تفيد معلومات، وإلى جانبها العديد من المعطيات، بأن روسيا هذه المرة ستلعب الدور الأكبر في إنعاش المفاوضات اليمنية، التي كان مصيرها التعثر أكثر من مرة، إذ إن موسكو تعتبر الآن الدولة الأكثر قبولاً، خصوصا لدى أطراف صنعاء.
ومنذ تصاعد الحرب في اليمن، أغلقت أغلب البعثات الدبلوماسية أبوابها في صنعاء، وبقيت السفارة الروسية كإحدى السفارات المعتبرة عاملة حتى اليوم، مما جعل الروس هم الأكثر حضوراً دبلوماسياً في صنعاء. وتتواصل السفارة مع مختلف الأطراف.
الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أكد الثلاثاء الماضي، أنه تلقى دعوة روسية لحضور مؤتمر دولي في العاصمة موسكو. وجاء تصريح صالح هذا خلال مقابلة أجرتها معه قناة «اليمن اليوم»، عقب قيام فريق طبي روسي بإجراء عملية له في العاصمة صنعاء.
وأشار صالح إلى أن الدعوة الروسية الموجهة له مقدمة من أحد المعاهد، لحضور مؤتمر الطاولة المستديرة لمناقشة محورين: أولهما يتعلق بـ(الإرهاب) وكيفية مواجهته، والثاني مكرس للبحث عن طرق خروج اليمن من أزمته الحالية.
وأضاف أنه يدرس إمكانية تلبية هذه الدعوة، ما يعني أنه قد يوافق على السفر إلى موسكو، بعد أن رفض مغادرة البلاد في الماضي لتلقي العلاج. ويشير إلى أن وصول الفريق الروسي إلى صنعاء جاء بناء على تنسيق روسي مع الأمم المتحدة منذ أكثر من سنة، رغم العرقلة من غرفة عمليات «التحالف» في الرياض، حسب قوله.
وأكدت المصادر في تصريحات خاصة لـ«الخليج»، أن الزيارة المقترحة للرئيس السابق صالح إلى روسيا جاءت بناء على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتمثل جزءاً من ترتيبات تم الاتفاق عليها بين الأخير والملك سلمان، خلال زيارته الأخيرة لموسكو للتسريع بتسوية الأزمة اليمنية، وإنهاء الحرب المستعرة فيها.
فيما كانت مجموعة الأزمات الدولية قد اقترحت على السعودية تقديم مبادرة سياسية لحل الأزمة في اليمن وإنهاء الحرب، وقالت إنه بالنظر لانهيار المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة في اليمن تبرز الحاجة إلى أفكار جديدة.
وأوضحت المجموعة المتخصصة بالنزاعات الدولية، والتي تتخذ من بروكسل مقرا لها، في تقريرها الأخير عن الوضع في اليمن، أنه إذا لم تكن السعودية على استعداد لأخذ مقعدٍ على الطاولة، يجب عليها على الأقل أن تقدم مبادرة سياسية، بالتعاون مع الدول الإقليمية وبدعم من الأمم المتحدة، وتوفير الإطار الذي يمكن لليمنيين من تحديد تفاصيله.
وبيّنت المجموعة أن من الفوائد الرئيسية للمبادرة التي سترعاها المنطقة إمكانياتها لكسر الجمود الدبلوماسي في أعقاب ثلاث جولات غير ناجحة من مفاوضات الأمم المتحدة.
واعتبرت أن المبادرة من هذا النوع ستبعث برسالة واضحة إلى جميع المتحاربين بأن السعودية، تؤيد تماماً التسوية باعتبارها القوة المحورية في المنطقة، وهو ما يفتقر إليه حالياً أصحاب المصلحة اليمنيون من مختلف الطيف السياسي.
وأكدت المجموعة أن نجاح المبادرة الإقليمية والمحادثات اللاحقة مرهون بالخروج عن القيود المفروضة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي أعاق مفاوضات الأمم المتحدة بسبب طابعه الأحادي الجانب وغير الواقعي.
