ولما كانت عقيدة المسلمين في الاستخلاف هي إفراد العبودية لله وحده لا شريك له والتي تقتضي الطاعة لأمر الله بإقامة أحكام الإسلام وتنفيذها والتي أنيطت بالأمة ونائبها وهو الخليفة من أجل جعل الحياة وفق مراد الله وإلا فهي معرضة للضياع والاندثار لا سمح الله، لذلك نرى أن الكفار قد أدركوا هذا الخطر على وجودهم وحياتهم فتصدوا لهذه الدعوة منذ اليوم الأول وبشتى الوسائل لإنهاء دعوتهم ثم مقاتلتهم لإسقاط دولتهم ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾، فقد أقام الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الدولة في المدينة المنورة وبين في وثيقة المدينة أن المسلمين أمة واحدة من دون الناس، فقامت هذه الأمة بحمل الإسلام بقوة فهماً وتطبيقا، فامتدت في مشارق الأرض ومغاربها، وعندها أدرك الغرب الكافر أن إسقاط هذه الدولة لا يتم إلا بإسقاط أحكامها، وإسقاط أحكامها بإسقاط خليفتها، فلا بد من إضعافها، وإضعافها بإضعاف تفكيرها وفهم عقيدتها، وهذا ما رأيناه؛ فإن هدم الخلافة سبقه ضعف الأمة الإسلامية فكريا بـ200 عام، ورغم قوة السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله الفردية ومحاولته الوقوف أمام هذا السقوط لكنها أسقطت عام 1924م فبدأ الانهيار في الأمة الإسلامية يزداد فكريا وسلوكيا، فتمزقت دولتها وانتهكت مقدساتها ونهبت خيراتها وتسلط عليها عدوها وتداعت عليها الأمم وأصبحت في وضع لا تحسد عليه، وأصبحنا تابعين أذلاء متفرقين بعد أن كنا سادة كراماً، فهل بعد هذه الخسارة خسارة؟!
رأيك في الموضوع