تسع وتسعون عاما مضت على الأمة الإسلامية وهي من غير إمام وخليفة يحكمها بكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله عليه وآله الصلاة والسلام، رغم أن الله تبارك وتعالى قد حرم على المسلمين المبيت ثلاث ليال دون إمام.
هُدمت الخلافة فغاب معها حكم الإسلام من حياة الأمة الإسلامية، فالأمة منذ هدم خلافتها وهي تعيش تحت وطأة نير الأحكام الوضعية والقوانين الرأسمالية، التي ما أنزل الله سبحانه وتعالى بها من سلطان، وها هي الأمة تتخبط في دياجير ظلم الرأسمالية الفاسدة، وفي غيابات التبعية للغرب الكافر المستعمر؛ الذي نشر عبر أنظمته التعليمية والإعلامية وغيرها، أفكارا مسمومة ومفاهيم فاسدة، حشى بها بكل أسف عقول الكثير من أبناء الأمة الإسلامية الذين انضبعوا بثقافته الزائفة وبمدنيته البراقة، فصاروا تبعا له يسبحون بحمده ويقدسون حضارته البغيضة، ويقلدونه في كل شيء، حتى إذا دخل جحر ضب دخلوه خلفه، مصداقا لنبوءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
غابت الخلافة فاستبيحت بلاد المسلمين وهتك سترها، حيث تجرأت علينا دول الكفر الاستعمارية، فاحتلت بلادنا وقتلت فلذات أكبادنا ونهبت خيراتنا وثرواتنا، وسلبت مقومات بلادنا ومقدراتها؛ حتى أصبحت بلادنا كالأطلال أو كادت، لا أمن فيها ولا أمان ولا استقرار، نعم إن غياب دولة الإسلام هو السبب وراء احتلال بلاد المسلمين وتدنيس مقدساتهم، وفي مقدمتها قبلتهم الأولى، بيت المقدس، التي اغتصبها أرذل أهل الأرض شذاذ الآفاق، وغيابها أدى إلى فقدان المسلمين هيبتهم وعزتهم، وكرامتهم وريادتهم للعالم أجمع أكثر من ألف عام.
إن غياب الخلافة هو السبب الأساس وراء الفقر والبطالة والفساد والتخلف التي تعاني منها الأمة الإسلامية منذ ما يقرب من مائة عام عجاف، بل وحتى الأمراض المستعصية والمزمنة التي يعاني منها المسلمون اليوم ما كانت لتبقى دون علاج لو كانت دولة الخلافة دولة الرعاية والكفاية قائمة.
نعم إنها هي الخلافة التي أدى غيابها إلى تولي دول رأسمالية استعمارية قذرة جشعة قيادة العالم وسياسته، فعم الفساد والخراب وسفك الدماء، وأخيرا وليس آخرا ما دامت غائبة، فإن غيابها هو الذي جرأ علينا الهندوس عبدة البقر والحجر، فأمعنوا بالمسلمين ذبحا وتقتيلا بوحشية لا تقل عن وحشية الوحوش الضارية، وحرقوا مساجدهم ومنازلهم وممتلكاتهم.
هذا وغيره الكثير مما يكاد لا يحصى ليدل دلالة قاطعة على صدق رسول الرحمة والهداية، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال في الحديث الشريف: «إنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ». رواه مسلم.
أيها المسلمون، لقد آن الأوان لأبنائكم في الجيوش من قادة وضباط وجند كي يهبوا هبة رجل واحد لإنقاذ أمتهم مما هي فيه من تشرذم وتبعية وهوان، فيعطوا النصرة لحزب التحرير الذي يصل ليله بنهاره عاملاً لاستعادة عزة الأمة ومجدها، وليوحدها في دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، والتي ستعمل على اقتلاع نفوذ الدول الكافرة المستعمرة من بلاد المسلمين من جذوره، وستحمل لشعوبهم رسالة الإسلام لتنقذهم من جور الرأسمالية وظلماتها إلى عدل الإسلام ونوره.
رأيك في الموضوع