مضت ستة أشهر الآن على اندلاع موجة العنف، بعد إعلان الرئيس بيير نيكورونزيزا ترشحه لولاية ثالثة. في انتخابات شهر تموز/يوليو المتنازع عليها والتي قاطعتها المعارضة، فاز نيكورونزيزا، وهو من قبيلة هوتو العرقية الكبرى في البلاد، بولاية ثالثة. ولقد وردت الأنباء عن مقتل 200 شخص منذ نيسان/أبريل، كما وحدثت حالات متعددة من الاعتقالات التعسفية والقتل خارج إطار القانون وتصاعدت خطابات الكراهية من القادة السياسيين مما ولد الخوف من القتل الجماعي، وقد أدى هذا الوضع إلى فرار أكثر من 210000 شخص من البلاد.
هذا الوضع في بوروندي يُراقب عن كثب دوليًا وقد جلب الانتباه والمخاوف من القوى الدولية الذين يُعتبرون لاعبين أساسيين في السياسة البوروندية مثل أوروبا والولايات المتحدة.
كان موقف أمريكا بدايةً هو العمل للتوصل إلى صفقة سياسية بين الرئيس والمعارضة الأساسية. وكان هذا واضحًا من خلال جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الذي قال عشية اندلاع العنف بعد الانتخابات "إن الولايات المتحدة حزينة للغاية من استعمال الرئيس نيكورنزيزا لوسائل غير ديمقراطية للحفاظ على السلطة من خلال عملية انتخابية غير قانونية وغير موثوق بها". وأضاف "يجب على الحكومة في بوروندي الدخول في حوار جاد وذي جدوى مع المعارضة وقادة المجتمع المدني للوصول إلى إجماع للسير قدماً حتى تتمكن بوروندي من إعادة ثقة رعاياها والمجتمع الدولي ومنع حدوث عدم استقرار أعظم وتدفق للاجئين وعنف".
لهذا فإن الولايات المتحدة لم تدعم نيكورنزيزا هذه المرة، على العكس فإنها تبذل جهودها للوصول إلى حل يبقي بوروندي تحت سيطرتها.
أوروبا والتي تمول تقريباً نصف ميزانية بوروندي، تفضل نيكورونزيزا ولكن الاضطرابات قد زادت المخاوف وجعلتها تلعب سياسة العصا والجزرة. لقد أوقف الاتحاد الأوروبي وبلجيكا المساعدة المخصصة لدعم الانتخابات الأخيرة. وبعد اندلاع فوضى ما بعد الانتخابات، تبدو أوروبا بأنها مستمرة في فرض "عقوبات" وفي الوقت نفسه تدعو بوروندي إلى عقد مباحثات حول خرق حقوق الإنسان، بينما تضغط الولايات المتحدة لعقد مباحثات مع المعارضة.
ولكن العنف يتصاعد، ويبدو أن الولايات المتحدة قد وافقت بسرعة على خطوة إرسال قوات تابعة للأمم المتحدة للمحافظة على السلام الموجود في الكونغو. كان هذا بعد تبني الأمم المتحدة الحل الفرنسي من إرسال قوات إحلال السلام كما جاء في بيان مشترك حول بوروندي أصدره نائب رئيس الوزراء جان إلياسون وعضو الاتحاد الإفريقي نيكوسازانا وألميني زوما والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية فيدريكا موجيريني يوم الخميس 12/11/2015. وأوضح البيان ضرورة الإسراع في عقد اجتماع للحكومة البوروندية وممثلي المعارضة في أديس أبابا أو كامبالا برئاسة الرئيس موسيفيني.
لذا فإنه من المحتمل أن يجبر إرسال القوات إلى بوروندي أوروبا على الاستسلام للطلبات الأمريكية، أي الوصول إلى اتفاق سياسي بين الحكومة والمعارضة.
ولكن الوضع لن يكون بهذه السهولة لأن العرقية الموجودة في بوروندي تجعل منها دولة سهلة الانزلاق. لقد تورطت بوروندي في حرب أهلية دامت 12 عاماً منذ 1993 وحتى 2005 وأدت إلى مقتل 300000 إنسان. وهذا يلقي بمستقبل أكثر سواداً لبوروندي وهي إحدى الدول الثلاث في الجناح الشرقي للكونجو المتحالفة مع الولايات المتحدة وتمثل قلعتها القوية في وسط إفريقيا. لقد استغلت أمريكا بوروندي ورواندا وأوغندا للعمل على قلع النفوذ الأوروبي من منطقة البحيرات الكبرى. ومنذ بدايات القرن التاسع عشر استطاعت أمريكا انتزاع بوروندي وغيرها من دول منطقة البحيرات الكبرى من أوروبا (فرنسا وبلجيكا).
ومن هنا فإن الصراع على إفريقيا مستمر وسوف نرى المزيد من الحروب المحلية. إن إفريقيا بحاجة إلى سلام دائم - الإسلام هو عقيدة عالمية - يضمن السلام والاستقرار لجميع بني الإنسان.
رأيك في الموضوع