تشهد مدينة غدامس الواقعة غربي ليبيا، والحدودية مع الجزائر، توتراً أمنياً متزايداً وشديداً على خلفية تحرك قوات تابعة للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في اتجاه المدينة. وأعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي التابعة للمنطقة الغربية، الخميس 08/08/2024، عن رفع حالة الاستعداد لوحداتها العسكرية. وقال مصدر عسكري في تصريحات صحافية نشرتها وسائل إعلام محلية، إن معاون رئيس الأركان العامة صلاح النمروش أصدر تعليماته لكافة وحدات الجيش الليبي برفع درجة الاستعداد والجاهزية القصوى، لصد أي هجوم محتمل. ولم يشر المصدر إلى أي مهام أو إيضاح تفاصيل حول طبيعة الخطر. ويوم الأربعاء، أفادت وسائل إعلام محلية عن هجوم مُتوقع الخميس من قوات حفتر على مدينة غدامس للسيطرة عليها وعلى المعبر الحدودي الدبداب، مشيرةً إلى أنها ستشن هجوماً على المدينة من محورين، الأول من براك الشاطي، والثاني من الشويرف.
في الوقت الذي يستصرخ فيه أهل غزة جيوش المسلمين لنصرتهم ووضع حد لنزيف الدماء التي أراقها كيان يهود بآلته الحربية، يدير حفتر ظهره للأرض المباركة ويحرك جيشه باتجاه مدينة غدامس من أجل السيطرة على معبر الدبداب الحدودي مع الجزائر، بما يعنيه ذلك من دق لطبول الحرب، لا على حكومة الدبيبة (التي أعلنت استعدادها للمواجهة) فحسب، بل ليزعزع أمن منطقة طالما سعت أمريكا إلى تطويقها عبر وكلائها وعملائها، مستغلة وجود اللاعبين الروسي والتركي، وهي التي أوقدت بالأمس القريب نار الفتنة في السودان.
إن غدامس هي لؤلؤة الصحراء، وهي منطقة استراتيجية غنية بالغاز والنفط، وفي باطنها ثروة مائية هائلة تشكل خزانا ضخما قل نظيره في العالم، وهذه كلها ثروات طبيعية تقع ضمن بنية جيولوجية فريدة من نوعها، لا تعترف بحدود ولا سدود ولا تقدس خرقا ومزقا ملونة، وإنما أراد الله لهذه الثروات أحجارا وأنهارا أن تمتد عبر البلدان الثلاث: ليبيا وتونس والجزائر. وإن إدارة هذه الثروات في أي جزء من هذه المنطقة الواسعة يتعارض مع واقع التقسيم الذي أوجده الاستعمار وحتى مع منطق العلم، والأصل أن يتم ذلك وفق أحكام الإسلام التي شرعها الله رب العالمين، لا أن تُترك لشرعة الكافر المستعمر وشركاته البترولية التي تزايد تكالبها على حوض غدامس، ولكن تأبى الخيانة أن تفارق أهلها، ليضاف إلى التوترات المفتعلة على معبر رأس جدير ومنطقة برج الخضراء تصعيد جديد يستهدف منطقة غدامس الحدودية، وكلها أعمال مقصودة لإشغال الجيش في تونس ورفع مستوى التوتر مع الجزائر التي تحاوطها هي الأخرى مشاكل مفتعلة على غرار انقلابات الساحل الأفريقي ومناوشات المغرب لها، ثم فرض قبول الحلول الأمنية الأمريكية المسمومة كما هي عادتها في بلاد المسلمين المحتلة.
إنه لا سبيل للخروج من واقع الأزمات المتراكمة التي يصنعها الاستعمار وينفذها عملاؤه بالوكالة مهما تغيرت وجوههم، إلا بالتسلح بالإسلام عقيدة ونظاما لا بد له من دولة تعمل على توحيد المسلمين وتحرير أرضهم المغتصبة وفي مقدمتها أرض الإسراء والمعراج، وتعيد الثروات لأصحابها وتقسمها بينهم بالعدل، وهذا لن يحصل إلا في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي يدعو إليها حزب التحرير عالميا، وينتظر من جيوش المسلمين وقادتها المخلصين استفاقة ونصرة لمشروع الأمة، عسى أن تستأنف حياتها بالإسلام وتشدخ نافوخ الكفر. فهلا اتخذت الجيوش من الإسلام عقيدة عسكرية تواجه بها كيد الأعداء وتربصهم بالإسلام والمسلمين شرقا وغربا، وتحبط مؤامرات أمريكا ومن والاها، فتنال عز الدنيا والآخرة ويتحقق على أيديها وعد الله سبحانه وبشرى نبيه ﷺ بخلافة راشدة على منهاج النبوة؟
رأيك في الموضوع