إن ما ينتظر العالم تحت حكم الخلافة القادمة شيء يفوق الوصف، ويتعدى كل توقع، فماذا تنتظرون من دولة قامت بنصر من الله، وتنفيذا لوعده عز وجل وبشرى نبيه؟ هل تنتظرون منها إلا أن تكون راشدة ثانية على منهاج النبوة، يحكمها رجالٌ صنوُ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وحولهم بطانة يشبهون طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأبا عبيدة بن الجراح وأمثالَهم، وقادةُ جندها رجالٌ كخالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو وأبي دجانة وصلاح الدين وقطز وغيرهم؟ دولة تعيد سيرة العبادلة الأربعة وأمثالهم من الصحابة الأفذاذ، وتستنسخ علماء ربانيين كقتادة ومجاهد والسدي والنخعي والشعبي وجعفر الصادق وأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل وأمثالهم، دولة تقام بها الحدود، ويقسم بها الفيء، وتأمن بها السبل، وتصان بها الأعراض، دولة يقاتَل بها العدو، وتُحفظ بها هيبة الأمة، دولة تحقق النهضة الحقيقية والتقدم العلمي والرقي الفكري والسلوكي، وتسعى لنقله دوما من علي إلى أعلى في كل مناحي الحياة، دولة تؤسس الأبنية وفق أعلى المعايير الشرعية والهندسية، وتستعد دوما للكوارث والجوائح، بل وتعين الأمم الأخرى عندما تتعرض لمثل ذلك. يروى أنه في مدة صلح الحديبية يبلغ النبيَّ ﷺ أن قريشا أصابتهم جائحة، فأرسل عليه الصلاة والسلام لأبي سفيان زعيم الشرك في مكة خمسمائة دينار ليشتري بها قمحا، ويوزعها على فقراء قريش. دولة تعد العدة والقوة وفق أقصى الاستطاعة لإرهاب العدو، وكسر الحواجز المادية التي تقف أمام نشر الإسلام في العالم، فتُنصر بالرعب مسيرة شهر. دولة تسوق الناس إلى الجنة، وتبعدهم عن النار ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، دولة رعاية لا دولة جباية، يبكي أمير المؤمنين فيها إذا قصر في الرعاية، ويعقد بينه وبين الناس عقودا يبرئ بها ذمته أمام الله، ويوصي أن توضع معه في قبره. دولة يجمع أمير الجهاد فيها غبارَ المعارك التي خاضها في سبيل الله ويخلطها بماء زمزم ويجعلها طوبة صغيرة يوصي بوضعها تحت رأسه في قبره بعد موته لأنه يعتقد بأنه لا يجتمع غبار جهادٍ في سبيل الله مع دخان جهنم. دولة يوصي مجاهد فيها أن يدفن معه سيفه في قبره بعد موته ليشهد له جهاده في سبيل الله وهو يشدخ به رؤوس الكفار المعاندين.
رأيك في الموضوع