منذ أن ألقى رئيس وزراء أستراليا توني أبوت خطابه الشهير أمام نادي الصحافة الوطني في كانبيرا بتاريخ 01/02/2015، والذي توعّد فيه باستهداف حزب التحرير أو حظره، وهذا الموضوع يُشغل الرأي العام في أستراليا بشكل عام والجالية الإسلامية بشكل خاص.
منذ منذ أن ألقى رئيس وزراء أستراليا توني أبوت خطابه الشهير أمام نادي الصحافة الوطني في كانبيرا بتاريخ 01/02/2015، والذي توعّد فيه باستهداف حزب التحرير أو حظره، وهذا الموضوع يُشغل الرأي العام في أستراليا بشكل عام والجالية الإسلامية بشكل خاص.
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يُهدد فيها السياسيون باتخاذ إجراءات ضد الحزب، فقد توالت التهديدات منذ عام 2005 وحتى هذا اليوم. والملاحظ أن عاملين اثنين يلعبان دوراً في هذا الموضوع؛ الأول نشاط الحزب وشبابه وتوسعه وتأثيره وفاعليته في كشف مخططات الحكومة ضد الجالية الإسلامية وعرقلتها ولو جزئياً، وكذلك فضح جرائم الغرب في بلاد المسلمين. وثانيها هو أحزاب سياسية أسترالية تهرب من معالجة القضايا الحقيقية في المجتمع بإشغال الرأي العام بقضايا الأمن التي تثير مخاوفهم لتحقيق شعبية انتخابية أو للتغطية على فشل سياساتها.
لا يمكن لأحد أن يدرك الأسباب الحقيقية لاستهداف حزب التحرير إلا إذا أدرك استراتيجية الغرب تجاه الإسلام والمسلمين أولاً ومن ثمّ أدرك استراتيجية حزب التحرير التي تتناقض مع استراتيجية الغرب.
أما استراتيجية الغرب، فبعيداً عن كل العوامل المادية والأيدي العاملة ومدِّ المجتمع بالطاقات الشابة عبر الولادة والهجرة، ظَلَّ الغرب يرى أن توطين الإسلام والمسلمين في الغرب لن يحصل إلا عبر تغيير جذري في المنظومة العقائدية والفكرية للإسلام ذاته، مما سيؤدي في النهاية إلى علمنة الإسلام والذي سينعكس على المسلمين أنفسهم من خلال ذوبانهم التام أو اندماجهم الكبير في المجتمع حسب المقاييس الغربية ونمط عيشهم.
حزب التحرير لم يستهدف العمل لتغيير المجتمعات والأنظمة في الغرب ولم يقم بأي خطوات عملية في هذا المجال، لكنه وخدمة لاستراتيجيته الأصلية وهي استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة في بلاد المسلمين، ظل الحزب ينظر للمسلمين في الغرب على أنهم جزء من الأمة الإسلامية التي يسعى لإيجاد النهضة فيها وتهيئتها للمشروع الكبير؛ مما اقتضى من الحزب أن يكون بالمرصاد لسياسات الغرب تجاه المسلمين وإفشالها، وذلك عبر تعرية المنظومة الفكرية الغربية والتصدي لسياسات الغرب سواء في بلاده أو في بلاد المسلمين، ومحاسبة الغرب سياسياً على جرائمه في العالم الإسلامي، وظل الحزب يُحمّل الغرب مسؤولية حمام الدم الذي يسيل في العالم والجرائم ضد الإنسانية، ويرى في سياساته تلك أنها السبب الأساس في أي ردة فعل تحصل هنا أو هناك، مما يسميه الغرب إرهاباً، من أجل استخدامها لخدمة أجندته المتعددة.
ظلت المنظومة القانونية في الغرب عائقاً أمام السياسيين لتحقيق ما يطمحون إليه من إسكات الحزب أو حظره، ولمّا كان السياسيون في الغرب يُصرّون على ذلك لتيقّنهم من أن الحزب سيبقى حجر عثرة أمام مشاريعهم تجاه الإسلام والمسلمين، ومن أن الحزب عصيٌ على التطويع أو الاختراق أو التوجيه، لذا لم يكن أمامهم إلا محاولات لصق تهمة الإرهاب بالحزب، وهي التهمة التي عجز عنها عتاولة الدكتاتوريين عبر عمر الحزب الطويل، وذلك لوضوح أفكار الحزب وطريقته في التغيير الخالية من أي عمل مادي، والتزامه الصارم بها رغم كل الظروف والتحديات التي مر بها.
توجه الغرب بعد عجزه ذاك إلى محاولة سن قوانين جديدة عامة وغامضة ومطاطة وفضفاضة مثل الحض على الكراهية أو تهيئة بيئة قد تؤدي إلى الإرهاب أو التطرف الفكري، ويبدو أن هذا هو عنوان المرحلة القادمة.
رئيس وزراء أستراليا توني أبوت وجّه اتهامات محددة لحزب التحرير بالتطرف الفكري والحض على الكراهية وتهيئة بيئة تقود إلى الإرهاب، وظن أنّه سينفرد بالحزب بعد أن يشيع جو الخوف في البلد، فيبتعد المسلمون عن حزب التحرير، فيسهل عليه استهدافه وضربه. لكن وعي الحزب للمرحلة والأهداف والوسائل والأساليب التي تستهدفه من جهة، ووعي الجالية بشكل عام أن المستهدف هو الإسلام والمسلمون، وما حزب التحرير إلا خطُّ الدفاع الأول الذي إذا سقط تتهاوى بقية الخطوط، كل ذلك جعل الكل يتكاتفون في موقف سياسي عبر توقيع بيان سياسي يدين سياسة الحكومة ويفضحها، مما أربك مخططات الحكومة الأسترالية حتى الآن. كما أن كثيراً من السياسيين والمفكرين والمختصين والمتابعين قد هاجموا سياسة رئيس الوزراء تلك وبيّنوا خداعها وخطرها على المجتمع بأسره.
طرح حزب التحرير سؤالاً على رئيس الوزراء، ماذا يعني بحظر حزب التحرير؟ هل سيسحب ترخيصه الذي لم يوجد يوماً؟ هل سيوقف التمويل الذي لم يكن يوماً؟ هل سيغلق مكاتبه ومؤسساته غير الموجودة؟ هل سيضع يده على حساباته في البنوك والتي لا وجود لها؟ هل سيُغلق محطات الإذاعة والتلفزة والصحف التي لا يملك حزب التحرير أياً منها؟
الجواب الوحيد الذي يستطيع أن يجيب به رئيس الوزراء إن أراد أن يكون صادقاً، هو أنه سيمنع ثلة من أبناء المسلمين من أن يعبروا عن رأيهم وقناعاتهم وأفكارهم. وفي هذا الجواب يكمن مقتل توني أبوت وحكومته، حيث إنه يتناقض مع بديهيات المجتمع الذي يقودونه والذي يعيشون فيه.
أما حزب التحرير والذي بدأ دعوته - وسيستمر فيها بعون الله - استجابة لأمر الله تعالى ولنيل رضوانه، ويحمل دعوته رجالٌ عندهم من الإيمان والتصميم والعزيمة والوعي ما يمكّنهم من تخطّي كل الصعاب حتى يحققوا غايتهم التي نذروا أنفسهم من أجلها، فلن يضرّه كيدُ الكائدين ولا مكر الماكرين.
﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
رأيك في الموضوع