بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال
اتفاق السويد وتداعياته على مأساة اليمن
السؤال:في 18/12/2018 نشر موقع فرانس 24:(اندلعت اشتباكات في مدينة الحديدة باليمن بين القوات الموالية للحكومة والحوثيين بُعيْد دقائق من بدء سريان اتفاق الهدنة المبرم برعاية الأمم المتحدة... فرانس 24 في 18/12/2018)... وفي 17/12/2018 نشر موقع"sputnikعربي": (صرَّح أحد أعضاء وفد جماعة "أنصار الله" بشأن اتفاق السويد بأنه لم يتضمن تسليم ميناء الحديدة أو خروج الحوثيين من المدينة فردَّ على ذلك وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بأن هذه التصريحات تُعدّ بمثابة انقلاب على الاتفاق ذاته الذي لم يجف حبر توقيعه، مشدداً على أن الاتفاق نصَّ على انسحاب المليشيات من الحديدة وموانئها الحديدة والصليف وراس عيسى)...
والسؤال هو: كيف يكون هذا الخلاف في نص الاتفاق ولم يجف حبر توقيعه؟! وكيف تندلع الاشتباكات بُعيْد دقائق من سريانه؟ وإذن فلماذا هذا الترحيب الأمريكي والبريطاني بالاتفاق؟ وهل يتوقع انتهاء مأساة اليمن بهذا الاتفاق؟ وجزاك الله خيراً.
الجواب: قبل الخوض في موضوع اتفاق السويد الذي بدأت محادثاته الخميس الموافق 6/12/2018 وانتهت بالمصافحة الظاهرية في 13/12/2018! قبل ذلك لا بد من إجمال الأوضاع اليمنية على النحو التالي:
أولاً: بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء وطردهم الفعلي لحكومة هادي من العاصمة وسيطرتهم على معظم اليمن أصبحوا في أمسِّ الحاجة لنوع من "الشرعية" لإضفائه على حكمهم. وكانت أمريكا تحاول إكسابهم تلك "الشرعية"... ولكن هذا لم يكن سهلاً، فالوسط السياسي في اليمن موالٍ للإنجليز بشكل كبير، ولذلك كان أكبر ما كانت تطمح إليه أمريكا هو القبول بالحوثيين جزءاً فاعلاً في الخريطة السياسية لليمن، فالحوثيون فئة قليلة في شمال اليمن وخاصة في صعدة، وليس لهم قبول عند عامة الناس لذلك عملت أمريكا على دعم الحوثيين ليصبحوا عنصراً فاعلاً في اليمن بحيث لا يستمر أي حكم دونهم، وكان ذلك بالخطوات التالية:
1- جعلت السعودية تتدخل "عاصفة الحزم" بعمليات جوية ليس للقضاء على الحوثيين، وإلا لأدخلت قوات برية، بل ليظهر الحوثيون مدافعين عن اليمن أمام الطائرات الحربية، فيظهروا مظلومين، وفي الوقت نفسه أبطالاً، فيحصلوا على القبول الشعبي، وعلى الرأي العام...
2- جعلت هادي الرئيس اليمني الموالي للإنجليز، جعلته كالأسير في السعودية ومن ثم يسهل الضغط عليه كلما تطلبت مخططاتها ذلك.
3- أثَّرت على مجلس الأمن لإرسال مبعوثين لليمن من الموالين لها ونجحت في ذلك، فكان جمال بن عمر، وولد الشيخ الموالين لها...
أما بريطانيا، وهي صاحبة النفوذ في اليمن لعشرات السنين، فتعلم بأن الحراك في الجنوب والحوثيين في الشمال هم أدوات أمريكا لاختراق نفوذها الكاسح في اليمن، وبدخول الحوثيين صنعاء وباقي اليمن وحصولهم على دعم عسكري إيراني كبير رأت بريطانيا أن نفوذها في اليمن بدأ يهتز، وخاصة بعد الدور السعودي في اليمن، لهذا سارعت بريطانيا للرد على مخططات أمريكا وأدواتها:
أ- إبراز دور إماراتي لموازاة ذلك الدور السعودي، وفعلاً كان للإمارات دور حاسم في استعادة مدينة عدن وباقي مناطق الجنوب من أيدي الحوثيين، وبواسطة هذا الدور أوجدت حراكاً جنوبياً حيَّدت بموجبه عملاء أمريكا في الحراك وجعلت دورهم ثانوياً، فأمنّت الجنوب.
ب- أدخلت عميلها العريق علي صالح في الشمال على خط الحوثيين فأصبح صاحبهم وفي صفِّهم ليكون للإنجليز دور مع الحوثيين إذا أصبح لهم شأن، وكاد ينجح في مهمته قبل أن يقوموا باغتياله...
ج- عملت جاهدة لإرسال مبعوث أممي موالٍ لها، وقد تمكَّنت من ذلك فتم تعيين البريطاني مارتن غريفيث مبعوثاً دولياً جديداً في اليمن.
ثانياً: كانت بريطانيا تعلم أن ما يقيم صُلب الحوثيين هو الدعم الإيراني، وبعد إغلاق مطار صنعاء والسيطرة على موانئ الجنوب فقد أصبح ميناء الحديدة هو الشريان شبه الوحيد لإيران لكي توصل دعمها إلى الحوثيين. لذلك توجهت الإمارات إلى الحديدة للسيطرة عليها، وكانت التوجهات والمعارك حول الحديدة تُواجَه برفض أمريكي كبير تحت عناوين إنسانية، وأن ميناء الحديدة يمد اليمن بالمساعدات لملايين اليمنيين، وكأن أمريكا لديها اعتبار للإنسانية التي داستها هي وعملاؤها في سوريا تحت أقدام الأمم المتحدة بحصار المدن الخانق والبراميل المتفجرة... ولكنها كانت تريد إيجاد المبررات ليبقى ميناء الحديدة مفتوحاً للدعم العسكري الإيراني، الذي أصبح منذ عام أو يزيد يشمل الصواريخ البالستية التي أخذ الحوثيون بإطلاقها على السعودية، وكذلك الطائرات المسيرَّة يطلقونها على أهداف في دولة الإمارات... وفي المقابل كانت السعودية تُناور بطائراتها دون الضرب الفعلي على مَقاتل الحوثيين، فمثلاً قوات الحوثيين تحاصر تعز ومواقع قواتها العسكرية مكشوفة للمراقبة الجوية وليس صعباً ضرب هذه القواعد وفك الحصار، ومع ذلك ما زال الحصار قائماً! أما الإمارات فكانت تقاتل الحوثيين فعلاً حتى إنها كادت تطرد الحوثيين من الحديدة لولا ضغوط أمريكا عن طريق السعودية!
وهكذا فقد كانت مخططات أمريكا وأدواتها لا تلتقي مع مخططات بريطانيا وأدواتها، فأمريكا كانت تنحو للتسوية السياسية بعد أن ضمنت سيطرة للحوثيين على أجزاء مهمة في اليمن، وأما بريطانيا فقد كانت تنتظر المزيد من الهزائم للحوثيين ليقبلوا الانسحاب أي يعودوا إلى مربع صعدة قبل الذهاب إلى التسوية السياسية الفعلية، ولذلك فكل المفاوضات السابقة كانت لا تعدو كونها "ألعاباً" سياسية لتمضية الوقت، ومن ثم كانت تلك الجولات فاشلة مثل مفاوضات الكويت، ومفاوضات جنيف أوائل أيلول الماضي، إذ لم يصل وفد الحوثيين...إلخ وهكذا فشلت المفاوضات ووقف الحوثيون أمام مخاطر كبيرة تتمثل بقرب استيلاء القوات المدعومة إماراتياً على الحديدة ومينائها، بعد أن أصبحت على مشارفها. وفي هذه الأثناء كان الدور الأبرز هو لدولة الإمارات التي تحشد وتجند المليشيات المحلية لمعارك الحديدة، وكانت السعودية في موقف مُحرَج لا يمكنها معه رفض هذا التوجه الإماراتي نظراً لكونهما "حليفين" ظاهرياً في الحرب اليمنية ضد هدف معلن هو الحوثيين! ولأن أمريكا تمنع هجوم الحديدة، فقد اختارت الإمارات، ومن ورائها بريطانيا، توقيتاً تكون فيه أمريكا منهمكة بما هو أهم، إذ اشتعلت معارك الحديدة يومي 8 و9/6/2018 (الحرة 10/6/2018) في وقت كانت فيه أمريكا منهمكة بشكل كبير بالتحضير لقمة ترامب مع زعيم كوريا الشمالية التي انعقدت في سنغافورة 12/6/2018، أي اختارت توقيتاً تكون فيه أمريكا شبه مشلولة عن وقف الهجوم... وهكذا كان، فقد فشل مجلس الأمن في وقف معارك الحديدة (فشل مجلس الأمن الدولي أمس الخميس في الاتفاق على تعليق فوري لهجوم يشنه التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات على مدينة الحديدة... الجزيرة نت 15/6/2018). ومن ثمَّ أصبحت معارك الحديدة واحتمالات سيطرة الإمارات والمليشيات المدعومة منها على ميناء الحديدة أكبر خطر يهدد حكم الحوثيين في اليمن، لذلك جند له الحوثي كل قواه لمنع تحقيقه، وجندت أمريكا مسؤوليها للتباكي على الوضع الإنساني في اليمن، وأن ميناء الحديدة هو شريان لمنع المجاعة في اليمن... وكانت الإمارات وحلفاؤها المحليون يتحينون الفرص الدولية لشن المزيد من الهجمات ومحاولة تحقيق تقدم على الأرض يفضي إلى فرض الأمر الواقع على المدينة والميناء، الأمر الذي تحقق جزئياً، وأصبح اكتماله خطراً كبيراً يحدق بالحوثيين، وبالتالي بنفوذ أمريكا القادم في اليمن. وخلال الشهور الماضية أصبحت المعارك المتقطعة حول الحديدة هي الجزء الأخطر في الحرب اليمنية، وبخاصة أن أمريكا لم تكن بقادرة على فك التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، ولا بقادرة على وقف الحرب من طرف السعودية وحدها، لما في ذلك من أضرار جسيمة تلحق بالدور السعودي في قيادة دويلات الخليج، وظل الوضع يراوح مكانه حتى جاءت مسألة الحرج السعودي الكبير الذي أعقب اغتيالها الوحشي للصحفي السعودي جمال خاشقجي أوائل تشرين أول 2018...
ثالثاً: باغتيال الصحفي السعودي خاشقجي في إسطنبول فقد ظهرت ظروف جديدة حول السعودية أمكن توظيفها أمريكياً لمصالحها:
1- لقد أقدمت أجهزة الأمن السعودية على تنفيذ عمل وحشي في قنصليتها بإسطنبول، كان سبباً لشن حملة اتسمت بطابع دولي ضد السعودية مطالبةً ضمناً، وأحياناً علناً، بمحاسبة ولي العهد السعودي محـمد بن سلمان لمسؤوليته في تنفيذ عمل شائن منافٍ لأي قيم إنسانية. وعلى الرغم من ارتكاب السعودية وغيرها من الحكام المجرمين في المنطقة الإسلامية من الأعمال الشائنة بحق مواطنيها ما يفوق اغتيال الصحفي السعودي بإسطنبول، إلا أن هذا العمل توفَّر به من العاطفية الظاهرة ما حمل الدول على شديد إدانته. وكانت الدول الأوروبية تريد أن تستخدم هذا لإضعاف عميل أمريكا ابن سلمان أو إبعاده عن الحكم إن استطاعت، لكن أمريكا قد سارعت بتوفير الغطاء الدولي لابن سلمان عبر تغريدات الرئيس ترامب التي تُعبِّر عن الثقة بما يقوله ولي العهد السعودي، فتُبعد عنه التهمة. وكان ترامب يجاهر بأنه لن يتخلى عن عقود السلاح مع السعودية بما لها من فوائد للحد من البطالة في أمريكا، ما زاد من ضغط أعضاء الكونغرس على إدارة ترامب التي اتُهمت بأنها تبيع ما يسميه أعضاء في الكونغرس "قيم أمريكا" لقاء المال السعودي... ومن ثم أصدر المجلس ما يشبه التنديد الفاضح لدفاع ترامب عن محمد بن سلمان: (فيما يمثل توبيخاً تاريخياً نادراً للرئيس دونالد ترامب، صوت مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الخميس تأييدا لإنهاء الدعم العسكري الأمريكي للحرب في اليمن وحمَّل ولي العهد السعودي الأمير محـمد بن سلمان المسؤولية عن قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي... وفي خطوة تاريخية صوت أعضاء مجلس الشيوخ بأغلبية 56 صوتا مقابل 41 لإنهاء الدعم العسكري للحملة التي تقودها السعودية في اليمن... رويترز 14/12/2018).
2- ولما راجت تصريحات كثيرة لأعضاء في الكونغرس عن ضرورة وقف التعامل مع ولي عهد السعودية "العميل الأمريكي المخلص لهم" ونادى البعض بوقف توريدات السلاح إليها، الأمر الذي يتباهى به ترامب لما له من أثر في خلق الوظائف في أمريكا، حينها سارعت إدارة ترامب إلى بذل الوسع لصرف الأنظار عن التركيز على قضية خاشقجي واتهام السعودية بها، إلى قضية أخرى مهمة تُظهر السعودية مع حقوق الإنسان ومع السلم والسلام وأنها تتعاون مع الأمم المتحدة... وتم إبراز ابن سلمان في التعاون خلال محادثات السويد: (ومن المقرر أن يحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش المحادثات الختامية في السويد دعما لجهود مبعوثه للسلام في اليمن لبدء عملية سياسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات. وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن جوتيريش اتصل هاتفيا بولي العهد السعودي الأمير محـمد بن سلمان لمناقشة "مستجدات الأوضاع في الساحة اليمنية، والجهود المبذولة بشأنها"... رويترز 12/12/2018). وقد ركز أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة على إسهام ابن سلمان: (كشف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،في مؤتمر صحفي نقلته قناة "العربية"، اليوم الخميس عن الدور الذي لعبه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في اتفاق اليمن التاريخي اليوم بين أنصار الله والحكومة اليمنية... وقال نائب الناطق باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، لصحفيين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، اليوم الخميس، إن غوتيريش يشعر أن إسهام ولي العهد "كان مهما للغاية لنتيجة المشاورات"... Sputnik عربي 13/12/2018) وهكذا أبرزت أمريكا دوره بشكل لافت للنظر لدرجة جعلت غريفيث مضطراً لمدح هذا الدور: ("وقال غريفيث في إفادة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من الأردن بأن أطراف مفاوضات اليمن نجحت في التوصل إلى اتفاق..." وأضاف "أشكر ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي أكد على دعمه الحيوي والشخصي لهذه العملية... موقع الوطن نيوز 14/12/2018)... من كل ذلك يتبيَّن أن أمريكا كانت مهتمة بعقد الاتفاق لثلاثة أمور:
الأول: تحسين صورة السعودية، والثاني: إزالة الحرج الدولي عن السعودية والتغطية على مسألة الصحفي السعودي، والثالث: ابتزاز السعودية مالياً! وهذا هو الأهم عند ترامب... فأمريكا بالتأكيد لا تقوم بتحسين الصورة وإزالة الحرج لسواد أعين عميليْها محـمد بن سلمان وأبيه، بل إن أمريكا بهذا التصرف مع ابن سلمان وأبيه ستَظهر أنها أنقذتهم من "ورطة" ومن ثم تستغلُّها في "شفط" المزيد من أموال النفط السعودية كثمن لإزالة الحرج الدولي عنهما، وهذا يناسب عقلية ترامب التجارية "الابتزازية" القائمة على سياسة ادفع!
3- وما يشير إلى هذا الاهتمام الأمريكي بعقد هذا الاتفاق هو ما صدر عن المسئولين في أمريكا وكذلك قوة الصياغة لما صدر، ومنها:
- (دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى وقف إطلاق النار في اليمن خلال 30 يوماً، مشدِّدة على ضرورة وقف التحالف العربي بقيادة السعودية، قصف المناطق المأهولة بالسكان المدنيين في اليمن. وطالب وزير الدفاع، جيمس ماتيس، أطراف الصراع اليمني بوقف إطلاق النار خلال 30 يوماً، والدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب بالبلاد. وقال ماتيس، خلال كلمة ألقاها في ندوة نظمها معهد السلام الأمريكي بالعاصمة واشنطن، أمس الثلاثاء: ("من أجل حل طويل الأجل نريد وقف إطلاق النار، والانسحاب من الحدود، ووقف الغارات الجوية، وأن يجلس الجميع على طاولة المفاوضات خلال 30 يوماً". وأكد أن "على الأطراف المتحاربة في اليمن التحرك قدماً نحو جهود السلام"، وتابع: "نحتاج إلى فعل ذلك خلال الثلاثين يوماً القادمة، وأعتقد أن السعودية والإمارات على استعداد للمضي في الأمر"... الخليج أونلاين 31/10/2018)
- إرسال أمريكا للأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش لحضور مفاوضات السويد والضغط على الوفود المتفاوضة لضمان أن ينتج عنها اتفاق أو بداية اتفاق، وعدم ترك الأمور للمبعوث البريطاني الدولي غريفيث: (ومن المقرر أن يحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش المحادثات الختامية في السويد دعما لجهود مبعوثه للسلام في اليمن لبدء عملية سياسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات... رويترز 12/12/2018).
- ضغط السعودية على الرئيس اليمني هادي لقبول الاتفاق المعروض (قالت مصادر للجزيرة إن السعودية ضغطت على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لتوجيه وفد الحكومة اليمنية في مشاورات السويد للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة ومينائها. وأفادت المصادر بأن الوفد الحكومي قدم ورقة إلى هادي "المقيم في الرياض" توصي بعدم التوقيع على الاتفاق كونه لا ينص صراحة على خروج الحوثيين من مدينة الحديدة ومينائها، لكن الرئيس اليمني وجّه بالتوقيع عليه بعد ضغوط شديدة من السعودية خلال الساعات الماضية، وفقا للمصادر... الجزيرة نت 13/12/2018)
- المسارعة بتعيين جنرال أممي لمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة (اختارت منظمة الأمم المتحدة، جنرالاً هولندياً، لترؤس بعثة مراقبة وقف إطلاق النار بين الأطراف اليمنية. وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن "مارتن غريفيث"، إن الجنرال الهولندي المتقاعد، باتريك كامييرت وافق على قيادة بعثة المراقبة في اليمن. وأضاف أن كامييرت يمكن أن يصل إلى المنطقة في غضون أيام. أخبار اليمن 14/12/2018...) وقد نشر موقع رأي اليمن في 20/12/2018: (قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن رئيس اللجنة الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك سيسافر إلى الأردن غداً الخميس ومنها إلى صنعاء ثم الحديدة...)
- ترحيب أمريكا العلني بالاتفاق، فقد رحب وزير الخارجية الأمريكي بومبيو بالاتفاق معتبراً أن ("السلام أصبح ممكناً في اليمن"... بي بي سي 14/12/2018)، وقال في بيان (هذه المحادثات بين الحكومة اليمنية والحوثيين تمثل خطوة أولى حاسمة، السلام ممكن، جميع الأطراف لديها فرصة للبناء على هذا الزخم وتحسين حياة كل اليمنيين، يتعين على الجميع، من أجل المضي قدماً، الاستمرار في المشاركة، وتهدئة حدة التوترات، ووقف الأعمال القتالية الجارية... المشهد اليمني 14/12/2018).
- اتصال السفير الأمريكي اللافت للنظر مع الحوثيين: (وقال السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر أثناء حضوره المؤتمر والمفاوضات التي جرت في ستوكهولم: "عقدنا اجتماعا رسميا بين السفراء ومجموعة من ضمنهم عضو من وفد الحوثي... بطريقتي الخاصة كان لي تواصل مع بعض أفراد فريق الحوثيين في المكان الذي تصفه بالجميل، وهو لقاء جميل بالفعل" وأيد أن "لقاءه كان رسميا ومباشرا معهم فقال: "أي لقاء أعقده لقاء رسمي، فأنا السفير الأمريكي لدى اليمن 24 ساعة في اليوم"... الشرق الأوسط السعودية 13/12/2018).
رابعاً: ومع أن اتفاق السويد تم بضغوط أمريكية ومن ثم رحبت به كما ذكرنا آنفاً إلا أن بريطانيا كذلك رحبت به وذلك لأن أمريكا أوجدت له رأياً عاماً ضاغطاً بإعلاء الصوت حول الدوافع الإنسانية ومآسي المجاعة في اليمن وأمراض الأطفال نتيجة الحروب والقتلى والجرحى...إلخ وكأن هذه الأمور استجدت اليوم! وهكذا فإن الأجواء التي صنعتها أمريكا لعقد الاتفاق لم تترك مجالاً لبريطانيا إلا أن ترحب ولكن على طريقتها بأن تركب الموجة لتغيير وجهتها أو على الأقل تخفيف سرعتها، ولذلك رحبت بالاتفاق: (أعلنت الخارجية البريطانية، اليوم الثلاثاء، ترحيبها بوقف إطلاق النار في اليمن... وأشاد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، في تغريدة على موقع تويتر للخارجية البريطانية، بجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث... اليمن نت 18/12/2018)
وفي الوقت نفسه قدمت مشروعاً لمجلس الأمن لبحث الاتفاق بحجة كيفية تنفيذه:
- (تسعى بريطانيا لاستصدار قرار دولي آخر في مجلس الأمن، فعرضت مشروع القرار على المجلس لمناقشته. فقالت مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة كارين بايرس: "إن المملكة المتحدة وباعتبارها حاملة ملف اليمن بالمجلس الدولي ستستأنف العمل مع كافة الزملاء على قرار مجلس الأمن، للمصادقة على الاتفاقيات التي تم التوصل إليها من قِبَل الأطراف، ودعم تنفيذها وتمكين الأمم المتحدة من مراقبة امتثال الأطراف ووضع الخطوات القادمة الملحة"... صفحة شباب يمن نقلا عن صفحة الحكومة البريطانية 14/12/2018).
- وقال دبلوماسيون الثلاثاء: (إن مجلس الأمن الدولي يدرس مشروع قرار بريطاني، يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش تقديم مقترحات بحلول نهاية الشهر الجاري، بشأن كيفية مراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة. ووزّعت بريطانيا مشروع القرار لدعم الاتفاق على مجلس الأمن، فيما لم يتضح متى سيتم طرحه للتصويت، حيث يحتاج القرار إلى 9 أصوات مؤيدة وألا تستخدم الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو الصين أو روسيا حق النقض "الفيتو"... العين الإخبارية 18/12/2018)
إن بريطانيا بتقديم هذا المشروع تريد أن تجعله مدخلاً للأخذ والردّ في الاتفاق بحجة كيفية المراقبة والتنفيذ والانسحاب لتطويل أمده فلا يهم المتصارعين على أرض اليمن عدد القتلى من أهله ولا حجم التدمير في بنيانه... وإنما تحقيق مصالحهم... وعليه فيمكننا القول:
إن أمريكا وأعوانها في المنطقة خاصة السعودية جادون في إنهاء الحرب اليمنية اليوم والتوجه إلى مفاوضات تقود إلى حصة معتبرة من حكم اليمن للحوثيين، أتباع إيران، وبالتالي أتباع أمريكا، وقد كشفت مفاوضات السويد عن هذه الجدية. لكن هذا التوجه الأمريكي لا يعني أن أمريكا قادرة على تحقيقه في ظل النفوذ الإنجليزي الكبير في اليمن... فقد أرسلت بريطانيا وزير خارجيتها إلى مفاوضات السويد 13/12/2018 لمؤازرة مبعوثها الدولي غريفيث أمام رئيسه غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة، لذلك اقتصر الاتفاق على الحديدة فقط، وتم تأجيل الملفات الأخرى خاصة مطار صنعاء إلى جولات قادمة... وكذلك فإن مواقف الوفد الحكومي كلها كانت تشكك في تنفيذ ما تم التوصل إليه، ما يشير إلى أنها تمت تحت ضغط السعودية والأمين العام للأمم المتحدة، ومن خلفهم أمريكا:
(وقال اليماني، أثناء مؤتمر صحفي عقده في ختام المفاوضات المنعقدة في بلدة ريمبو السويدية إن الحكومة اليمنية كانت قد أبرمت 75 اتفاقا مع الحوثيين لكنهم لم يلتزموا بها. واتهم اليماني الحوثيين برفض رفع الحصار عن مدينة تعز... وفيما يتعلق بملف مطار صنعاء، قال اليماني إن الحكومة كانت مستعدة لفتحه أمام الرحلات الدولية عبر مطار عدن، لكن الحوثيين رفضوا هذه المبادرة. وأكد اليماني أن "مشروع إنهاء الانقلاب يبدأ من الحديدة". وقال اليماني إن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يتحملان المسؤولية في إجبار الحوثيين على تنفيذ الاتفاقات بشأن الحديدة وتبادل الأسرى... وتعليقاً على إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن خطط لعقد جولة جديدة قال: "لا ينبغي التفكير في جولات مشاورات جديدة ما لم يُنفَّذ ما تم التوصل إليه حالياً... روسيا اليوم 13/12/2018)... وكل هذا يفتح باباً كبيراً للتملص من الاتفاق أثناء التنفيذ والتلكؤ في عقد جولات أخرى.
رأيك في الموضوع