تتواصل المفاوضات التي تعقدها أطراف الأزمة اليمنية في السويد، لليوم الرابع على التوالي وسط "روح إيجابية في المشاورات"، بحسب ما ذكره المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.
بدوره، أكد عضو وفد الحكومة اليمنية هادي هيغ أن لجاناً شكلت من الوفد الحكومي وأخرى من وفد جماعة الحوثيين، للعمل بشكل منفصل في ثلاثة ملفات فقط، لافتا إلى أن لجاناً ستعمل على وضع الآليات بما يتعلق بالإفراج عن الأسرى، وأن لجانا منفصلة أخرى ستبحث حلحلة الوضع الاقتصادي وتوحيد البنك ودفع رواتب الموظفين.
وأضاف هيغ للأناضول، أن اللجنة الثالثة تدرس ملف رفع الحصار عن مدينة تعز، جنوب غرب البلاد، والتي يحاصرها الحوثيون منذ آب/أغسطس 2015، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن تلك اللجان لم تنته من أعمالها ولم تتوصل إلى نقاط اتفاق حتى اللحظة.
وتبحث المشاورات، التي يقودها المبعوث الأممي مارتن غريفيث، وانطلقت الخميس الماضي، ست قضايا، وهي: إطلاق الأسرى، والقتال في مدينة الحديدة، والبنك المركزي، وحصار مدينة تعز، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، ومطار صنعاء المغلق.
وهذه الجولة الخامسة من المشاورات بين الفرقاء اليمنيين، التي بدأت جولتها الأولى والثانية بمدينتي جنيف وبيل السويسريتين عام 2015، والجولة الثالثة في الكويت عام 2016، تلتها جولة رابعة وفاشلة في جنيف في سبتمبر/أيلول 2018.
إن هذه المشاورات التي تقتصر حاليا على نقاط إجراءات إعادة الثقة كما يسميها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والتي يحاول عن طريقها اختراق حل سياسي للأزمة كونها تصب في الجانب الإنساني والاقتصادي الذي خلفه الصراع في اليمن، ومع أن هناك بوادر للاتفاق على بنود هذه الإجراءات الإنسانية والاقتصادية ولو بشكل عام إلا أن الاختلاف في التفاصيل لا يزال قائما؛ فبينما يعول الحوثيون على الأمم المتحدة ويعطون ثقتهم بها سواء في اقتراحهم بخصوص ميناء الحديدة وجعله محايدا تحت إشراف أممي يتولى جمع وارداته وتشغيله وتفتيشه بالإضافة إلى عرضهم مقترحا بأن تعطى الأمم المتحدة دورا في الإشراف على مطار صنعاء الدولي، وبهذا يكون الحوثيون قد جعلوا للأمم المتحدة سلطانا على ثروات البلاد وخيراته وسيادته في الوقت الذي يصرخون فيه بالموت لأمريكا راعية الأمم المتحدة وسيدتها. أما بخصوص ملف الاقتصاد فهم يوافقون على جعل البنك وصندوق النقد الدوليين يرسمان الخطط لتوحيد البنك المركزي في كل من عدن وصنعاء ويديرانه، وها هي منظمة اليونسيف تسعى لصرف الرواتب في مناطق سيطرتهم لتعمل للتخفيف من سخط الناس ضدهم.
إن الأمم المتحدة التي هي أداة من أدوات أمريكا الاستعمارية تعامل الحوثيين بدلال مفضوح وتسعى لجعلهم طرفا شرعيا مقابل شرعية هادي المهترئة لتعامل كليهما من منظور متساوٍ في الواقع بعيدا عن مسمى (شرعية وانقلاب) أو (قوات ومليشيا) وذلك باعتبارهم سلطة أمر واقع، كيف لا وهي قد أرسلت المبعوث الأممي ليأتي بهم بنفسه وينقل جرحاهم للعلاج في الخارج مصطحبا إياهم في الطائرة التي خصصت لنقلهم؟!
أما حكومة هادي الموالية للإنجليز فهي تحاول كما يحاول الإنجليز أنفسهم بالمكر والدهاء والعصا والجزرة استغلالا لسياسة أمريكا ترامب في تحجيم دور إيران في المنطقة وخاصة اليمن، فهم يهددون الحوثيين بالحسم العسكري تارة وتارة برفع سقف مطالبهم في المشاورات الجارية وذلك بتصميمهم على أن تكون الحديدة وميناؤها تحت سيطرتهم، وأن يكون مطار صنعاء الدولي مطارا محليا يشرف عليه مطار عدن أو سيئون الواقع تحت سيطرتهم وذلك بالتفتيش ذهابا وإيابا حيث تنطلق الطائرات من صنعاء إلى عدن ثم للعالم وهكذا عند العودة.
إن حكومة هادي ترفع سقف مطالبها وذلك لتجعل الحوثيين يوافقون على إشراكها في إدارة ميناء الحديدة ضمن إشراف أممي فيكونون جميعا سوية في الإدارة على الأقل، أما الرئيس هادي فقد بات متواريا في أمريكا ولعل ذلك بتوافق أمريكي بريطاني لإبعاده عن الأنظار وإنجاح المشاورات وتحييد مناقشة ملف الرئاسة ترضية للحوثيين الذين يريدون حفظ ماء وجههم أمام أهل اليمن، وتواري هادي عن المسرح السياسي بحجة إجراء الفحوصات الطبية في أمريكا لما يقارب الشهرين أو أكثر في كلا الرحلتين المتقاربتين يعتبر حجة متهافتة مع أنه قد ألقى خطابا مسجلا من أمريكا في ذكرى الاستقلال الـ51 لرحيل آخر جندي بريطاني من عدن مع أنه كان أحد الحراس الشخصيين للمندوب البريطاني في الجنوب آنذاك وأحد عملاء بريطانيا المخضرمين، وقد ظهر بصحة جيدة، فلا داعي للتحجج بالفحوصات الطبية إذ الأمر سياسي يتضح للبيب.
بوادر نجاح بنود إعادة الثقة ليست بالضرورة تعني سرعة الحل السياسي للأزمة في اليمن إذ لا يزال الإطار للمفاوضات السياسية غير واضح وغير محدد، والحوثيون يمضون فيها كونها تجعل منهم طرفا مساويا لشرعية خصومهم، وكلا الطرفين سيقدم تنازلات لكنها للأسف تنازلات تصب في خانة الأمم المتحدة الاستعمارية مهما تحججوا بالجوانب الإنسانية والاقتصادية، ولو كان فيهم خير لاحتكموا للإسلام ولاتفقوا على مشروع الإسلام وإقامة دولته دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستنزع ما في صدورهم من غل وستنهي النزاعات والفتن التي تسحقهم وتسحق أهل اليمن عامة، لكنهم ولغوا في العمالة حتى الثمالة، ومن يهن الله فما له من مكرم!
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع