أعلنت قناة بي بي سي العربية الخميس 26 ذي القعدة 1436ه الموافق 10 أيلول/سبتمبر 2015م أن جولة مفاوضات جديدة ستبدأ في العاصمة العمانية مسقط بين الحكومة اليمنية والحوثيين، برعاية الأمم المتحدة.
وقالت قناة الحدث أن بريطانيا قدمت لمجلس الأمن الدولي مسودة بيان صحفي، يبارك فيه مجلس الأمن جهود مبعوثه إسماعيل ولد الشيخ للتوصل إلى اتفاق بين طرفي النزاع في اليمن يؤدي إلى وقف إطلاق النار. ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن ذلك البيان الصحفي فجر الجمعة عقب اجتماع مجلس الأمن في نيويورك.
وذكرت قناة الحدث أن مسودة البيان الصحفي المقدمة من بريطانيا تركز على أن المحادثات هي من أجل تطبيق القرار الأممي 2216.
وفي الوقت ذاته أعلنت وكالات الأنباء المحلية أن 6 آلاف مقاتل سوداني وصلوا إلى اليمن، وكانت الخارجية القطرية قد أعلنت عن إرسالها ألف مقاتل إلى الأراضي اليمنية، في حشد واضح لمعركة دخول صنعاء التي شهدت في اليومين الأخيرين طلعات جوية مكثفة لقوات ما يسمى التحالف العربي، راح ضحيتها العديد من الأبرياء من المدنيين.
بينما أعلن رئيس الأركان اليمني التابع لحكومة عبد ربه هادي أن عشرة آلاف مقاتل يمني جاهزون بكامل عتادهم لمعركة دخول صنعاء. بالإضافة إلى عشر طائرات أباتشي أرسلتها السعودية إلى مأرب المحاذية للعاصمة صنعاء.
ومن هذه التحركات نقرأ أن الحكومة اليمنية ومعها بعض دويلات الخليج ومن خلفها الحكومة البريطانية يتجهون باتجاه الضغط العسكري حول صنعاء لإحكام حصارها وتهديد الحوثيين بتحويل المعركة إلى داخل مناطقهم التي يتحصنون بها.
في الوقت الذي تحاول أمريكا فيه الحصول على وقف لإطلاق النار وجلوس الطرفين إلى طاولة مفاوضات تؤدي إلى حل سياسي، يكون فيه الحوثيون جزءاً من السلطة في اليمن.
وترى أمريكا أن التوصل لاتفاق سياسي الآن سيشكل حلاً مقبولا طالما أن الحوثيين لا زالوا يملكون قوة عسكرية على الأرض تمكنهم من إطالة أمد المعارك على غرمائهم، ويستطيعون فرض أنفسهم في التشكيل الحكومي القادم في البلاد. وفي هذا السياق انتقد بان كي مون إرسال قطر لمزيد من العسكر إلى اليمن، وقال إننا بحاجة إلى حل سياسي وليس إلى مزيد من الحشد العسكري..
إلا أن الحكومة اليمنية أعلنت يوم الأحد الماضي في بيان رفضها المشاركة في مباحثات مع جماعة الحوثي قبل إقرار تلك الجماعة بالقرار الدولي 2216 وإبداء استعدادها لتنفيذه.
وحتى في حال حصلت اجتماعات في المستقبل القريب بين أطراف الصراع في اليمن، فإن التوصل إلى اتفاق نهائي بين الطرفين لن يكون سهلا، وقد يتطلب مراحل عدة من المفاوضات، لأن الحوثيين لا يقبلون بتوقيع عقوبات على الزعيم الحوثي وعلى المخلوع صالح، الأمر الذي ينص عليه القرار الأممي 2216، ويطالبون بإقصاء هادي من الحل المستقبلي لليمن. ومن المتوقع أن يظل الطرفان متمترسين خلف الخنادق العسكرية لتعزيز مواقفهما التفاوضية. والأرجح أن الحكومة اليمنية مع قوات التحالف ستستمر في معركة مأرب متوغلة صوب صنعاء مستغلة التراجع العسكري للحوثيين، حتى لو طالت المدة الزمنية لذلك، فعلى ما يبدو أن القرار بدخول صنعاء عسكريا قد اتخذ، حتى في حال حصول المفاوضات مع الحوثيين.
ويسعى الطرفان الدوليان اللذان يديران المعركة الدبلوماسية في مجلس الأمن حول اليمن، إلى استصدار قرار أممي بإدخال قوات مراقبة داخل اليمن لضمان وقف إطلاق النار، وربما سعت أمريكا لإدخال قوات إضافية تحت ذريعة إيصال المساعدات الإنسانية، وفي كل الأحوال فإن كلا الطرفين المتصارعين على اليمن - أمريكا وبريطانيا - سيحاولان الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية من خلال صياغة مسودة الاتفاق النهائي بين الطرفين المحليين.
ورغم أن وقف إطلاق النار أصبح مطلبا حتميا لأهلنا في اليمن، إلا أن معاناتهم لن تنتهي بالتوصل إلى اتفاق تم التوصل إليه في دهاليز الأمم المتحدة، لأنه من المؤكد سيراعي مصالح الدول الكبرى عن طريق تعيين حكومات وقيادات يمسك بزمامها الغرب. وستستمر معاناة اليمنيين الذين لم يهنأوا بأي استقرار أو أمان منذ أن وطئت أقدام الغرب الكافر بلادهم، رغم محاولاتهم القيام بثورة تلو الثورة للاستقلال والانفكاك عن هذه التبعية، لكن خيانة القيادات القائمة في اليمن وارتباطها بالخارج، سلم مقدرات البلاد وقضاياها للغرب المستعمر، لهذا ما فتئ اليمن يعاني الأمرين رغم خيراته الكثيرة بسبب التدخل الأجنبي في حياتهم وقضاياهم.
ولن يعود اليمن سعيدا كما كان إلا إذا استلم المخلصون الواعون من أبناء الأمة قضايا البلاد وتمت معالجتها وفق مبدأ أهل اليمن وعقيدتهم وهو الإسلام العظيم، وعادت اليمن لتتبوأ مكانتها ضمن المنظومة الإسلامية جنبا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين في أرجاء العالم الإسلامي، الذي تشهد بلدانه أيضا حراكا باتجاه التغيير الجذري، الذي يكنس نفوذ الكافر المستعمر من بلاد الإسلام، ويعيش أهله تحت راية الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة، التي تتوق إليها شعوب المنطقة.
رأيك في الموضوع