(مترجم)
جاء في عناوين وسائل الإعلام الروسية في 7 كانون الأول/ديسمبر، أن "المتطرفين، الذين اعتقلوا في موسكو ربما كانوا يحضرون لشن هجمات إرهابية خلال عطلة رأس السنة"، وذلك بعد يوم من اعتقال مسلمين في موسكو بتهمة الانتماء إلى حزب التحرير.
وقد اعتقل 25 رجلا خلال العملية الخاصة التي تمت في العاصمة الروسية في 6 كانون الأول/ديسمبر، وتم إلقاء القبض على 12 منهم رسميا في اليوم التالي. وقد اتّهم جميع المعتقلين بالتورط في "تنظيم إرهابي"، حيث يعتبر حزب التحرير منظمة إرهابية في روسيا منذ عام 2003. ونشرت وسائل الإعلام أشرطة فيديو لمهام عملياتية، تظهر جنودا من القوات الخاصة مدججين بالسلاح يقتحمون شققا لأشخاص نائمين عزل، ومن ثم يصادرون كتبا إسلامية مختلفة. ومن المثير للاهتمام، أنه لا يوجد في أي من أشرطة الفيديو، ولا في القضية الجنائية مؤشر واحد لأي "هجوم إرهابي"، كما أنه لم يُعثر على أي متفجرات خلال عمليات التفتيش. لقد أصبح من الواضح أن تعليقات الصحفيين حول "التحضير لهجمات إرهابية خلال عطلة رأس السنة الميلادية"، ليست سوى حفنة من المعلومات الخاطئة من قبل أجهزة الاستخبارات، وهذا أمر مألوف وفي روسيا.
وأدلى مذيع على القناة الدعائية للكرملين "الحياة" في تقرير تحت عنوان رنان "مقر حزب التحرير في موسكو!" أن "معظم المعتقلين لا يخفون أنهم أعضاء في هذه المنظمة الإرهابية. وعلى الرغم من أنهم يسمونه "حزباً سياسياً، لكنه محظور في روسيا منذ 13 عاما". ويشارك هذه القناة التلفزيونية بـ"رأيه الخبير" أليكسي غريشين، المعروف بعدائه للإسلام، ورئيس مركز تحليل المعلومات "الدين والمجتمع" «إن حزب التحرير هو غرفة تغيير الملابس للمنظمات الإرهابية، وهي منظمة لتعليم متطرفي وإرهابيي المستقبل».
لقد قررت المحكمة الروسية اعتقال12 مسلما. ومن المحتمل أن يحكم على كل واحد منهم بالسجن لمدد تتراوح من 10 سنوات إلى مدى الحياة. جميع المعتقلين قدموا من آسيا الوسطى؛ ستة منهم من عائلة واحدة وهم: الأب، وابنه، وصهراه واثنان من أبناء أخيه. ومن بين المسلمين المعتقلين، سيدتيكوف ساردوربيك، الذي أطلق سراحه من السجن قبل شهرين فقط، حيث قضى ثلاث سنوات في السجن بسبب خطاب ألقاه بالقرب من أحد المساجد في موسكو ضمن حملة الدفاع عن القرآن في روسيا التي نظمها حزب التحرير في خريف عام 2013.
لقد أصبح أمرا شائعا في روسيا، أن تقوم الأجهزة الخاصة باعتقال العشرات من المسلمين بتهمة الانتماء لحزب التحرير في مدن مختلفة من البلاد. ويتهم الكرملين زورا حزب التحرير بـ (الإرهاب)، دون أي دليل وإنما تحافظ فقط على قمعها الوحشي بدعم وفير للمعلومات من وسائل الإعلام التي تسيطر عليها.
هناك اليوم في روسيا أكثر من 150 شخصا محرومين من الحرية بتهمة الانتماء لحزب التحرير، ومعظمهم إما أن يكون قد حكم عليه بالسجن لمدة تزيد عن 10 أعوام، أو سوف يصدر ضدهم مثل هذه الأحكام من السجن. وعلاوة على ذلك، فإذا كانت الاعتقالات سابقا تتم في مدن مثل قازان، وأوفا، وتشيليابينسك، ومحج قلعة، وسانت بطرسبرج، وموسكو، وتيومين، فإنه منذ عام 2014 بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، انضمت إلى هذه المدن مدن شبه الجزيرة؛ سيمفيروبول (أقميسجيت)، وسيفاستوبول (اكيار)، وييفباتوريا (كيزليف)، ويالطا، وباكتشيساراي. المئات من الأطفال والآباء والأمهات والزوجات يعيشون كل هذه المحاكمات جنبا إلى جنب مع آبائهم وأبنائهم وأزواجهم، وتصبح حياتهم طوال مدة سجن ذويهم سلسلة من العذاب والذل والآلام.
ما هو السبب لمثل هذا الموقف اللاإنساني من السلطات الروسية ضد المسلمين بشكل عام، وضد أعضاء حزب التحرير بشكل خاص؟ والجواب بسيط: إنه الخوف. نعم، في الواقع ليس شباب الحزب هم الذين يخافون من روسيا رغم كل أجهزتها الأمنية وآلاتها القمعية، بل الكرملين هو الذي يخاف من الإسلام والمسلمين، والأكثر منهم جميعا - طليعة الأمة - حزب التحرير. فقد قال بوتين في عام 2004 في مقابلة له مع إحدى القنوات التلفزيونية الروسية المركزية حول الصحوة الإسلامية العالمية الوشيكة: "إنهم وضعوا هدف إعادة دولة الخلافة نصب أعينهم وهو هدف عالمي ليس ببسيط، وهذا سيجر علينا وعليكم أمورا عظيمة وسلبية غير مقبولة على أية حال، وهذا من شأنه أن يسلخ جزءا كبيرا من أراضينا خاصة الحدود الجنوبية لنا، وهذا يعني إعادة هيكلة وتنظيم الدولة من جديد بشكل سيئ. وبالطبع يجب أن نقاوم هذا الأمر. ويجب محاربته بشكل فعال وأن نكون مستعدين لذلك." والخوف هو الدافع الرئيسي لحرب روسيا ضد المسلمين، سواء على أراضيها، وكذلك في سوريا. كما أن الشعب السوري ليس خائفا من بوتين، ولكن بوتين يخاف من الشعب السوري، لذلك فهو يقوم بقصف المدارس والمستشفيات...
إن حملة الدعوة من شباب حزب التحرير هم في طليعة الكفاح من أجل استرجاع الأمة لدولتها اليوم. وكونهم في الصفوف الأولى لهذا الكفاح، فإنهم ينالون حصة مناسبة من التشهير والاضطهاد خلال حملهم الدعوة، كما كان يحصل مع رسول الله e وأصحابه عندما كانوا يعملون على تأسيس دولة الإسلام الأولى. نسأل الله تعالى أن يمنحهم الصبر في هذه المحاكمات، ويقوِّي إيمانهم، وأن يجزيهم أجرا مضاعفا في الآخرة على الصبر الذي يتحلون به في سبيل إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
بقلم: محمد منصور
رأيك في الموضوع