أعلن رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، الأربعاء 15 تشرين الثاني/نوفمبر، خلال مؤتمر صحفي عن توصل المجلس مع دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف إلى قرار بقصر حق الفتوى في وسائل الإعلام على نحو 50 عالما من علماء الدين، وصفوا بأنهم أصحاب علم ورأي سديد. (بي بي سي عربية)
شهدت الساحة الإعلامية خلال الفترة الأخيرة حالة من الجدل حول قوائم الأسماء التي سلمتها مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف إلى المجلس الأعلى للإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد، والتي حددت من يجوز لهم الحديث في أمور الدين والإفتاء على القنوات الفضائية. وفسر بعض المراقبين هذه القوائم بأنها محاولة جديدة لوأد حرية الرأي والتعبير، متسائلين عن مصير من يسمون أنفسهم بالمثقفين والمفكرين وهل سيسمح لهم بالحديث في الدين على الفضائيات أم لا، وهو ما نفاه المسئولون مؤكدين أن هذه القوائم ما هي إلا محاولة للتصدي للفتاوى الشاذة التي تصدر بين الحين والآخر، وليس تضييقا على الإعلام وحرية الرأي. وكان مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام قد أعلن في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء الماضي أنه تسلم قائمة من مشيخة الأزهر تضم 50 عالما مخول لهم الحديث في الفتوى على شاشات الفضائيات.
وزير الأوقاف محمد مختار جمعة التقى في اليوم التالي بمكرم محمد أحمد وناقش معه قضايا عدة تتصل بشئون الدعوة، وبخاصة فيما يتصل بترشيح بعض الأئمة المتميزين للبرامج الدينية، وعقد دورات إعلامية لبعض الأئمة المتميزين، ليكونوا على مستوى متميز من الأداء الدعوي عبر وسائل الإعلام، وسلمه قائمتين، الأولى للمرشحين للبرامج الدينية العامة والإفتاء، والثانية للمرشحين للبرامج الدينية العامة. وأكد الوزير أنه لا تناقض على الإطلاق حول تقديم قوائم متعددة، إنما هو تكامل بين المؤسسات الدينية تحت مظلة الأزهر الشريف وقيادة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، وعلى أن تكون كل جهة مسئولة عن الأسماء التي ترشحها. (مصر العربية)
الحديث عن تحديد من لهم حق الفتوى في مصر قديم جديد، فسابقا تم منع كل من لا يملك تصريحا من الأزهر من صعود المنابر وكأن المنابر والفتوى حكر على من تخرج من الأزهر وأعطاه الأزهر ترخيصا ليقوم بالفتوى والخطابة والدعوة!! إن قصر الدعوة والفتوى على هؤلاء الرجال دون غيرهم هو احتكار للإسلام وتطويعه ليكون على هوى الحكام العملاء، فهو في حقيقته إنتاج لمصطلح غريب على ديننا وهو مصطلح رجال الدين، فديننا أكبر من حصره في حفنة من علماء السلطان وفي واقع تغيب عنه دولة الإسلام التي تطبق الإسلام على الناس وتحمله للعالم بالدعوة والجهاد، فديننا ليس كهنوتيا ولا يوجد عندنا وكلاء عن الله معصومون من الخطأ، بل علماؤنا الكرام علمونا أن رأيهم صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرهم خطأ يحتمل الصواب.
أيها المسلمون في مصر الكنانة! إن أخشى ما يخشاه الغرب هو أن يصبح دينكم حقا أساسا لتفكيركم وأن يصبح إيجاده واقعا عمليا في حياتكم هو شغلكم الشاغل فتقام فيكم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة تقضي على نفوذه بالكلية ولا يعود آمنا في عقر داره إن بقي له عقر دار، فمعركته مع الأمة الآن هي معركة وجود يقاتل فيها بكل ما يملك حتى الرمق الأخير.
وما يحدث من تلك الثورة الدينية التي يحمل رايتها السيسي وتحديد من لهم الحق في صعود المنابر أو مخاطبة الناس على وسائل الإعلام، رغم ما فيه من تراشق بين الأزهر والأوقاف، إلا أنه محاولة لتحديد نوع الخطاب الذي يوجه للناس ومحاولة تدجينه حتى يصبح مقبولا لدى السادة في البيت الأبيض وحتى نرى أهل الإسلام لا يجدون غضاضة في انتهاك حرمات الله بدعوى الحريات... محاولات لا تتوقف ومكر الليل والنهار كما أخبرنا المولى جل وعلا﴿وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا﴾ فالصراع لا ولن يتوقف وهو في حقيقته صراع وجود ينتهي بزوال هيمنة الغرب ورأسماليته وإقامة الدولة التي بشر بها نبينا e خلافة على منهاج النبوة.
أيها العلماء الفضلاء! إنكم تعلمون كما نعلم أنه لا يسمح في إعلام هذه الأنظمة إلا بما يرضي الغرب الكافر وأدواته من الحكام العملاء، فلا تكونوا أبواقا تردد ما يملى عليها ولا تبيعوا دينكم بعرض قليل من الدنيا، وما عند الله خير وأعز وأبقى، واذكروا سير العلماء العظام حطيط الزيات والعز بن عبد السلام وغيرهما ممن جهروا بالحق ولم يخافوا في الله لومة لائم، واعلموا أن عدوكم من دونكم عاجز عن تطويع أمتكم وتركيعها، فلا تكونوا أداة تصنع للغرب ما عجز سلاحه عن صنعه، وكونوا للأمة التي أنتم منها وهي منكم ولا تخونوا أمانة الله فيما علمتم من علم واجهروا بما أراد الله منكم ولكم وكونوا للأمة خير هداة ومرشدين، فحرضوها على الحق الذي تعلمون، حرضوها على خلع هؤلاء الحكام النواطير والتحرر من ربقة التبعية للغرب واقتلاع نظامه الذي يحكمنا لعقود خلت، حرضوا الأمة على ما يخشاه الغرب ويؤرق مضاجع ساسته، حرضوها على العمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، واحملوا رايتها والدعوة إليها لهم مع إخوانكم في حزب التحرير فلعل ما فقدته الأمة وغاب عنها لعقود يجد آذانا مصغية من أهل القوة والمنعة في جيش الكنانة فينصروا الله ورسوله ويعيدوا سيرة السعداء من أنصار الأمس وتكون بهم وبكم مصر المنورة تاج عز الإسلام ودرعه من جديد، اللهم اجعله قريبا واجعلنا من شهوده وجنوده.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
بقلم: عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع