الديمقراطية التي سوقها الغرب الكافر إلى بلاد المسلمين هي نظام كفر، لا علاقة لها بالإسلام، لا من قريب، ولا من بعيد. وهي تتناقض مع أحكام الإسلام تناقضاً كلياً في الكليات وفي الجزئيات، وفي المصدر الذي جاءت منه، والعقيدة التي انبثقت عنها، والأساس الذي قامت عليه، وفي الأفكار والأنظمة التي أتت بها.
لذلك فإنه يحرم على المسلمين أخذها، أو تطبيقها، أو الدعوة لها تحريماً جازماً.
فهو نظام مصدره البشر، ولا علاقة له بوحي أو دين. وأساس نشوئه أن الحكام في أوروبا كانوا يزعمون أن الحاكم هو وكيل الله في الأرض، فهو يحكم البشر بسلطان الله، ويزعمون أن الله هو الذي جعل للحاكم سلطة التشريع، وسلطة التنفيذ، أي سلطة حكم الناس بالشرع الذي يشرعه هو، لأنه يستمد سلطته من الله، وليس من الناس، فكانوا يظلمون الناس، ويتحكمون بهم، كما يتحكم السيد بعبده باسم هذا الزعم الذي يزعمونه.
فقام صراع بينهم وبين الناس، وقام فلاسفة ومفكرون، وبحثوا موضوع الحكم، ووضعوا نظاماً لحكم الناس - وهو النظام الديمقراطي - يكون الشعب فيه هو مصدر السلطات، فيستمد الحاكم منه سلطته وتكون له - أي الشعب - السيادة، فهو يملك إرادته، ويمارسها بنفسه، ويسيرها بمشيئته، ولا سلطان لأحد عليه فهو السيد، وهو الذي يشرع التشريع الذي يحكم به، ويسير بموجبه، وهو الذي يعين الحاكم، ليحكمه نيابة عنه بالتشريع الذي يشرعه الشعب.ولهذا فالنظام الديمقراطي مصدره كله البشر، ولا علاقة له بوحي أو دين.
والديمقراطية لفظة غربية، واصطلاح غربي يطلق (على حكم الشعب للشعب بتشريع الشعب) فالشعب هو السيد المطلق، وهو صاحب السيادة يملك زمام أمره، ويمارس إرادته، ويسيرها بنفسه، ولا يسأل أمام سلطة غير سلطته، وهو الذي يشرع الأنظمة والقوانين - باعتباره صاحب السيادة - بواسطة نوابه الذين يختارهم، وينفذ هذه الأنظمة والقوانين التي شرعها بواسطة الحكام والقضاة الذين يعينهم، والذي يستمدون منه سلطاتهم، باعتباره مصدر السلطات، ولكل فرد من أفراده من الحق ما للآخرين من إيجاد الدولة، ونصب الحكام، وتشريع الأنظمة والقوانين...
والديمقراطية انبثقت عن عقيدة فصل الدين عن الحياة، وهي العقيدة التي قام عليها المبدأ الرأسمالي. وهي عقيدة الحل الوسط المائعة، التي تمخض عنها الصراع بين الملوك والقياصرة في أوروبا وروسيا، وبين الفلاسفة والمفكرين، إذ كان الملوك والقياصرة يتخذون الدين وسيلة لاستغلال الشعوب، وظلمهم ومص دمائهم، بزعم أنهم وكلاء الله في الأرض وكانوا يتخذون رجال الدين مطية لذلك. فنشأ صراع رهيب بينهم وبين شعوبهم قام أثناءه فلاسفة ومفكرون، منهم من أنكر وجود الدين مطلقاً، ومنهم من اعترف به، ولكنه نادى بفصله عن الحياة، وبالتالي عن الدولة والحكم.
وقد انجلى هذا الصراع عن فكرة الحل الوسط فكرة فصل الدين عن الحياة ونتج عن ذلك طبيعياً فصل الدين عن الدولة. فكانت هذه الفكرة هي العقيدة التي قام عليها المبدأ الرأسمالي، وكانت هي قاعدته الفكرية، التي بنى عليها جميع أفكاره، والتي عين على أساسها اتجاهه الفكري، ووجهة نظره في الحياة. وعلى أساسها عالج جميع المشاكل في الحياة. فهي القيادة الفكرية التي يحملها الغرب، ويدعو العالم إليها...
هذا بيان موجز للديمقراطية ومعناها، ومصدرها، وكيفية نشوئها، والعقيدة التي انبثقت عنها، والأسس التي بنيت عليها، والأمور التي أوجبت توفرها لتمكين الشعب من تنفيذها.
عن كتاب الديمقراطية نظام كفر يحرم أخذها أو تطبيقها أو الدعوة إليها لحزب التحرير
رأيك في الموضوع