منذ دخول أمريكا إلى العراق في عام 2003 وإلى الآن وهي تمسك بزمام الأمور في هذا البلد، وأولها وأهمها تنصيب الحكام الذين تختارهم وتغيرهم حسب متطلبات الوضع في هذا البلد الذي قامت أمريكا بتدمير كل شيء فيه، وجاءت بعملاء فاسدين يتبعونها في كل شيء مقابل المال القذر الذي سرقوه من البلاد وما زالوا يفعلون.
من الواضح أن كل من استلم سلطة في هذا البلد لم يأت إلا بأمر وتعيين مباشر من الحاكم الفعلي (أمريكا)، وكلما ساءت أوضاع البلاد أكثر وازداد استياء الناس من الحكام قامت أمريكا باستبدالهم، والآن وقد وصلت حال البلاد إلى الانهيار التام في كل شيء، بطالة ونقص في الأموال وازدياد في الجريمة وانتشار المليشيات المسلحة التي تخطف وتقتل وتسرق وآلاف بل مئات الآلاف من النازحين في كل البلاد، والسياسيون لا يهمهم سوى اقتسام الغنائم.
إزاء هذا الانهيار تحركت أمريكا ليس لإنقاذ البلاد والعباد ولكن للحفاظ على مكتسباتها ووجهت العبادي لاتخاذ إجراءات سريعة لإجراء تغيير وزاري والقيام ببعض الأعمال الضرورية مثل محاولة إنقاذ سد الموصل من الانهيار وذلك بالاتفاق مع شركة إيطالية لحقن أرضية السد وإطلاق كميات كبيرة من مياه السد وذلك منعاً لانهياره وتسببه بكارثة فيضان تغرق نصف البلاد، وأرسلت أمريكا أعداداً من جنودها تم نشرهم في قواعد متعددة في البلاد، ودعت إلى تقليص الحشد الشعبي ووضعت خطوطاً عريضة للإصلاح وطلبت من العبادي القيام بها، كما صرح بذلك أكثر من نائب في البرلمان، ومنها إقرار قانون الحرس الوطني وتشكيل حكومة تكنوقراط، والتمهيد لإقامة الأقاليم والفيدرالية، ولذلك نجد العبادي يطلق تصريحا من إيطاليا يطلب فيه من الأكراد عدم الانفصال ويعدهم بتلبية متطلباتهم، وقامت أمريكا من خلال مكتب المفتش العام وبمتابعة من السفارة الأمريكية بنشر قائمة بأسماء كبار المسؤولين الفاسدين تمهيداً لإحالتهم إلى القضاء وتحت عنوان القضاء على حيتان الفساد.
إن كل هذه الأعمال تؤكد على أن أمريكا ممسكة بكل خيوط السلطة في العراق وتحرك السياسيين حسب مصالحها، وأن تقسيم البلاد إلى أقاليم وربما تحويله إلى دولة فيدرالية هو أمر مفروغ منه بالنسبة لأمريكا، ليسهل عليها السيطرة على البلاد من خلال أقاليم أو دويلات صغيرة تديرها حكومة مركزية ضعيفة، ويساعدها في ذلك إيران التي أطلقت يدها في العراق من خلال إدارتها للكثير من المليشيات المسلحة وعقود التجارة والمشاريع الاستثمارية.
إن ما آلت إليه أوضاع البلاد كان في غفلة من أهله الذين شغلتهم الصراعات الطائفية والضائقة المالية والحروب والتهجير وتدمير المدن، كل ذلك بسبب تفشي عقيدة فصل الدين عن الحياة التي نشرتها أمريكا في هذا البلد وتبنتها كل الأحزاب الحاكمة فيه من علمانية ودينية، ولن يصلح أمر الناس إلا بالعودة للالتزام بأحكام الإسلام والعمل لإعادتها في الحياة من خلال العمل لإقامة دولة الإسلام؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وبخلاف ذلك فإن البلاد أصبحت بيد أمريكا وستقودها من سيئ إلى أسوأ وستبقى ثرواته نهباً لأطماع الكفار وعملائهم.
رأيك في الموضوع