عادة ما يستعمل الحكام الرويبضات الواهنة حبالهم بشعوبهم، الجيش والشرطة في قمع من يطالبون بأبسط حقوقهم ويثورون على الطغاة جراء تقصيرهم المريع في رعاية شؤونهم وهذا حق مكفول لهم بل هو واجب عليهم من باب المحاسبة التي أوجبها الإسلام عليهم تجاه هؤلاء الرويبضات الذين أذاقوا الأمة صنوف العذاب في كل نواحي الحياة فضيقوا عليهم في معاشهم جراء تطبيقهم النظام الرأسمالي الجائر.
قال سبحانه وتعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾. وفيما روى الترمذي عن حذيفة قال: قال رسول الله ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ».
وروى البيهقي والطبراني، وابن حبان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ، وَيَفْعَلُونَ بِمَا يُؤْمَرُونَ، وَسَيَكُونُ مِنْ بَعْدِهِمْ أُمَرَاءُ يَعْمَلُونَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، مَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ».
وما أخرج الإمام الترمذي بإسناد صحيح عن كعب بن عجرة قال خرج إلينا رسول الله ﷺ ونحن تسعة، فقال: «اسْمَعُوا! هَلْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ».
بهذه الأدلة وغيرها مما استفاض في مصادر التشريع يتبين فرضية محاسبة الحكام على أعمالهم وعلى تصرفاتهم، والأمر جاء جازما بالتغيير عليهم، إذا هضموا الحقوق أو قصروا بالواجبات نحو الرعية أو أهملوا شأنا من شؤونها، وعلى وجه الخصوص إن هم خالفوا أحكام الإسلام، أو حكموا بغير ما أنزل الله، ومن الأساليب التي ينكر بها على الحكام كالتعنيف والتبكيت، والحدة في القول والإغلاظ عليهم والمظاهرات السلمية وكتابة المقالات وما شاكل ذلك من أساليب أباحها الشرع، واعتبر من لم ينكر على الحكام شريكا لهم في الإثم، وجعلُ المسلمين الذين لا يحاسبون الحكام شركاء لهم في الإثم قرينة على وجوب محاسبة الحكام والتشديد عليهم وعدم التفريط بها.
فيا جيوش المسلمين لا تكونوا أداة طيعة في أيدي هؤلاء الطواغيت يحركونكم كيف ومتى شاؤوا.
وما لهذا أنشئت الجيوش، يا خير الأجناد أنتم جنود الإسلام عملكم الأصيل هو الوقوف في صف أمتكم ونصرة الإسلام والمستضعفين والجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وغايتكم يجب أن تكون إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة في سبيل الله مقبلين غير مدبرين. فاجعلوا هذا الخير نصب أعينكم ولا تطيعوا أولياء الشيطان عملاء أمريكا والغرب الكافر، ولا تكونوا أعداء لشعوبكم ويد الغرب الكافر المستعمر للبطش بهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾.
وثقوا بوعد الله ونصره ولا تقنطوا من رحمته ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ وثقوا بأمتكم أمة محمد ﷺ، فهذه الأمة الطيبة الكريمة قد اجتباها الله لدينه وأوجب عليها الشهادة على الناس، فالأمة الإسلامية اليوم رغم ما أصابها فإنها بإذن الله قادرة على تحقيق بشرى رسول الله ﷺ بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وقادرة بإذن الله تعالى على تحقيق بشرى رسول الله ﷺ بتطهير الأرض من رجس الكافرين وعملائهم، وقادرة بإذن الله على تحقيق بشرى رسول الله ﷺ بفتح روما ونشر الإسلام حتى يبلغ مشارق الأرض ومغاربها. وهذا لا يكون إلا أن تكونوا يا جيوش الخير أهلا لنصرة من يعملون للخلافة ولتمكين دين الله في أرضه وحمله للعالم بالدعوة والجهاد، ألا وهو حزب التحرير الذي يصل ليله بنهاره من أجل هذه الغاية النبيلة وبذل من أجلها الغالي والنفيس، تحت قيادة إمارته الرشيدة بقيادة الربان الماهر العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة حفظه الله ورعاه، وما زال يبذل حتى تتحقق نبوءة نبينا عليه الصلاة والسلام: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
اللهم بلغ هذا الخير لأمة محمد واشرح صدور أبنائها وجيوشها له واجعل أفئدتهم تهوي إلى الحق.
اللهم ألف بين قلوب المسلمين وأصلح ذات بينهم وارزقهم من التقوى ما تبلغهم به نصرك ورضوانك.
بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع