وصف ريتشارد كلارك، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة أوكرا لإنتاج الذهب (أكبر شركة لتعدين الذهب بالعالم)، وصف إمكانات الذهب في السودان أنها "مذهلة للغاية"، وأن السودان أصبح اليوم ثاني أو ثالث دولة منتجة للذهب في القارة الأفريقية، وأن شركته عازمة على العمل بجدية في إنتاج أكثر من 228000 أوقية ذهب سنوياً في المنطقة التي تقع في الشمال الشرقي الأقصى من السودان. وقال كلارك في مقابلة تلفزيونية مع مؤسسة بلومبيرج الإعلامية "إن الإمكانات الجيولوجية في السودان ضخمة للاندماج في المجتمع الدولي وفوق ذلك فإن منطقة التعدين تقع ضمن حزام الذهب النوبي"، وقال كلارك إن من العوامل المشجعة هو أن الحكومة السودانية قد التزمت بما وعدت به، وهو إخلاء المربع من كل أشكال التعدين العشوائي التي هجمت عليه، وإن الحكومة السودانية تمكنت خلال الأشهر الثلاثة الماضية من إخلاء الآلاف من المعدنيين العشوائيين من المنطقة، دون أي حوادث أو صدامات. وتعد شركة أوكرا، وهي شركة كندية عامة، من أكبر شركات تعدين الذهب في العالم وتعمل على تطوير مشروع المربع 14 للذهب في شمال السودان الذي يبعد حوالي 200 كلم شمالي دنقلا في أقصى شمال شرقي السودان.
هذا هو الوجه المتستر للنظام الرأسمالي المتوحش، الناهب للثروات والموارد والخيرات، تحت لافتة الاستثمار، حيث تقوم الشركات عابرة القارات بسرقة هذه الثروات الضخمة، التي تتمتع بها بلاد المسلمين؛ من نفط ومعادن في باطن الأرض وظهرها، وأرض زراعية خصبة، هذه الموارد خص الله بها البلاد التي يسميها الغرب اليوم ببلاد العالم الثالث، مع العلم أن هذه الثروات الخام ينهبها الكافر المستعمر لتشغيل مصانعه وشركاته الضخمة، ويلعب حكام المسلمين دوراً محورياً في هذه القرصنة، حيث يقدمون التسهيلات بل يفتحون أبواب البلاد على مصاريعها، بمساعدة الآلة الإعلامية المأجورة، التي تلعب الأدوار القذرة في تضليل الرأي العام، وترويضه وإقناعه. وبالمقابل تلمّع الحكام، وتطبل لخيانتهم وصفقاتهم التي يعقدونها في الغرف المظلمة وتحت الطاولات، بل فوقها، حيث تمكن الغرب الكافر المستعمر من نهب الثروات بسهولة ويسر وأريحية، ويصنعون ضجيجا في وسائل الإعلام، يلهون به الرأي العام، ويصفون الحكام والوسط السياسي التابع لهم بالأبطال الخارقين، وذلك عندما يقوم بعض هؤلاء الحكام بتنفيذ أحد المخططات القذرة! وهذا الأمر لا يحتاج كثير عناء لكشفه، وإدراك واقعه، بل يحتاج فقط لرؤية من زاوية صائبة. فالحكومة الانتقالية في السودان بشقيها المدني والعسكري بعد عقد مؤتمر باريس والاتفاقيات التي وقعتها مع الشركات الغربية المختلفة هلل الإعلام وكبر، باندماج البلاد فيما يعرف بالمجمتع الدولي، لضمان انسياب شركات المجتمع الدولي إلى السودان دون عوائق!
نعم هذه هي الحال التي أوصلتنا إليها الحكومات الوظيفية وأعوانها، فكل همهم هو تمكين الكافر المستعمر من بلادنا، ومن جانب آخر إفقار وتجويع أهل البلاد عن قصد وترصد، عبر تنفيذ إملاءات الغرب وصندوق النقد والبنك الدوليين.
