حملة شرسة قادها الوزير الأول عبد المجيد تبون ضد رموز الفساد في الجزائر، على رأسهم رجل الأعمال الشهير علي حداد وأمين عام اتحاد العمال عبد المجيد سيدي السعيد؛ لما يتمتعان به من نفوذ مالي وسياسي؛ فالأول يشغل الأغلبية الشعبية في مقاولات البناء، والثاني يدعم رجال وأرباب المال على حساب طبقة الشغيلة. هدد الأول بتسريح العمال، والثاني بتحريك الشارع إن اتخذ عبد المجيد تبون تجاههم إجراءً تعسفيا حسب تعبيرهم، وحذر مدير الديوان الرئاسي أحمد أويحي الوزير تبون من تداعيات الإجراءات المتخذة ضدهم. وبتنسيق مع جميع الفرقاء اجتمع ثلاثتهم يوم الأحد 30 تموز/يوليو بقصر المرادية على طاولة المفاوضات والبحث في سبل الخروج من الأزمة السياسية بعد تعقد الأمور بينهم وتلويح الوزير الأول بالاستقالة في حال فشل حل الأزمة والخشية من استعمال خصومه ورقة ضغط الشارع ضد حكومته.
كل القرائن تؤكد أن مافيوزا الجزائر وبقايا الـDrs لا تزال تسيطر على الشارع الجزائري ولا قِبَلَ للسلطة بها رغم المحاولات المتكررة لتطهير البلاد من نفوذهم، وبإمكانهم تحريك الشارع والوصول بالجزائر إلى المجهول متى شاؤوا إن اضطربت مصالحهم أو تم إقصاؤهم من المشهد السياسي.
هذا الثلاثي صعب المراس وله وزنه في الحياة السياسية والاقتصادية، ثلاثي بإمكانهم قلب موازين الحكم وإشعال نار الفتنة في الجزائر، ولولا تدخل أحمد أويحي وعودة الفرقاء لاجتماع طارئ والتفاوض في المسائل الخلافية لما دخلت الجزائر في المجهول.
هذا التخبط في أخذ القرارات السياسية وتشعب الأزمة واشتداد الصراع في قصر المرادية جعل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يتخذ إجراءً صارما لإيقاف نزيف الصراعات بعزل عبد المجيد تبون من منصبه وإعلان مدير الديوان الرئاسي أحمد أويحي خلفا له.
ليس صحيحا ما تسرب في وسائل الإعلام من أن سبب عزله هو استقبال ماكرون له في قصر الإيليزيه، وإنما هي المواقف الصارمة والجرأة الزائدة التي اتخذها تجاه هؤلاء واستحسن بوتفليقة موقف أويحي في حلحلة الصراع وقبل أن تتدهور الأمور وتشتعل الأزمة اتخذ إجراء عزله ليستقر الوضع السياسي نسبيا في انتظار تغيير شبه شامل في منظومة الحكم...
وفي أول خطاب لأحمد أويحي بعد تعيينه على رئاسة الحكومة أكد لرجال الأعمال من جهة أنه لا فرق بين المؤسسات الخاصة والعمومية، ومن جهة أخرى خاطب العمال بلهجة تحمل الكثير من الود وتؤكد أن حقهم لن يضيع.
وما يؤكد توتر الأوضاع السياسية في الجزائر ما نشر في موقع الجزائر الإخبارية حول اجتماع الرئيس بوتفليقة مع قيادات الجيش حول الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر وحالة الاحتقان التي يعيشها الشارع بسب الأزمة الاقتصادية الخانقة وتعكر الأجواء السياسية؛ وآخرها إقالة الوزير عبد المجيد تبون والصراع مع رجال الأعمال، وأشار المصدر إلى أن القيادة العسكرية أبلغت الرئيس أن أي انزلاق للوضع السياسي في البلاد سيكون ثمنه التضحية بالاستقرار الحالي وما يترتب عليه من انعكاسات سلبية على مستوى الشارع في الأشهر القادمة.
إن جزائر العز والشهامة تفتقد للرجل المخلص الذي يحسم الصراعات في قصر المرادية والتجاذبات السياسية ويطهرها من رجس الفاسدين ووكلاء الكافر المستعمر، ويجعل منها نقطة ارتكاز لدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة تحمي بيضة الإسلام والمسلمين وترعى شؤونهم بالإسلام وتحمله رسالة هدى ونور للعالم بالدعوة والجهاد لتتسنم مكان الصدارة بين الشعوب والأمم.
بقلم: سالم أبو عبيدة – تونس
رأيك في الموضوع