سيبيريا.
إن السلطة لم تكترث بهذا السجل الإجرامي الحافل بالوحشية، واعتبرت نفسها وكأنها شيء آخر غير الأمة الإسلامية، مع أنّ رسول الله e قد أكد وبصريح العبارة على وحدة الأمة وكونها جسدا واحدا وأمة واحدة من دون الناس، حيث قال: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ»، والله سبحانه وتعالى جعل موالاة اليهود والنصارى جريمة نكراء وصل إلى حد اعتبار من يفعل ذلك وكأنه بات منهم، حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
وعلى صعيد قضية فلسطين، فالاتحاد السوفياتي كان من أوائل المعترفين بكيان يهود، وما زالت دولته لغاية الآن تؤكد على حرصها على مصالح وأمن يهود مرارا وتكرارا، فقد صرح مستشار الأمن القومي الروسي، نيكولاي بتروشوف، قبل ستة أشهر قائلا، "إنّ أمن (إسرائيل) هو مصلحة روسية"، وأكد على أن روسيا تولي أهمية خاصة لأمن (إسرائيل)، بل حتى زيارة بوتين هذه إلى فلسطين بدأها بزيارة مناصرة ومؤازرة للكيان الغاصب في ذكرى المحرقة. فروسيا لا يعتبرها أحد مناصرة لفلسطين أو لقضيتها إلا من كان أعمى البصر والبصيرة. ومع ذلك استقبله عباس وزمرته استقبال الصديق.
وكذا الأمر في استقبال ماكرون رئيس فرنسا الدولة الاستعمارية التي لا تقل جرما عن روسيا، والذي استقبلته السلطة بحفاوة وسرور بالغين، دون أن تأبه لتاريخ فرنسا الإجرامي والاستعماري بحق الأمة الإسلامية، في سوريا والجزائر ومصر والمغرب والبوسنة وأفريقيا الوسطى ومالي، ودون أن تلتفت إلى تصريحه الوقح الذي قال فيه: "إن معاداة الصهيونية وإنكار حق (إسرائيل) في الوجود هو معاداة للسامية". ومثل بوتين وماكرون في الإجرام، زعماء بريطانيا صاحبة وعد بلفور المشؤوم، والأم الرؤوم لكيان يهود الغاصب. حيث استقبلت السلطة أيضا الأمير تشارلز.
فالسلطة باستقبالها المخزي لأعداء الأمة وفلسطين، لم تأبه لا بالحقائق القرآنية والإيمانية ولا بالحقائق الواقعية ولا بالتاريخ القريب، وفوق ذلك عندما أعلن حزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين عن عزمه تنظيم وقفة حاشدة رافضة لزيارة المجرمين وعلى رأسهم السفاح بوتين، قاتل أطفال الشام، في رام الله، الثلاثاء 21/01/2020، استنفرت السلطة قواها وأجهزتها الأمنية لمنع الوقفة، فأغلقت رام الله والطرق المؤدية لها، ونصبت الحواجز على مداخلها، وعلى مخارج المدن الأخرى للحيلولة دون تجمع الحشود، واحتجزت المئات على الحواجز في البرد القارس، وعسكرت دوار المنارة المكان المعلن عنه ليكون مكان الوقفة. فنجحت في منع الوقفة بعد أن قرر الحزب إلغاءها بسبب تلك الإعاقات والإجراءات. ولكن إصرارا من الحزب على إيصال رسالة الرفض والإنكار لاستقبال هذا المجرم، عقد الحزب وقفة حاشدة بديلة يوم الخميس 23/01/2020 على دوار المنارة برام الله، لتصدح الحشود بعبارات الشجب والاستنكار لاستقبال بوتين في فلسطين بأصوات مزلزلة، لا يمكن إلا أن تكون قد قرعت آذان السلطة وقياداتها وبوتين نفسه، ليعلم بأنه غير مرحب به في الأرض المباركة، وأنه عدو للمسلمين جميعا وليس لأهل الشام فقط.
أما السلطة الفلسطينية، فقد أبت إلا أن تشهد على نفسها بالخزي والعار وموالاة أعداء الأمة، وهي تتعلق بحبال المستعمرين ظنا منها أنهم سينفعونها في شيء، ولكن خاب ظنهم وصدق الله القائل: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾. أما أهل فلسطين فقد أكدوا على أنهم يعتبرون روسيا لا تقل عداوة لهم عن كيان يهود قاتل الأطفال في الضفة وغزة. وأن بوتين وماكرون وتشارلز لا يقلون جرماً عن نتنياهو أو ترامب.
رأيك في الموضوع