شارك الآلاف من أهل فلسطين فيما سمي بمسيرات العودة في ذكرى يوم الأرض في صورة جسدت إخلاصهم للأرض المباركة، واستعداد الأمة للتضحية من أجل تحريرها والشوق لذلك اليوم الذي ترفع فيه رايات النصر على مسرى نبيها المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، فإصرار أهل فلسطين على العودة للأرض المباركة يعكس رسوخ المفهوم الشرعي للحل في أذهان المسلمين، فمفهوم التحرير للأرض المباركة يسكن عقول المسلمين حول العالم ويسقط كل الحلول الاستعمارية الخبيثة لتصفية قضية فلسطين كحل الدولتين وغيره من الحلول التي حاول الغرب الكافر وأتباعه في الأنظمة العميلة له تدجين الأمة لقبولها.
قبول للمشاريع الاستعمارية التصفوية لقضية الأرض المباركة سعت الأنظمة العميلة للغرب إلى تمريره على أهل فلسطين والأمة الإسلامية من خلال مؤامرات دولية ومحاولات للتطبيع وعقد معاهدات سلام مزعومة مع كيان يهود الغاصب للأرض المباركة في محاولة لشرعنة وجوده وجعله كيانا طبيعيا يدمج في المنطقة عبر تشويه الوعي ومحاولة النفوذ إلى الراسخ في عقول المسلمين وقلوبهم من أن الحل لقضية الأرض المباركة هو تحريرها وقلع كيان يهود منها،كما اقتلعت كيانات الصليبيين وإماراتهم من بلادنا وكما حررها الناصر صلاح الدين من قبل في تجسيد عملي للأحكام الشرعية التي تفرض التحرك الفوري لتحرير ما اغتصب من الأرض.
الأرض المباركة التي ملّكتها الأحكام الشرعية للأمة الإسلامية، ذاتها التي تفرض على الأمة التحرك الفوري لتحرير الأرض المباركة واقتلاع كيان يهود، فملكية الأمة الإسلامية للأرض المباركة أنشأتها الأحكام الشرعية التي جعلت من أرض فلسطين أرضا خراجية وجعلت من الجهاد وتحريك الجيوش الإسلامية طريقة وحيدة لتحريرها وتخليصها من الاحتلال.
احتلال أخذ شرعيته من قرارات وقوانين الشرعية الدولية، التي أنشأت له حقا "مزيفا" في الأرض المباركة عبر الاعتراف به وبأحقيته في الوجود عليها، فالاحتكام للقرارات الدولية في قضية فلسطين أو الدعوة للحماية الدولية هو احتكام لغير الله، بل احتكام لمن أنشأ (حقاً!) لكيان يهود في بلادنا.. احتكام لن يجلب إلا غضب الله والتفريط والخيانة والتنازل عن الأرض المباركة لكيان يهود الغاصب، فهل يمكن تحصيل حق ممن لا يملك الأرض بل من وهب أرضا لا يملكها لشذاذ الآفاق يهود؟ وهل يتصور أن تكون الآليات والخطط التي وضعها لتثبيت كيان يهود طريقا لتحرير الأرض؟ وهل يسعى عاقل لطرق باب الغرب المستعمر أو أدواته الدولية الخبيثة كمجلس الأمن للحصول على حق مغتصب؟ وهل يمكن أن تكون سبل الشياطين طريقا لاسترجاع حق رباني؟!
حق رباني ذلك الذي جعل من الأرض المباركة ملكا للأمة الإسلامية، لا يمكن استرجاعه إلا بالطرق الشرعية، فتحرير فلسطين لا يكون إلا بتحريك جيوش الأمة الإسلامية صاحبة ذلك الحق تنفيذا للفرض الشرعي الذي يقع على عاتقها، والطرق والآليات التي وضعها الغرب للمطالبة بالحق لا تعدو كونها أبوابا لتكريس كيان يهود وتثبيت أركانه بقرارات دولية.
قرارات تقذف بأهل فلسطين والأمة الإسلامية في دروب لا طائل منها بل تضفي شرعية على كيان يهود وتجعل منه شريكا في الأرض المباركة، فاستنكار الاستيطان في الضفة الغربية فقط لا يعني إلا التنازل عن جل الأرض المباركة التي اغتصبت عام 48، والمطالبة بإقامة دولة على حدود 67 يقر بأحقية الكيان الغاصب في الوجود على ما اغتصب من الأرض قبل ذلك وبعده، ودفع الناس للتظاهر السلمي كوسيلة لإرجاع الحقوق حسب التعريفات الدولية يعني التخلي عن حق الأمة في تحريك الجيوش لتحرير فلسطين كاملة وإرجاعها لحضن الأمة الإسلامية، واستثناء الحل العسكري واستنصار جيوش الأمة للتحرك من فورها للتحرير هو خذلان لقضية الأرض المباركة واختزالها في مسار لا يفضي إلا لشرعنة وجود كيان يهود وتثبيت أركانه.
أركان لا يمكن أن تهدم إلا بالطريق الشرعي الذي يجب أن تسعى له الأمة الإسلامية، فأهل فلسطين عليهم استنصار جيوش الأمة لتحرير الأرض المباركة والأمة وقواها الحية، وأهل القوة فيها يجب أن يندفعوا لتحريرها، وأن يزيلوا في طريقهم الأنظمة العميلة للغرب التي تحرس كيان يهود ويقيموا الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تجيش الجيوش وتعيد سيرة الأولين من الأبطال الفاتحين والمحررين الذين سطروا للأمة أروع الأمثلة في الطريقة الشرعية للتعاطي مع مغتصبي الأرض ولقنوا أعداء الأمة الإسلامية دروسا في العزة جعلتهم يفكرون ألف مرة قبل التجرؤ على حياض الأمة ومقدساتها.
مقدسات لن تحرر وحياض لن تحمى بمطالبة العزل من أهل فلسطين بالتظاهر والوقوف أمام الآلة العسكرية لكيان يهود وتحميلهم المسؤولية عن تحرير الأرض واسترجاع المقدسات، فالتحرير مسؤولية جيوش الأمة التي يجب أن تقوم بواجبها، وأي استثناء لهذه الجيوش هو سحب لقوة الأمة من المعركة وترك أهل فلسطين ليكونوا فريسة سهلة لقناصة كيان يهود، تنقل الفضائيات مشاهد سقوطهم في بث مباشر وكأنه فلم خيالي وليس دم مسلم أهون على الله أن تهدم الكعبة من أن تراق قطرة من ذلك الدم الطاهر، فقذف أهل فلسطين العزل في وجه جيش الكيان الغاصب وعدم مطالبة الجيوش جريمة، واستنكار قتل أهل فلسطين من قبل الأنظمة وعدم تحريك الجيوش مشاركة في قتل أهل فلسطين والصمت عن نصرة المسلمين عسكريا في فلسطين خيانة لله ولرسوله وللأمة الإسلامية ومقدساتها.
فالمقدسات تحرر والحياض تحمى بالأسود التي تزمجر نصرة للإسلام فتنطلق من فورها لتحرر الأرض وتثأر لدماء المسلمين الزكية، هكذا كان تاريخ الأمة وهكذا سيسطر حاضرها صحائف من عزة لكل أولئك الذين سيندفعون في طوفان ليحرروا الأرض المباركة في ساعة من نهار تتشوق الأمة له وتبدي استعدادها للتضحية من أجل ذلك النصر بالغالي والنفيس، فعلى كل الغيورين على مقدسات الأمة ودماء أبنائها ومسرى نبيها المصطفى أن يوجهوا جهودهم لتخليص الأمة من الأنظمة العميلة للغرب وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لتفتح دروب العزة للأمة فتجيش الجيوش وتحرر الأرض وتثأر لدماء الشهداء الزكية...
بقلم: الدكتور مصعب أبو عرقوب
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين
رأيك في الموضوع