لا زال بعض الناس وخاصة المؤيدين لعاصفة الحزم يظنون في سلمان خيراً ويصدقون أن عاصفته جاءت لاقتلاع الحوثيين والقضاء عليهم وإعادة ما تسمى بشرعية هادي إلى السلطة التي أخرجه منها الحوثيون بدعم من إيران ولا زال! بعض معالم الصراع الإنجلو أمريكي غير واضحة لدى بعض الناس بسبب التضليل الإعلامي المتعمد من طرفي الصراع؛ فإعلام كل طرف يركز على ألا يعرف أتباعه حقيقة العاصفة المشؤومة، فإعلام الحوثي يعزف على وتر العدوان ومظلومية أهل اليمن ويستنهض المشاعر الوطنية ويعمل على تجييشها لدفع الناس للقتال معه مستخدما الترويج الحماسي في وسائله الإعلامية ومنابره المختلفة، وفي الوقت نفسه يحرص على ألا يعرف أتباعه خاصة والناس عامة أن عاصفة الحزم جاءت لبناء حاضنته الشعبية وتصويره بطلا وعملاقا لا يقهر.وكذلك فإن إعلام التحالف بمختلف تياراته يعزف على وتر تحرير اليمن من قبضة مليشيات الحوثي ذراع إيران في اليمن وإعادة شرعية هادي التي سلبها منه الحوثيون ففر هاربا يستنجد بحكام آل سعود وحكام الخليج،والحقيقة هي أن الداعم الأساسي للحوثيين هي أمريكا، إلا أن شعار الحوثيين (الموت لأمريكا) الذي يرددونه يوميا يخفي تلك الحقيقة. فهذه الحقيقة لا تنجلي إلا للواعين والباحثين عنها بدون تحيز لطرف منهما، لأن أمريكا لا تقوم بتنفيذ الكثير من خططها بنفسها وإنما توكل المهمة لعملائها، وهي تسعى لجعل قوة الحوثيين هي الوحيدة في اليمن إن كان ذلك ممكنا، وإلا فإنها تكتفي بأن تكون هي القوة الأولى والأبرز فيه، ولتحقيق هذا الهدف السياسي فإنها قد أوكلت خطوات الوصول إليه إلى قوتين إقليميتين في المنطقة هما إيران والسعودية.
فإيران تمثل الخط البطيء في جعل الحوثيين قوة في اليمن وقد أوكلت إليها أمريكا القيام بتثقيف الحوثيين وتزويدهم بالسلاح وتدريبهم عليه وصناعة السياسيين ليكون لديهم القدرة على تولي المناصب السياسية عندما تؤول السلطة إليهم، ولذلك فإن إيران تمارس هذه المهمة من عشرات السنين بشكل سري ومدروس ومرتب، ثم بدأ ذلك يظهر عند الناس شيئا فشيئا حتى أصبح دورها مكشوفا للجميع رغم محاولتها إخفاء دورها في دعم الحوثيين.
أما السعودية فهي تمثل الخط السريع في جعل الحوثيين قوة لا يستهان بها، فعن طريق عاصفتها انفردوا بالسلطة وآلت إليهم أسلحة الهالك صالح وجزء كبير من ثرواته.
وإن كان دور إيران يختلف عن دور السعودية، فإيران يعتبرها أتباع الحوثي البسطاء صديقهم الأول الذي يعتمدون عليه في كل تحركاتهم فلا يفعلون شيئا مهم دون مشاورتها فهم يحبونها، بينما السعودية يعتبرونها عدوهم الأكبر ولذلك فهم يكرهونها.
ومع ذلك فإن دور السعودية في منح القوة للحوثيين مكمل لدور إيران، وإن كان هو الذي منحهم النصيب الأكبر في قوتهم وبشكل سريع، فقد نجحت إيران في تدريبهم وأصبحت لديهم القدرة على خوض الصراع مع عملاء بريطانيا بجناحيه أتباع هادي وآل الأحمر وكذلك أتباع صالح،وهنا جاء الدور المكمل وهو دور السعودية وعاصفتها لمنح الحوثيين السلطة والقوة والثروة، وقد ساروا في تحقيق ذلك في خمس خطوات حققوا أربعا منها وهم يتجهزون لتحقيق الخطوة الخامسة، وهي بالترتيب:
- القضاء على القوة التي بيد صالح باعتبارها هي العائق الأول من وصول القوة والسلطة والثروة إلى يد الحوثيين، وقد تحقق لهم ذلك وتم القضاء على أغلبها بمقتل صالح.
- تحجيم دور هادي، فبعد أن وصلت قوات هادي بدعم التحالف إلى نهم على مشارف صنعاء حتى يثق بسلمان أتباعُ هادي ويصبح لديهم أمل كبير وقريب بالقضاء على كابوس الحوثيين، وهنا غدر سلمان بأتباع هادي ومنعهم من التقدم صوب صنعاء منذ أربع سنوات ومن تقدم منهم جهلاً بذلك الهدف جاءت طائرات سلمان ليكون فريستها.
- إبراز قوة الحوثيين أنها القوة الوحيدة التي تدافع عن اليمن وفي الوقت نفسه تبرز أن أتباع التحالف ليسوا سوى مرتزقة خانوا وطنهم الذي أصبح صنما يعبد من دون الله، وهذا كان له الأثر الأكبر في توسع الحاضنة الشعبية للحوثيين وخاصة بعد انفرادهم بالسلطة بعد مقتل صالح.
- إبراز قوة الحوثيين أنها أصبحت قوة مهاجمة ولم تعد قوة مدافعة فقط، فقد تكررت الضربات الصاروخية على السعودية وآخرها كان الهجوم على أرامكو، وأن السعودية لم يعد بمقدورها أن ترد على ضرباتهم وأنها عاجزة أمام جبروت الحوثيين وذلك للوصول إلى الخطوة الأخيرة وهي توقيف الحرب.
- توقيف الحرب واعتراف التحالف وأتباعه بشرعية الحوثيين بعد أن تم تكبير حجمهم بأنهم قوة لا تقهر خاصة بعد الهجوم على أرامكو وعمليات الحوثي العسكرية التي أطلق عليها "نصر من الله" فاستولى على المناطق التي سيطر عليها التحالف طوال سنوات في بضعة أسابيع وقام الحوثيون بدعم أمريكي وبخضوع سعودي، فسيطروا على تلك الألوية في مسرحية هزلية وتم أسر المئات في كتاف بصعدة وفي وادي جبارة، وبالتالي بدأ بعدها حكام آل سعود يدرسون مبادرة المشاط التي أعلن فيها توقيف الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية وطلب منهم أن يوقفوا قصفهم الجوي على اليمن.
ولأن الحوثي وسلمان هما وجهان لعملة واحدة هي العمالة لأمريكا فقد يقبلون بالمبادرة ويعلنون إيقاف الحرب ويعترفون بشرعية الحوثي ويقبلون به شريكا في حكم اليمن مع أتباعهم في حل سياسي شامل تريده أمريكا ولطالما دعا عملاؤها الحوثيون إليه.
إلا أن بريطانيا وعملاءها سيسعون إلى عرقلة الحل السياسي حتى تعترف أمريكا والسعودية بشرعية المجلس الانتقالي وإشراكه في الحل السياسي،وهكذا يبقى اليمن ساحة صراع بين أمريكا وأتباعها وعملائها من جهة وبين بريطانيا وأتباعها وعملائها من جهة أخرى يشتعل تارة ويهدأ تارة ويكون الضحية دائما هم أهل اليمن.
يا أهل اليمن! إلى متى سيستمر الكفار وعملاؤهم في تنفيذ أجندتهم وسفك دمائكم ونهب ثرواتكم وحكمكم بقوانينهم الرأسمالية الفاسدة، وإبعاد الإسلام عن حياتكم وهو وحده الذي فيه خلاصكم؟! إن الواجب عليكم أن تعرفوا حقيقة العملاء وأسيادهم الكفار وأن تتخذوهم أعداء، كما أمركم الله وأن تعملوا لتحكيم شرع ربكم من خلال العمل مع إخوانكم في حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي تعيد سلطانكم المغصوب من أعدائكم وأدواتهم العملاء؛ فتعودوا في ظل خلافتكم أنتم والمسلمون جميعا خير أمة كما كان أجدادكم.
بقلم: الأستاذ شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع