أكد عضو مجلس السيادة الانتقالي رئيس اللجنة العليا لمؤتمر نظام الحكم في السودان محمد حسن التعايشي، أن انعقاد الورشة الفنية لنظام الحكم في السودان خطوة مهمة وكبيرة في سبيل الإجابة على السؤال الموضوعي المهم الذي ظل بلا إجابة ثابتة لعقود طويلة وهو كيف يُحكم السودان؟ وقال خلال مخاطبته بقاعة الصداقة الورشة الفنية لنظام الحكم في السودان في الفترة من ٢٧-٢٩ نيسان/أبريل وبحضور عدد من الوزراء والولاة، والسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي، وأعضاء المؤسسات والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني وأطراف العملية السلمية في السودان، قال: إنه لم يكن بوسعنا الإقدام على هذه الخطوة لولا التضحيات الهائلة التي قدمها أبناء وبنات السودان وجيل ثورة ديسمبر المجيدة بالتحديد، مبينا أنها تأتي في إطار تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان.
وأوضح أن صلاح هذه الأرض وإنسانها والاستفادة القصوى من مواردها وسلامة توظيفها رهين بمدارسات العلماء ومناقشات الأساتذة مقدمي الأوراق والمشاركين في هذه الورشة، والتي ينبغي أن نخرج منها مسلحين بإجابات موضوعية ومنطقية حول ست قضايا رئيسية متعلقة بالحكم متمثلة في المستويات والهياكل والصلاحيات والتشريعات والعلاقات في ظل الحكم الإقليمي الفيدرالي والحكم الذاتي بجانب الموارد المالية والبشرية والتنمية والخدمات فضلاً عن الحدود والتقسيمات الجغرافية والحكم المحلي والتحديات البيئية وكيفية معالجتها لضمان تنمية مستدامة تعزز استقرار الحكم الإقليمي الفيدرالي.
وأشار إلى أنه وبعد الفراغ من هذه الورشة وأخذ توصياتها النهائية ينتظرنا عمل كبير ومهم وإجراء مشاورات واسعة ومكثفة مع جميع السودانيين لتدعيم هذه التوصيات بمزيد من الآراء والمقترحات وحشد التوافق الممكن حول نظام الحكم الإقليمي الفيدرالي وصولاً لمؤتمر نظام الحكم. وقال إن السودان بتنوعه الثري وتاريخه الطويل في الحرب الأهلية ومرارته المتوارثة يستحق أن نمنحه فرصة أخيرة للمعافاة، بالاعتراف للمجتمعات في نطاقها المحلي والقاعدي بحقها الأصيل في السلطة وتمكينها من اتخاذ القرارات المرتبطة بالتنمية والخدمات وحفظ الأمن بجانب إدارة الموارد المالية، مضيفاً أن السيادة والسلطة في ظل النظام الفيدرالي تكون للمستويات المحلية وهو ما يمكن الشعب من حكم نفسه بنفسه. وأشاد بالجهود المبذولة والقائمين على أمر هذه الورشة من الأساتذة والعلماء في اللجنة العلمية لإعداد أوراق مؤتمر نظام الحكم في السودان، والإخوة في اللجنة التنفيذية وبقية اللجان الأخرى. وحيا التعايشي الشركاء في المؤسسات والمنظمات الدولية الذين قدموا الدعم الفني والمادي اللائق واللازم لقيام هذه الورشة والمشاوارت التي تعقُبها حتى قيام المؤتمر.
منذ أن خرج المستعمر من هذا البلد وقبله، أي منذ أن هدمت دولة الخلافة التي كانت منطقتنا جزءاً منها لم ينعم السودان وأهله، بحكم رشيد يلبي رغبات الناس لأنه لم يقم على أساس متين بل يعتمد كل الحكام دستور مستر بيكر الذي ورثوه من الكافر المستعمر إلى يومنا هذا. هذا المستعمر الذي خرج من البلد بجسده وترك لنا أفكارا أصبحت دستورا للبلاد تقوم على فصل الدين عن الدولة، نعم أبعد نظام الإسلام عن الحكم؛ فعمت البلوى في جميع نواحي الحياة وفي جميع أنظمته، فشهد السودان تراجعا غير مسبوق على كافة المستويات اقتصاديا واجتماعيا وفي التعليم والتطبيب والأمن وغيرها. فلماذا يصر الحكام والسياسيون على تجريب المجرب؟! إن الحكم الفيدرالي طبق في هذا البلد ولم نجن منه سوى الفرقة والشتات، وإن هذه الفيدرالية جنينا منها أكبر مصيبة مرت على أهل السودان وهي انفصال جنوبه عن شماله، والذي ما زلنا نعاني من ويلاته حتى الآن ولا سيما في الناحية الاقتصادية والتي فقدنا خلالها أكثر من 80٪ من النفط، وأراضي زراعية من الدرجة الأولى خصوبة.
وما أرى تسابقكم إلى هذا الحكم الفيدرالي إلا استجابة لمتطلبات الكافر المستعمر الذي يسعى لمزيد من تقسيم المقسم وتفتيت المفتت أصلاً، كما صرحوا بذلك هم أنفسهم، وأنهم يسعون لتقسيم البلاد إلى 5 أجزاء، هذا التسابق يورث البلاد والعباد الضياع والفقر والعوز وما هؤلاء الحكام إلا أدوات لتمرير هذه الجريمة الكبرى.
والسؤال ما هو دخل السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي، وأعضاء المؤسسات والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني بهذا الأمر وهو نظام الحكم؟! إن هذا أيضا من المؤشرات القوية على عمالتكم الوقحة وخضوعكم التام لأعداء هذه الأمة الكريمة، وصدق رسول الله ﷺ حيث قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْراً شِبْراً وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ؟!».
إن نظام الحكم لا يحتاج إلى مؤتمرات ومشاورات مع أعداء الله الذين وصفهم الله تعالى: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً﴾. فنظام الحكم أمر قد حسمه الله تعالى قبل أكثر من اثني عشر قرنا من الزمان، نظام لما طبقه الحكام اطمأنت البشرية كلها المسلمون والكفار، هذا النظام هو نظام الخلافة.
نعم نظام الخلافة هذا المشروع النهضوي والذي يمثل هذه الأمة الكريمة ومن صلب عقيدتها ويتمنى كل مسلم على هذه البسيطة أن يحكم به لأنه يعلم علم اليقين أنه لا عزة ولا رفعة إلا بهذا النظام الرباني، ولا يرفض الخلافة إلا الثلة الحاكمة والمنتفعون من هذه الأنظمة الطاغوتية التي أذاقت الأمة الوبال وسوء الحال.
نعم ستعود الخلافة على منهاج النبوة، ويحكم بها الناس لأن هناك شباب حزب التحرير الواعين، يصلون ليلهم بنهارهم لتمكين دين الله، مع تأييد منقطع النظير من هذه الأمة الكريمة التي تسعى إلى الخلاص من هذه الأنظمة الفاجرة التي أفقرت البلاد والعباد، والتمكين لحكم الله في أرض الله.
بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع