بالرغم من إصابة وزير الخارجية الأمريكي بكسر في عظم الفخذ الأسبوع الماضي إلا أنه يتابع عن كثب سير المباحثات التي تجريها ويندي شيرمان كبيرة المفاوضين الأمريكيين في المحادثات بشأن البرنامج النووي لإيران.
وشيرمان هذه موجودة في فينا بالنمسا حيث استؤنفت محادثات فنية بين ممثلين للقوى العالمية (5+1) وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا وألمانيا ووفد من إيران برئاسة مساعدي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومجيد تخت روانجي.
ومن المقرر أن تتوصل إيران ومجموعة (5+1) إلى اتفاق شامل مع حلول 30 حزيران الجاري بموجب الاتفاق الإطاري الذي توصل إليه الجانبان في مطلع نيسان الماضي والذي تنازلت فيه إيران عن إمكانية صنع سلاح نووي ووافقت على نسبة تخصيب يورانيوم لا تتجاوز 5% ومخزون لا يتجاوز 300 كيلوغرام ووصفه أوباما حينها بالتاريخي والجيد وجدد التزام بلاده بأمن كيان يهود ودول الخليج وقال أن الاتفاق سيجعل الولايات المتحدة وحلفاءها أكثر أمنا.
وكانت فرنسا الأكثر تشددا قد اشترطت للتوصل لمثل هذا الاتفاق أن تسمح إيران بتفتيش المنشآت النووية والمواقع العسكرية الإيرانية ومقابلة العلماء الإيرانيين في البرنامج النووي، وفي الجانب الآخر اشترطت إيران رفع العقوبات الاقتصادية مباشرة بعد توقيع الاتفاق، في حين اشترط الطرف المقابل رفع العقوبات تدريجيا حسب التزام طهران بتنفيذ الاتفاق، وتحاول أمريكا إقناع الأطراف الأخرى برفع العقوبات مباشرة بعد التوقيع وفي حال إخلال إيران بالاتفاق تعود العقوبات مباشرة دون العودة لمجلس الأمن والاضطرار لأخذ موافقة الصين وروسيا والتي قد لا تحصل حينها.
وبعد الاجتماع المطول بين كيري وظريف في نهاية شهر أيار الماضي حيث قال مسؤول كبير في الخارجية الأمريكية في حينها إنه حدث تقدم كبير في المحادثات التي جرت في فينا في الأسابيع الماضية في صياغة مسودة اتفاق سياسي وثلاثة ملاحق فنية بشأن الحد من أنشطة إيران النووية، وأبلغ المسؤول الصحفيين الذي كانوا يسافرون مع كيري إلى جنيف "نعتقد حقا أن بوسعنا التوصل لاتفاق بحلول 30 يونيو. لا نفكر في أي تمديد".
ويبدو أن إيران قد وافقت على شروط فرنسا المتشددة - والتي في حقيقتها تعبر عن موقف الاتحاد الأوروبي - من خلال متابعة تصريحات كبير المفاوضين عراقجي الذي وصف ما ينص عليه البروتوكول الإضافي بشأن إمكانية الوصول بشكل مضبوط إلى المواقع غير النووية ولا سيما العسكرية منها «إجراء محدد تطبقه دول أخرى للسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى المواقع غير النووية. وهذا لا يعني بنظرنا زيارات ولا عمليات تفتيش» مشيراً إلى أن «القواعد يجري تحديدها في سياق الاتفاق النهائي».
وفي مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء "فارس" في موسكو حيث عقد مؤتمر "الأمن والاستقرار في منطقة دول منظمة شنغهاي للتعاون" والتي تضم (الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وأوزبيكستان وطاجيكستان)، صرح ظريف بأنه لم يتم البحث لغاية الآن بشأن مسألة تمديد فترة المفاوضات النووية وقال، لقد قلنا على الدوام بأن المضمون هو المهم بالنسبة لنا ولا نقيد أنفسنا بزمن محدد ولا هاجس لنا إزاء ذلك.
وفي الوقت نفسه يصرح وزير خارجية روسيا لافروف أن منظمة شنغهاي للتعاون سترفع من مستوى التمثيل الإيراني في المنظمة حال توقيع الاتفاق النووي النهائي حيث إن إيران الآن عضو مراقب، وتنظر المنظمة حاليا لضم إيران وباكستان والهند لعضويتها.
وفي المقابلة نفسها التي نشرتها «فارس» الإيرانية السبت الماضي يصرح ظريف حول اليمن: «لقد أكدنا دوما على وقف إطلاق النار وإرسال المساعدات الإنسانية والحوار اليمني - اليمني». وأضاف: «نأمل بإجراء الحوار اليمني - اليمني في موعده الجديد المعلن من دون شروط مسبقة وعقبات مفتعلة، وأن يصل إلى نتيجة مقبولة لجميع الأطراف اليمنية».
وتابع وزير الخارجية الإيراني أن «الأهم من كل شيء هو ضرورة وقف الإجراءات العسكرية التي لا فائدة من ورائها، ولن تؤدي سوى إلى الإضرار بالشعب اليمني وتدمير البنية التحتية لليمن».
فالتمدد والدور الإيراني في العراق وسوريا وحزبها في لبنان والآن بشكل واضح في دعمها للحوثيين في اليمن مكلف اقتصاديا في ظل العقوبات المفروضة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وانخفاض عائدات النفط بعد انخفاض أسعاره عالميا عن الأسعار السابقة؛ فهي دعمت نظام بشار في سوريا بمليارات الدولارات منذ بدء الثورة عام 2011، بالإضافة إلى دعمها لحزبها في لبنان بما يتراوح بين 200 و 500 مليون دولار سنويا.
ورفع العقوبات الاقتصادية يعني الإفراج عن عائدات نفطها المقدرة بما بين 100 الى 150 مليار دولار التي جمدت تنفيذا للعقوبات.
ويبدو أن أمريكا تحتاج أن تكون إيران خالية الأغلال والقيود في المرحلة القادمة، ليس لدورها المشبوه المنوط بها في منطقتنا من حيث إثارة الطائفية والمذهبية ورعايتها فحسب، ولكن أيضا لدورها في منطقة منظمة شنغهاي القريبة منها ومن روسيا والصين، خصوصا إذا علمنا أن القمة القادمة بين منظمة شنغهاي ودول البريكس (البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا) ستعقد في روسيا في مدينة يوفا في الفترة ما بين 9-10 تموز القادم.
رأيك في الموضوع