(مترجم)
في تاريخ 21 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب أن أمريكا قد وصلت إلى "مفصل حاسم في حملتنا العالمية لهزيمة داعش وأيديولوجيتها الشريرة"، ومع ذلك، على الرغم من الهزائم الكبيرة التي مني بها تنظيم الدولة، وخسارة مدينة الرقة في سوريا لصالح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من أمريكا، فإن أمريكا لا تزال بعيدة جدا عن الحل السياسي في سوريا. وقال ترامب أيضاً إن أمريكا سوف "تنتقل قريباً إلى مرحلة جديدة حيث سندعم فيها قوات الأمن المحلية وسنخفف من حدة العنف في جميع أنحاء سوريا وسنحرز تقدماً من أجل السلام الدائم" وهذه اللغة تشير إلى مدى طول وصعوبة الطريق التي تراها أمريكا أمامها. إن "الدعم" و"التخفيف" و"إحراز التقدم" ليست كلمات تستخدم لوصف المرحلة النهائية.
وقد تركزت الأحداث الرئيسية في الأيام القليلة الماضية على القوات الكردية في كل من شمال العراق وسوريا. بعد أن تحدى رئيس حكومة إقليم كردستان في شمال العراق طلبات أمريكا بعدم إجراء تصويت الانفصال في 25 أيلول/سبتمبر، حيث اختار 92٪ من الناخبين انفصال كردستان عن العراق، بدأت الحكومة الاتحادية في بغداد تجمع القوات حول مدينة كركوك، التي احتلتها قوات البشمركة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني منذ العام 2014. وقد أدان السناتور الجمهوري جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، هذا التوتر بين الحليفين الأمريكيين: "قدمت الولايات المتحدة معدات وتدريبات إلى الحكومة العراقية لمحاربة داعش وتأمين نفسها من التهديدات الخارجية - وليس لمهاجمة عناصر إحدى حكوماتها الإقليمية التي تعد شريكاً طويلاً وقيماً للولايات المتحدة". وعلى الرغم من تحذير ماكين من "العواقب الوخيمة"، تقدمت الحكومة الاتحادية بمساعدة من المليشيات الإيرانية إلى كركوك في 16 تشرين الأول/أكتوبر بعد صفقة أخيرة مع قادة الاتحاد الوطني الكردستاني المعارضين للرئيس البارزاني. وفي غضون ساعات، تخلت قوات الاتحاد الوطني الكردستاني، وتلتها قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني، عن كركوك إلى الحكومة الاتحادية.
وقد أصر المسؤولون الأمريكيون، بمن فيهم الرئيس ترامب، على أن أمريكا لم تكن طرفاً في النزاع، ولكن صحيفة نيويورك تايمز ذكرت يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر أنه على ما يبدو أن أمريكا "وافقت على الخطة العراقية لدخول المناطق التي يسيطر عليها الأكراد وأن إيران ساعدت على التوسط في الاتفاق مع فصيل كردستاني على سحب مقاتليها من كركوك، مما سمح للقوات العراقية بالاستيلاء على قسم كبير". وعلى الرغم من هذا الانتكاس لاستقلال الأكراد في العراق، فإن حلفاء أمريكا الأكراد في سوريا يأملون أن يكافأوا بعد استيلائهم المنسَّق من أمريكا على الرقة. وأفادت وكالة رويترز أن قوات سوريا الديمقراطية التي يسيطر عليها الأكراد قالت إن هناك حق تقرير المصير "في إطار سوريا اللامركزية الاتحادية والديمقراطية". وقد يتم الوعد بكيان كردستاني داخل سوريا على غرار حكومة إقليم كردستان في العراق، ولكن حدود وتكوين هذا الكيان سيكون موضع خلاف. إن القوات المسلحة التركية تحاصر قوات حزب العمال الكردستاني في عفرين من الشمال، وتؤسس ثماني قواعد في جميع أنحاء محافظة إدلب السورية وفقاً لصحيفة يني شفق اليومية. هذا بالإضافة إلى المواجهة المحتملة مع تركيا، تقوم القوات المدعومة من أمريكا مع قوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا بالاندفاع نحو الشرق باتجاه الحدود مع العراق.
إن القوات المحلية التي تحدث عنها ترامب بخصوص دعمها في سوريا منقسمة، وستقوم أمريكا بصنع وتكسير وعود كثيرة قبل أن يتحقق حلمها في تسوية مصير سوريا، وما زالت مسألة ما يجب عمله مع نظام الأسد غير واضحة، فإن لم تتم إزالة النظام فإنه يجب أن يتم إضعافه لإجباره على قبول دستور اتحادي. ومن الأدوات المحتملة التي يمكن أن تستخدمها أمريكا هي "آلية التحقيق المشتركة" التابعة للأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق في 60 استخداماً مزعوماً للأسلحة الكيميائية. وتسعى أمريكا حالياً إلى تمديد هذا التحقيق لمدة سنة أخرى، ضد الشكاوى الروسية بأن التحقيق يتقدم ببطء شديد.
وتأمل أمريكا في إقامة مناطق نفوذ ملائمة في سوريا تحقق توازناً في القوى مع القوى المحلية والإقليمية المتنافسة. وفي ظل هذه الظروف، فإن المستقبل القريب غير مؤكد جدا، ولكن الضعف المفاجئ لحالة الأكراد في شمال العراق يجب أن يكون بمثابة تحذير عن مدى سهولة نبذ الأصدقاء من القوى الخارجية عندما يساء فهم قوتهم أو نوايا أسيادهم.
رأيك في الموضوع