شهدت مدينة قيصري التركية أحداثا عصيبة مؤلمة، وذلك بعد أن أشاع بعض الشباب أن طفلة تركية قد تعرضت للتحرش من قبل شاب سوري لاجئ في المدينة. وبغض النظر عن حقيقة المُشاع أو الأسباب المباشرة للأحداث فإنها تدل على تغلغل النزعة القومية وهيمنتها على بعض جوانب الحياة وعلى وجه الخصوص الحياة السياسية.
من المشين أن نجد بعض المسلمين ما زالوا يهتفون للقوميات ويرفعون رايات وطنية، وتحركهم مشاعرهم العصبية القبلية متجاوزين بذلك أحكام الشرع في معاملتهم بعضهم بعضا، وقد سيطرت عليهم سموم العنصرية التي زرعها شياطين الاستعمار في بلاد المسلمين لتفريقهم وإضعافهم حتى يتمكن الكافر المستعمر من السيطرة عليها وإبقاء الأمة تحت هيمنته وسلطانه.
نعم، هذا ما أراده الكافر المستعمر وعمل لأجل تحقيقه قرونا طويلة، حتى تمكن بهذا السم القومي والسلاح العنصري أن يفتك بالأمة ويفرقها ويقسم البلاد على أنقاض دولة الخلافة، ويعطي كل جهة راية ويضع على كل دويلة أميرا مأمورا يكرس الفرقة ويعمل على تثبيت الحدود وحراستها بكل ما أوتي من قوة، حتى أصبح شغل الجيوش الفعلي هو حراسة هذه الحدود وحماية العروش. بل إن قوانينهم تُجرِّم من يُحقر راياتهم أو يسخر من أعلامهم الخرقة. ولتثبيت هذا نشروا الفكر القومي وروجوا للعنصرية في كل مناحي الحياة، وليس هذا مقتصرا على تركيا أو بلاد العرب، بل هي ظاهرة نلمسها في البلاد الإسلامية كافة.
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾، ويقول: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، فكيف نتلوا هذه الآيات صباح مساء ولا نتدبرها ونحققها واقعا في حياتنا السياسية والاجتماعية؟!
رأيك في الموضوع