أمام البرلمان الألماني ومن قلب أوروبا، شيخ الأزهر يسترضي الغرب الحاقد على الإسلام والمسلمين، فيلصق بالإسلام ما ليس فيه ولا منه وينكر أحكاما شرعية ثابتة، فسمعناه يقول أن الإسلام يكمل باقي الأديان السماوية الأخرى، وأن النصرانية كانت الحاضنة الأولى للإسلام، وأن كل آيات القتال والتحريض على القتال هي بنيّة الدفاع عن النفس وليس الاعتداء على الآخرين، وصرح أن القرآن لا يوجد به عقوبة معينة للمرتد، مؤكدا أن هناك مرتدين يعيشون في بلاد الإسلام ولا ولم تعلق لهم المشانق، ثم يؤكد أن هناك تبادلا حضاريا بين الإسلام وغيره من الأديان، ويكأنه يخرج علينا داعيا لدين أمريكا الجديد (الإسلام المعتدل)!!
في قلب أوروبا يدعونا شيخ الأزهر إلى قبول الآخر الذي لم ولن يقبلنا حتى نترك ديننا وكأنه لم يقرأ في كتاب الله قوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ نعم فهم لن يقبلوا منا إلا ترك ديننا واتباع رأسماليتهم كاملة؛ فتلك هي ملّتهم التي يحملونها ويحملون العالم على اعتناقها والسير في ركابها، ونحن نقول له ولهم إن هدى الله هو الهدى، فالإسلام ليس كباقي تلك الملل بل الله أخبرنا أنه لا دين عند الله إلا هو ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾؛ فالإسلام يجبّ ما قبله وهذا القرآن مهيمن على غيره من الكتب والرسالات ناسخ لها ولكل ما فيها، وليس مكملا لها فنحن نؤمن بوجود تلك الكتب ولا نؤمن بتلك الأديان التي انحرفت عن مسارها وتلك الكتب التي حرفها ناقلوها ناقلا عن ناقل، وإنما نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فنؤمن بهؤلاء الرسل وأنهم مرسلون من قِبَل الله عز وجل ولو أنهم أحياء لما وسعهم إلا أن يتبعوا رسول الله e، فالإسلام لا يتواصل مع هذه الملل ولا تلك الأديان ولا يتكامل معها، بل يقول إنها محرفة ويدعو أهلها إلى الدخول في الإسلام، ويحمله إليهم بالدعوة والجهاد، فالدعوة أولا فإن منعوها وحاربوها كان لهم السيف الذي أخبر عنه رسول الله e الذي لا ينطق عن الهوى «بُعِثْتُ بين يَدَيِ السَّاعة بالسَّيف، حتى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذَّلُّ والصَّغار على مَنْ خالَف أمري، ومَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم»، فالسيف موجود في الإسلام وهو وسيلة لقطع رؤوس الكفر التي تقف حائلا بين الناس وبين الإسلام وليس دفاعا عن النفس كما أخبر الشيخ المتنور! وإلا فليقل لنا ماذا نفعل بقوله تعالى: ﴿فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ﴾ وقوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾، وكل تلك الآيات التي تتحدث عن الجهاد وتحرض عليه، وليقل لنا فضيلته دفاعاً عن ماذا وعن أي بقعة من الأرض؟ ومن أين أتى بقوله هذا وكيف استنبطه من الكتاب والسنة؟! نعم إن الإسلام لا يحث على الاعتداء بل يحرمه إلا على من حارب الله ورسوله وانتهك حرماته، ولعل فضيلته لم يقرأ عن تاريخ ألمانيا وأوروبا كلها ولا عن تاريخ الحروب الصليبية التي جيشت ضد الأمة وعن قيام أمريكا على جثث سكانها الأصليين من الهنود الحمر، نعم إن الإسلام يأمرنا بالدفاع عن النفس، ولكنه قبلها يأمرنا بحمل الإسلام بالدعوة والجهاد وجعل من الجهاد طريقة لحمله للعالم، وهكذا فهم الصحابة وعملوا رضوان الله عليهم فانطلقوا فاتحين في شتى بقاع الأرض... وإلا فليقل لنا فضيلته كيف دخل الإسلام إلى مصر والشام وتركيا وغيرها وكيف خضعت تلك الأماكن لسلطان الإسلام؟ نعم إن السيف والجهاد هما وسيلة لحمل الإسلام للناس دون إجبارهم عليه، فحمله لهم بالجهاد والسيف حتى لا يمنعهم من قبوله مانع من بطش حاكم وجور متسلط من رؤوس الكفر.
أما عن قول فضيلته عن حد الردة ونفي وجوده في القرآن فلعل فضيلته لم يعلم أن السنة جزء من الوحي ولم يصله قول النبي e «إني أوتيت القرآن ومثله معه» ولم يعلم بقوله r «من بدل دينه فاقتلوه»، فهناك نص على وجود حد الردة وإن هناك كيفية معينة لتطبيقه حددها الشرع وبين كيفيتها إلا أنه موجود وثابت ولا يجوز نفيه أو إنكاره كما تفضل فضيلته لاسترضاء أهل الكفر.
أما عن القول بالتبادل الحضاري بين الإسلام وغيره، فكيف نقبل بهذا وكيف نتبادل عقيدة وفكرا مع أناس يقولون بأن الله ثالث ثلاثة وينسبون لله الزوجة والولد وأناس يقولون يد الله مغلولة غلت أيديهم، فأي حضارة لديهم حتى نتبادلها معهم؟!!
يا فضيلة الشيخ إننا ندعوك أن تراجع ما علمت وتعلمت من الكتاب والسنة، وأن تتبنى حضارة الأمة ووجهة نظرها في الحياة عوضا عن تلك النظرة التنويرية الغربية التي تدعو لفصل الدين عن الحياة، فلا تكن منهم ولا مثلهم وكن كما كان أسلافك من شيوخ الأزهر العظام العز بن عبد السلام ومحمد خضر حسين رحمهما الله، ولتكن دعوتك لهم بدعاية الإسلام لا غيره من الأفكار الباطلة، وكن كما أراد الله لك وكما ذكرت أنت؛ فميثاق الله للعلماء أن يبلغوا ولا يكتموا ما أنزل الله من البينات والهدى، واعلم أن الغرب الذي تسترضيه لن يرضى عنك وفيك ذرة واحدة من إسلام، ولتكن لك فيمن سبقك من المتنورين عظة وعبرة، وقبل هذا لن يغني عنك من الله شيئا والله غالب على أمره وسيحق الحق بكلماته ولو كره المتنورون.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
رأيك في الموضوع