إن السودان، هذا البلد الطيب أهله، والخيرات التي يتمتع بها، يسيل لعاب الغرب عليها فتتنافس الدول وشركاتها للاستئثار بها، والفوز بفرض النفوذ السياسي والاقتصادي، حيث أصبح السودان ساحة تكسير عظام للدول العظمى فيما بينها، من أجل كسب التبعية والولاء السياسي للحكام العملاء. إن أهل السودان، ومعظم بلاد المسلمين يعيشون حياة ضنك، ويكتوي أهلها بنيران ارتفاع الأسعار الجنوني، وانعدام كامل للخدمات الأساسية، فكيف يعقل أن نمتلك كل هذه الخيرات ونفقد أبسط مقومات الحياة؟! وكيف يعقل أن نملك أغلى وأنفس الموارد الطبيعية، ونعيش فقراء معدومين؟! وكيف لبلد أن ينهض وهو يبدد ويستنفد احتياطي الذهب الذي هو من الملكيات العامة، حيث لا يجوز شرعا إهداره، فضلا عن أن الذهب هو في حد ذاته عملة؟! فلا يعقل أن نفرط فيه مقابل ما تدفعه هذه الشركات من عملات ورقية لا تساوي قيمتها إلا الحبر والورق اللذين طبعت بهما.
فإذا أراد أهل السودان، وبلاد المسلمين، بل والعالم أجمع الاستمتاع بخيراتهم وعيش حياة كريمة، فإن عليهم أن يعملوا وبكل سرعة وأقصى طاقة على إسقاط المنظومة الرأسمالية، بكاملها؛ من تشريعات وقوانين وأنظمة، وحتى المنظمات الأممية والشركات العابرة القارات، وقطع أطماع الغرب، وطرد عملائهم، وكنس معاقلهم، وإغلاق السفارات، أوكار الشر من بلادنا.
وفي المقابل أن يحل نظام رعوي يضع الأمور في نصابها، حيث يتم توزيع الثروات والملكيات العامة على الناس بالتساوي، وتوفير الحاجات الأساسية لهم؛ من مأكل ومسكن وملبس وتعليم وتطبيب وأمن.
وبإنعام النظر لا نجد نظاما واحدا قادراً على معالجة مشاكل الإنسان بتسخير الموارد والثروات ليتمتع بها الناس سوى نظام الإسلام الذي يجعل للذهب قيمة ومكانة، باعتباره ملكية عامة وفي الوقت نفسه هي عملة الدولة، كيف لا وقد كانت مطبقة في دولة الخلافة التي استمرت زهاء الثلاثة عشر قرناً من الزمان، ملأت خلالها الدنيا عدلا وخيراً، واليوم فإن أكثر ما يحتاج إليه العالم هو هذا النظام.
وحزب التحرير قد أعد عدته لدولة الخلافة بمشروع نهضوي قادر على انتشال الأمة من حالة الفقر والمسغبة لتصبح دولة الخلافة هي الدولة الأولى في العالم، ومحط القلوب والأنظار، وهذا ليس من باب التهويل بل المنطق والعقل يقولان بذلك وفق ما نمتلكه من منهج قويم وفهم مفصل من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وقد استنبط حزب التحرير دستورا للدولة في الحكم والاقتصاد والاجتماع وغيرها مما تحتاجه الدولة، وقرر بأن العملة في دولة الخلافة هي الذهب والفضة، بدلاً عن تنافس هذه الشركات عليها. فيا حادبون على مصلحة البلاد والعباد ضعوا أيديكم في أيدي إخوانكم وأبنائكم في حزب التحرير، فإنه لا ينقصنا سوى أن يقوم المخلصون في جيوشنا بإعطائنا النصرة، لإقامة الخلافة لننعم بهذه الثروات في ظل نظام رب العالمين.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع