بعد المظاهرات التي اجتاحت مدن وسط وجنوب العراق، تحركت أخيراً حكومة عادل عبد المهدي وأعلنت الحداد ثلاثة أيام ابتداءً من الخميس 10/10/2019 وأعلن رئيس الوزراء عن تشكيل لجنة تحقيق لكشف ومحاسبة المعتدين على المتظاهرين والذي تسبب في قتل أكثر من مائة وإصابة الآلاف، وأعلن كذلك عن إحالة عدد من المسؤولين السابقين للتحقيق بتهم الفساد.
وفي إطار تهدئة المتظاهرين تم الإعلان عن عدد من الإجراءات منها: فتح التقديم للتسجيل على منحة مقدارها 150 ألف دينار شهرياً ولمدة ثلاثة أشهر للعاطلين عن العمل، وتوفير عدد من الأراضي السكنية لتوزيعها على المحتاجين، وإعادة المفسوخة عقودهم، وغيرها من القرارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ويؤيد ذلك قول النائبة في البرلمان منى العبيدي التي صرحت بأن البرنامج الحكومي يراوح في مكانه ولا يوجد أي تقدم فيه.
والحكومة التي لم يكتمل تشكيلها لحد الآن، حيث تم في الاجتماع الأخير لمجلس النواب الموافقة على تعيين وزيرين أحدهما للصحة والآخر للتربية، هذه الحكومة لم تقدم أصلاً برنامجاً لعملها.
إن المظاهرات التي اندلعت يوم الثلاثاء 1/10/2019 ليست وليدة يومها، وإنما هي امتداد لمظاهرات عديدة في مناطق مختلفة من العراق منذ سنوات، ومطالب المتظاهرين تكاد تكون واحدة وتتلخص في أمرين أساسيين هما: تحسين الخدمات التي تقدمها الدولة في مختلف المجالات من كهرباء وماء وصحة وتعليم وخدمات بلدية وغيرها، ثم توفير فرص عمل للعاطلين الذين يزداد عددهم كل عام ولا أمل في حل مشكلتهم.
ولم تستجب الحكومات المتعاقبة يوماً لمطالب المتظاهرين وإنما كانت تتخذ أقسى الوسائل لقمعهم وإنهاء تظاهرهم ودائماً هناك قتلى وجرحى نتيجة قمع هذه التظاهرات، أو احتواء التظاهرات وتسويف مطالبها وتهدئة المتظاهرين لفترة من الزمن كما حصل قبل سنتين عندما احتوى مقتدى الصدر المظاهرات وشارك المتظاهرين باقتحام المنطقة الخضراء ثم يوماً بعد يوم انتهت تلك التظاهرات دون تحقيق أي نتيجة.
أما مظاهرات الأول من تشرين الأول فكانت أكبر من قدرة الحكومة على احتوائها أو القضاء عليها لأنها شملت محافظات عديدة من بغداد نزولاً إلى البصرة وبأعداد هائلة.
إن الأحزاب التي جاءت إلى السلطة واستلمت مقاليد الأمور هي أحزاب ذات طابع مصلحي، وزعماؤها ليسوا رجال سياسة، وإنما هم مجموعة من العملاء سلطتهم أمريكا لإدارة شؤون البلاد وبالتنسيق مع إيران، فحولوا البلاد إلى مقاطعات تم توزيعها بينهم وتوزيع الثروات حسب قوة كل حزب ومقدار ولائه لأمريكا، وقامت هذه الأحزاب بإنشاء عدد كبير من المليشيات المسلحة لكي تقوم بقمع الناس واعتقالهم وتهجيرهم حسب مصالح الطبقة الحاكمة، وتكميم الأفواه وإزهاق الأرواح عند الضرورة لمنع أي تحرك من الناس للمطالبة بحقوقهم أو توفير لقمة العيش لهم ولذويهم. ولكن نسي هؤلاء أو تناسوا أن الظلم لا يدوم وأن الضغظ يولد الانفجار وأن الدماء التي سالت ليس من السهل مسحها ومحو آثارها.
إن ما جرى في العراق هو امتداد لما يجري في المنطقة من رفض لتسلط المجرمين والعملاء على رقاب الناس، وإن التحرك الحقيقي الذي يحقق مصالح الأمة هو باتجاه قلع هؤلاء العملاء وتغيير الأنظمة الفاسدة والعودة إلى نظام الإسلام؛ النظام الذي ارتضاه رب العباد لعباده ليرتقي بهم ويحقق لهم النهضة الحقيقية وليعودوا كما كانوا أمة عزيزة كريمة هي خير الأمم، وتعود دولتهم الدولة الأولى في العالم في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة يقودها خليفة راشد يعمل بقول رسول الله e «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» ويوفر حاجاتهم الأساسية من المأكل والملبس والمسكن، والتعليم والتطبيب والأمن، ويسعى بعد ذلك لتوفير الحاجات الكمالية حسب أقصى إمكانيات الدولة، وهذه هي دولة الخلافة التي تطبق أحكام الإسلام في الداخل وترعى مصالح رعاياها وتحمل الخير والهدى بدعوة الإسلام إلى العالم، ويصدق عليهم حينها قول الله عز وجل: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾.
رأيك في الموضوع