واشترطت المجموعة أن تشمل المحادثات جميع المقاتلين ذوي الصلة، مع اختصاصات أوسع، بما يمكن معالجة المزيد من القضايا. مضيفة، أنه يمكن أن تكون لهذه المحادثات المرونة في معالجة دور القادة اليمنيين المثيرين للجدل مثل "صالح" و"هادي" و"محسن".
وأكدت أنه لكي ينجح أي من هذا الأعمال، سيكون من الضروري إجراء حوار ثنائي بين السعودية و"صالح" من جهة، والسعودية و"الحوثيين" من جهة أخرى، لوضع الأسس المفاهيمية لاتفاق على إنهاء الأعمال القتالية.
إنه من المعلوم أن روسيا ليس لها مصالح حيوية في اليمن فالصراع الدائر في اليمن هو بين بريطانيا - المستعمر القديم - وبين أمريكا - المستعمر الجديد -، حتى فيما مضى فقد كان الصراع بين الجمهوريين فيما يسمى الضباط الأحرار الذين قادوا انقلاب ثورة 1962م مدعومين من جمال عبد الناصر الموالي لأمريكا آنذاك وبين الموالين للإنجليز من الملكييين الدستوريين ومن تم احتواؤهم من الضباط الذين كانت تدعمهم السعودية طوال تلك الحرب - بعد ثورة الانقلاب للجمهوريين على الإمام أحمد حميد الدين - 1962م ولمدة سبع سنين، حتى استقرت الأمور لعملاء الإنجليز باغتيال الرئيس الحمدي واستلام علي صالح الحكم في اليمن.
إن روسيا لا تلعب في الشرق الأوسط دورا إلا لخدمة أمريكا وبضوء أخضر منها كما في سوريا والآن في اليمن، وربما استطاعت روسيا توفير ضمانات لعلي صالح وحزبه من أجل أن يكون لحزبه دور في مستقبل اليمن ولابنه كذلك مقابل تنحيه عن المشهد السياسي وبالمقابل يعمل علي صالح لإيقاف الحرب ضد السعودية، خاصة وأن السعودية امتنعت عن محاورة علي صالح وجلست مع الحوثيين منفردة في ظهران الجنوب!! فالسعودية ليست مشكلتها مع الحوثيين إلا في كونها تريد أن تستأثر بملف اليمن خدمة لأمريكا، فترعى الحوثيين بدل إيران وتجعلهم شركاء في الحكم بينما هي استغلت الحرب باسم الشرعية لصالح الحوثيين، فخلال الحرب توغلوا في البلاد وتغلغلوا في الدولة وامتلأت جيوبهم من النهب باسم المجهود الحربي حتى نهبوا الرواتب وقوت الناس، وها هي مشتقات النفط تباع بأسعار مضاعفة بحجة الحرب منذ بدايتها، والجباية من المحلات ومؤسسات الدولة جارية على أشدها!!
إن الحل الوسط بين الإنجليز والأمريكان وعملائهم في اليمن لن يحقق له الاستقرار المنشود، وإذا أتيح لطرف أن يستفرد ويطيح بخصمه فإن ذلك صعب في ظل الظروف الراهنة، لكنه ليس بمستبعد بعد إيقاف الحرب وخاصة أن الإنجليز لهم وسط سياسي من سياسيين وتجار وأكاديميين ورجال دولة مقابل ما تمتلكه أمريكا من أدوات لا تستطيع الثبات إلا في ظل الفوضى والحروب والاستنفار العام.
أما الحل الصحيح الجذري فإنه لا يكون إلا بالإسلام والعمل لتحكيمه في واقع الحياة في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي يجب العمل لإقامتها بكل قوة وبأقصى سرعة، وغير ذلك وهمٌ وخبال... فكفاكم يا أهل اليمن تجريبا لحلول تسير بكم إلى الشقاء وغضب الله.
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع