إن ما يحصل في حي الشيخ جراح هو مأساة جديدة تضاف إلى سلسلة المآسي التي لا تتوقف بحق أهل فلسطين عامة وأهل القدس خاصة، وهو تهجير جديد يمارس بحق عائلات هُجرت سابقاً من أراضيها وبيوتها عام 1948م، في رسالة واضحة من كيان يهود الغاصب المجرم أنه سيلاحق أهل القدس ليطردهم من القدس ويسكن مكانهم قطعان مستوطنيه.
ويؤكد ما يحصل في حي الشيخ جراح أن الحل الجذري يكون باقتلاع كيان يهود من جذوره وإعادة أهل فلسطين إلى أرضهم وليس التعامل معهم كمشكلة إنسانية وإيجاد حلول للآثار الناتجة عن بطش كيان يهود كما فعل النظام الأردني مع أهل الشيخ جراح، الذي بدل أن يحرر فلسطين ويعيد أهلها إلى مدنهم وقراهم وإلى منازلهم فقد قام بالتعاون مع الأونروا بتوطين 28 عائلة لاجئة في القدس مقابل تخليهم عن حقوقهم كلاجئين من أراضي 48، وها هو كيان يهود يلاحقهم مرة أخرى وها هو النظام الأردني يتخلى عنهم ويطعنهم في ظهرهم مرة أخرى ولا يمدهم حتى بالوثائق التي تثبت ملكيتهم للعقارات.
إن أهل الشيخ جراح ليسوا بحاجة إلى وثائق لإثبات ملكيتهم لبيوتهم فهم أهل الأرض وملحها وقد أثبتوا ذلك بصمودهم ورباطهم وتمسكهم ببيوتهم وممتلكاتهم وبوقوفهم في وجه كيان يهود الغاصب وفي وجه قطعان مستوطنيه شذاذ الآفاق، وفي وجه محاكمه الاستعمارية الخبيثة، ولكنهم مع ذلك يواجهون خطرا حقيقيا، حيث كيان يهود يخيرهم بين التهجير أو البقاء المؤقت مع التنازل عن ملكية بيوتهم وعقاراتهم، وهذا يوجب على الشعوب الإسلامية وهي ترى بأم أعينها خيانة حكامها وتخليهم عن قضية فلسطين ووقوفهم مع كيان يهود تعاوناً وتطبيعاً، وترى ما يحصل لأهل الشيخ جراح وما يحصل في المسجد الأقصى المبارك من عربدة وغطرسة من كيان يهود، يوجب عليهم أن ينتفضوا في وجه حكامهم العملاء ويطالبوا الجيوش بنصرة أهل القدس وفلسطين والمسجد الأقصى المبارك، ليعيدوا سيرة معركة حطين ومعركة عين جالوت ويطردوا المحتلين ويطهروا البلاد من دنسهم ورجسهم ويخلصوا العباد من جرائمهم وشرورهم.
إن التحرك الحقيقي لنصرة المسجد الأقصى المبارك لا يكون بطلب الحماية من الدول الاستعمارية، ولا بطلب انعقاد مجلس الأمن وغيره من المؤسسات الغربية التي هي أدوات استعمارية في أيدي الدول الكبرى التي لا ترقب فينا إلا ولا ذمة، ولا بالإدانات والشجب والاستنكارات، وإنما بتحريك جيوش المسلمين لاقتلاع كيان يهود المسخ من جذوره وتخليص المسلمين من شروره، وبغير ذلك سيبقى المسجد الأقصى المبارك يئن تحت وطأة التدنيس والاقتحام، وستبقى القدس والأرض المباركة فلسطين تحت نير الاحتلال.
إن هذه صرخة لجيوش الأمة الإسلامية وقادتها أن كفاكم خضوعاً لأنظمة متآمرة متخاذلة، وتحركوا لنصرة دينكم ومسرى نبيكم ﷺ وقبلتكم الأولى، تحركوا واقتلعوا في طريقكم كل دول الضرار وأنظمة الخيانة التي حمت كيان يهود عبر عقود، فذلك والله يسير عليكم إن أخلصتم النية وعقدتم العزيمة، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
رأيك في الموضوع