أعلنت الخارجية الأمريكية الجمعة 7 أيار/مايو 2021م الموافق 25 رمضان 1442ه، أن الحوثيين فوتوا فرصة إظهار التزامهم بالسلام عبر رفضهم لقاء المبعوث الدولي في مسقط، وهذا يعني أن أمريكا تضغط باتجاه التوصل لاتفاق سلام يخرج السعودية من مأزق الحرب، ويدل على ذلك كثافة زيارات المبعوث الأمريكي إلى اليمن مارتن لوثركينغ إلى المنطقة، إذ قام بزيارة الرياض ومسقط وعمّان، في ظرف أسبوعين، ليلتقي فيها الأطراف المعنية بالحرب في اليمن. كما فتحت السعودية حواراً مع إيران عُقد في بغداد، تناول الملف اليمني، ويتضح من كل هذا الحراك منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض، أن أمريكا تريد تخليص السعودية من مأزق حرب اليمن لتحسين صورتها الدولية، وفي الوقت نفسه إدارة الملف اليمني بديلاً عن إيران، إذ إن السعودية تملك السيطرة على حكومة هادي الرئيس اليمني المقيم في الرياض، وتملك الوصاية على حكومته وعلى المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال ما سمي باتفاق الرياض، كما أن إدارة المعارك والطيران الحربي تتم من محافظة مأرب في الشمال، علاوةً على الوجود السعودي في محافظات حضرموت والمهرة وغيرها من المحافظات اليمنية، ولما تملكه السعودية من امتداد ديموغرافي داخل اليمن.
إلا أن الحوثيين المدعومين من الحرس الثوري الإيراني ليسوا في عجلةٍ من أمرهم، فهم اليوم على مشارف مدينة مأرب الغنية بالنفط والتي توجد بها أكبر مصفاة نفط في البلاد، ومأرب هي المحافظة الشمالية الأخيرة تقريباً التي تسيطر عليها القوات الحكومية، وهي المحافظة القريبة من العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، لهذا فإنهم في الأشهر الأخيرة يحرزون تقدماً فيها ويريدون السيطرة على مركز المدينة وبعد ذلك يمكن أن يدخلوا مفاوضات السلام من موقف أقوى بكثير.
ورغم أن الحكومة اليمنية قد أعلنت قبولها وقف الحرب والدخول في مفاوضات السلام مع الحوثيين، إلا أنها لا زالت تستميت في الدفاع عن مدينة مأرب، لأنها لو خسرت مأرب، فستخسر الحكومة الشرعية وجودها في كل المناطق الشمالية، في الوقت الذي يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على معظم المناطق الجنوبية، وهنا ستتآكل كثيراً مناطق نفوذ حكومة هادي.
ويبدو أن إعلان حكومة هادي قبولها لمبادرة السلام التي تقودها أمريكا من خلف السعودية، هو بسبب ارتهان عبد ربه هادي في الرياض، فهو لا يملك خيارات كثيرة تجاه ذلك، فقد أعلن مدير المكتب الرئاسي عبد الله العليمي أن حكومة هادي تقبل المبادرة السعودية للسلام وتقبل فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، إلا أن الحوثيين هم من يعرقلون ذلك. (الوطن العدنية، الجمعة 7 أيار/مايو).
ورغم اشتداد المعارك حول مأرب إلا أن الحكومة تعلم مدى أهمية المحافظة سياسياً وعسكرياً، لهذا تم الإعلان عن تزويد الجيش بدعم جديد من السلاح والذخيرة، علاوةً على إسناد التحالف العربي لحكومة هادي في تلك المعارك.
والخلاصة أن طرفي النزاع في اليمن يدركان أهمية مأرب، ولا يريدان التنازل عنها قبل مفاوضات السلام التي تدفع أمريكا باتجاهها، تخليصاً للسعودية من أزمتها في الحرب، ومن أجل تحسين صورتها دولياً وخصوصاً داخل أمريكا. ولأن إيران هي طرف محوري في هذه الحرب، فربما لن يرى أهل اليمن بوادر انفراج قبل أن تتوصل أمريكا لاتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي.
يا أهل اليمن: إن الله قد أوجب عليكم وقف هذه الحرب العبثية التي يتقاتل فيها الإخوة نيابةً عن الاستعمار، وأوجب عليكم التحاكم لشرعه وليس لأمريكا والأمم المتحدة، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾.
يا أهل اليمن: بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة سيتم طرد نفوذ الكافر المستعمر وأعوانه من بلادكم، وستعود ثرواتها إليكم، وستحكمون بشرع ربكم وستنالون رضوان الله. قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيماً فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾.
رأيك في الموضوع