منذ أن تشكلت الحكومة الليكودية كان واضحا أن العدوان على المسجد الأقصى وتهويد القدس هو المعلم الأبرز في أجندتها، حيث التقت فيها الرؤية السياسية لنتنياهو وحزبه الرافضة لحل الدولتين مع النظرات التلمودية للأحزاب اليهودية المتطرفة، فخرجت أكثر تشددا وتمسكا بالسيطرة اليهودية الكاملة على فلسطين، وعزز ذلك التحالفُ الحكومي التوجهاتِ العدائيةَ عند اليهود، وغلّب الرؤى التوراتية على النظرات السياسية التي سمحت بمسار التفاوض. وهي قد ضمّت الحاخامات المندفعين نحو تهويد المسجد الأقصى، وفرض سيادتهم عليه، والذين يدعون إلى اقتحامه وأداء طقوسهم فيه وطرد المسلمين منه، ومنهم من يصرح بهدمه لإعادة بناء الهيكل المدّعى.
هذا المقال يسلّط الضوء على ما يخطط له اليهود تجاه المسجد الأقصى والقدس تحت وقع ما يشهده من عدوان وحشي متواصل من قبل جنود الاحتلال اليهودي وعصاباته المتطرفة:
بداية إن ما يجري من عدوان على المسجد الأقصى هو النتيجة التلقائية لهذه الحكومة المجرمة والأشد عداوة. لذلك فإن ما يحدث هو عاصفة أولى ضمن إعصار يهودي متصاعد في التحدي الحضاري والعقدي للمسلمين.
ومن أجل فهم هذا الواقع المتفجر، لا بد من بلورة مجموعة من النقاط السياسية والدينية عند طرفي المشهد اليهودي. أما الغايات السياسية عند نتنياهو فيمكن إجمال النقاط التالية حولها:
- سد الأفق السياسي أمام فرص تحريك حل الدولتين: إذ لم يعد خافيا أن نتنياهو وحزبه يريدون التملص من أية استحقاقات لحل الدولتين، في ظل محاولات التحريك السياسي عبر الأمم المتحدة، وما أُعلن عنه من خطاب لرئيس السلطة الفلسطينية فيها، ولذلك فإن نتنياهو يجد في هذا التصعيد والتحدي منفذا لتفجير الأوضاع والهروب للأمام، وهو يراهن على الوقت المقتطع الذي ستدخل فيه أمريكا سنتها الانتخابية، حيث تُجمِّد فيها الحراك الجوهري في الملفات السياسية.
- الحاجة للإبقاء على التحالف الحكومي: إذ من المعروف أن نتنياهو مجبر على دغدغة مشاعر الحاخامات المشاركين في حكومته، ولذلك فهو تلقائيا يزيد من مستوى "السماحية" لتحركاتهم التي تركّز على تهويد القدس والهيمنة على مقدساتها، وهم قد تحالفوا معه بخلفيتهم التلمودية لا بالرؤى السياسية.
- إطلاق بالونات اختبار لفحص جدوى مسار الهدنة مع سلطة غزة: حيث إن ردة فعل فصائل المقاومة على مثل هذا التحدي يمكن أن تكشف عن مستوى التزاماتها الأمنية مستقبلا ضمن مشروع الهدنة السياسي. ومن الملاحظ أن حكومة نتنياهو بعد قصفها لمواقع في غزة تزامنا مع العدوان على الأقصى تزيد من صعوبة الاختبار أمام تلك الفصائل المسلحة.
- قياس مستوى ردة الفعل العربية والشعبية على هذا العدوان المتصاعد: حيث إن هذا التعدي السافر يمكن أن يكون مقدمة لانتهاكات واعتداءات أشد شراسة إذا ما أمِن الاحتلال اليهودي العقاب، وطالما أنه لا يجد الرد المكافئ لمستوى هذه الجرائم. بل هو يجد أجهزة السلطة الأمنية تتصدى لمن يحاول من أهل فلسطين التعبير عن غضبته من أجل الأقصى، كما برز في اعتدائها الوحشي على شاب متظاهر في بيت لحم، مؤكدة بذلك أن "عقيدة" التنسيق الأمني لا تتزحزح مهما تعاظمت جرائم الاحتلال. ثم إن الاحتلال يلاحظ ويقارن ردود الفعل المخزية عند الأنظمة ودول الخليج على وجه الخصوص، التي تداعت لعاصفة الحزم ضد المسلمين في اليمن تحقيقا لمصالح استعمارية، بينما لم تتعدّ ردة فعل أجرأهم أمام هذا العدوان مستوى التحركات الدبلوماسية في المحافل الدولية.
أما حول الدوافع والنوايا التلمودية عند حاخامات الحكومة، فيمكن إجمال النقاط التالية حولها:
- هذا العدوان المتواصل هو التعبير الحقيقي عن العقيدة اليهودية: إذ إن الحاخامات في الأحزاب اليهودية يخوضون حربا وجودية دينية، وهم يدركون أن المسجد الأقصى كمقدس إسلامي مرتبط بعقيدة المسلمين، فهو لذلك محل صراع عقدي-حضاري. ولذلك هم يخوضون هذه الحرب عقديا، ودائما يتحينّون الفرص لاستكمالها.
- استكشاف مستوى المخاطر المحتملة في مسارهم نحو بناء الهيكل: إذ إن عقيدتهم الباطلة تدفعهم للسعي نحو هدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل، وهناك حاخامات وأثرياء يهود يتحركون في ذلك الاتجاه بجدّية، وهناك مثلا من تبرّع وبنى التاج الذهبي الذي سيحمله الهيكل، تحضيرا للمرحلة القادمة.
- تجسيد سياسة تقسيم المسجد الأقصى زمانيا، كمقدمة للتقسيم المكاني: وذلك على غرار ما حصل في المسجد الإبراهيمي في الخليل، ومن المعلوم أن العدوان اليهودي الوحشي على المصلين في الخليل عام 1994 على يد المجرم جولدشتاين كان الذريعة للتقسيم المكاني للمسجد، ولذلك تكون هذه الاعتداءات المتجددة قابلة للتصعيد لمستوى يفرض فيه اليهود التقسيم المكاني بعد التقسيم الزماني على ساحات المسجد الأقصى.
- ارتباط "شرعية" وجود هذه الأحزاب في الأوساط اليهودية واستمرارها السياسي بالعدوان على الأقصى: حيث إن مثل هذه النوعية من الممارسات العدوانية، وهذه البرامج التهويدية للقدس هي محك الاختبار لهذه الأحزاب أمام ناخبيها ومؤيديها.
وخلاصة الموقف أن هذا الالتقاء بين الغايات السياسية والدوافع التلمودية يجعل الوضع في القدس مفتوحا على مزيد من الانفجار، ويدق ناقوس الخطر في الأمة الإسلامية، وهو يوجب عليها أن تستيقظ قبل أن لات حين مندم. وإن اليقظة الطبيعية أمام هذا العدوان العقدي هي غضبة شاملة تجتاح الأمة، فتحرر الإرادة العسكرية لجيوشها من قبضة الحكام، وتغيّر مسار عاصفة الحزم عن الجنوب للشمال، وتغيّر مجرى الدماء عن مذبح المصالح الاستعمارية إلى ساحات الجهاد والاستشهاد.
منذ أن تشكلت الحكومة الليكودية كان واضحا أن العدوان على المسجد الأقصى وتهويد القدس هو المعلم الأبرز في أجندتها، حيث التقت فيها الرؤية السياسية لنتنياهو وحزبه الرافضة لحل الدولتين مع النظرات التلمودية للأحزاب اليهودية المتطرفة، فخرجت أكثر تشددا وتمسكا بالسيطرة اليهودية الكاملة على فلسطين، وعزز ذلك التحالفُ الحكومي التوجهاتِ العدائيةَ عند اليهود، وغلّب الرؤى التوراتية على النظرات السياسية التي سمحت بمسار التفاوض. وهي قد ضمّت الحاخامات المندفعين نحو تهويد المسجد الأقصى، وفرض سيادتهم عليه، والذين يدعون إلى اقتحامه وأداء طقوسهم فيه وطرد المسلمين منه، ومنهم من يصرح بهدمه لإعادة بناء الهيكل المدّعى.
هذا المقال يسلّط الضوء على ما يخطط له اليهود تجاه المسجد الأقصى والقدس تحت وقع ما يشهده من عدوان وحشي متواصل من قبل جنود الاحتلال اليهودي وعصاباته المتطرفة:
بداية إن ما يجري من عدوان على المسجد الأقصى هو النتيجة التلقائية لهذه الحكومة المجرمة والأشد عداوة. لذلك فإن ما يحدث هو عاصفة أولى ضمن إعصار يهودي متصاعد في التحدي الحضاري والعقدي للمسلمين.
ومن أجل فهم هذا الواقع المتفجر، لا بد من بلورة مجموعة من النقاط السياسية والدينية عند طرفي المشهد اليهودي. أما الغايات السياسية عند نتنياهو فيمكن إجمال النقاط التالية حولها:
- سد الأفق السياسي أمام فرص تحريك حل الدولتين: إذ لم يعد خافيا أن نتنياهو وحزبه يريدون التملص من أية استحقاقات لحل الدولتين، في ظل محاولات التحريك السياسي عبر الأمم المتحدة، وما أُعلن عنه من خطاب لرئيس السلطة الفلسطينية فيها، ولذلك فإن نتنياهو يجد في هذا التصعيد والتحدي منفذا لتفجير الأوضاع والهروب للأمام، وهو يراهن على الوقت المقتطع الذي ستدخل فيه أمريكا سنتها الانتخابية، حيث تُجمِّد فيها الحراك الجوهري في الملفات السياسية.
- الحاجة للإبقاء على التحالف الحكومي: إذ من المعروف أن نتنياهو مجبر على دغدغة مشاعر الحاخامات المشاركين في حكومته، ولذلك فهو تلقائيا يزيد من مستوى "السماحية" لتحركاتهم التي تركّز على تهويد القدس والهيمنة على مقدساتها، وهم قد تحالفوا معه بخلفيتهم التلمودية لا بالرؤى السياسية.
- إطلاق بالونات اختبار لفحص جدوى مسار الهدنة مع سلطة غزة: حيث إن ردة فعل فصائل المقاومة على مثل هذا التحدي يمكن أن تكشف عن مستوى التزاماتها الأمنية مستقبلا ضمن مشروع الهدنة السياسي. ومن الملاحظ أن حكومة نتنياهو بعد قصفها لمواقع في غزة تزامنا مع العدوان على الأقصى تزيد من صعوبة الاختبار أمام تلك الفصائل المسلحة.
- قياس مستوى ردة الفعل العربية والشعبية على هذا العدوان المتصاعد: حيث إن هذا التعدي السافر يمكن أن يكون مقدمة لانتهاكات واعتداءات أشد شراسة إذا ما أمِن الاحتلال اليهودي العقاب، وطالما أنه لا يجد الرد المكافئ لمستوى هذه الجرائم. بل هو يجد أجهزة السلطة الأمنية تتصدى لمن يحاول من أهل فلسطين التعبير عن غضبته من أجل الأقصى، كما برز في اعتدائها الوحشي على شاب متظاهر في بيت لحم، مؤكدة بذلك أن "عقيدة" التنسيق الأمني لا تتزحزح مهما تعاظمت جرائم الاحتلال. ثم إن الاحتلال يلاحظ ويقارن ردود الفعل المخزية عند الأنظمة ودول الخليج على وجه الخصوص، التي تداعت لعاصفة الحزم ضد المسلمين في اليمن تحقيقا لمصالح استعمارية، بينما لم تتعدّ ردة فعل أجرأهم أمام هذا العدوان مستوى التحركات الدبلوماسية في المحافل الدولية.
أما حول الدوافع والنوايا التلمودية عند حاخامات الحكومة، فيمكن إجمال النقاط التالية حولها:
- هذا العدوان المتواصل هو التعبير الحقيقي عن العقيدة اليهودية: إذ إن الحاخامات في الأحزاب اليهودية يخوضون حربا وجودية دينية، وهم يدركون أن المسجد الأقصى كمقدس إسلامي مرتبط بعقيدة المسلمين، فهو لذلك محل صراع عقدي-حضاري. ولذلك هم يخوضون هذه الحرب عقديا، ودائما يتحينّون الفرص لاستكمالها.
- استكشاف مستوى المخاطر المحتملة في مسارهم نحو بناء الهيكل: إذ إن عقيدتهم الباطلة تدفعهم للسعي نحو هدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل، وهناك حاخامات وأثرياء يهود يتحركون في ذلك الاتجاه بجدّية، وهناك مثلا من تبرّع وبنى التاج الذهبي الذي سيحمله الهيكل، تحضيرا للمرحلة القادمة.
- تجسيد سياسة تقسيم المسجد الأقصى زمانيا، كمقدمة للتقسيم المكاني: وذلك على غرار ما حصل في المسجد الإبراهيمي في الخليل، ومن المعلوم أن العدوان اليهودي الوحشي على المصلين في الخليل عام 1994 على يد المجرم جولدشتاين كان الذريعة للتقسيم المكاني للمسجد، ولذلك تكون هذه الاعتداءات المتجددة قابلة للتصعيد لمستوى يفرض فيه اليهود التقسيم المكاني بعد التقسيم الزماني على ساحات المسجد الأقصى.
- ارتباط "شرعية" وجود هذه الأحزاب في الأوساط اليهودية واستمرارها السياسي بالعدوان على الأقصى: حيث إن مثل هذه النوعية من الممارسات العدوانية، وهذه البرامج التهويدية للقدس هي محك الاختبار لهذه الأحزاب أمام ناخبيها ومؤيديها.
وخلاصة الموقف أن هذا الالتقاء بين الغايات السياسية والدوافع التلمودية يجعل الوضع في القدس مفتوحا على مزيد من الانفجار، ويدق ناقوس الخطر في الأمة الإسلامية، وهو يوجب عليها أن تستيقظ قبل أن لات حين مندم. وإن اليقظة الطبيعية أمام هذا العدوان العقدي هي غضبة شاملة تجتاح الأمة، فتحرر الإرادة العسكرية لجيوشها من قبضة الحكام، وتغيّر مسار عاصفة الحزم عن الجنوب للشمال، وتغيّر مجرى الدماء عن مذبح المصالح الاستعمارية إلى ساحات الجهاد والاستشهاد.
رأيك في الموضوع