كلنا يعلم بأن السيدة خديجة بنت خويلد زوجة النبي ﷺ كانت أول من آمن بدعوة النبي ﷺ من الناس ولكن، ماذا يعني هذا؟
* ماذا يعني أن تكون المرأة هي أول من يحتضن الرسالة والرسول ﷺ؟
* ماذا يعني أن يُهرع إليها زوجها محمد ﷺ مذعورا مرتجفا حائرا ﻻ يدري ما يفعل، ليطلب النوم والدفء كالطفل في حضن أمه؟
* ماذا يعني أيضا أن تحتويه وتهدئ من روعه وتسلمه إلى نوم يريح نفسه كما تفعل اﻷم مع فلذة كبدها، ثم تنطلق إلى طبيب عالم بأخبار اﻷنبياء والرسل وما يعتريهم من أحوال، إلى عمها ورقة بن نوفل، فيصدق ظنونها بزوجها ويبشرها أنه نبي؟
* تخيلي لو أن خديجة أخذت اﻷمر بنوع من اللامباﻻة أو الاستخفاف أو أي شيء مما يجري للرجل من زوجته عندما يلجأ إليها بالملمات.
* تخيلي لو أن خديجة لم تعط أي اهتمام لزوجها وسفهت قصته بأنها مجرد أحلام يقظة وتهيؤات.
* تصوري أي شيء إﻻ أن تصدقه وتأخذ قصته على محمل الجد واﻷمل في أن يكون ذا شأن عظيم كنبي مثلاً.
* ثم ماذا لو علمت أن زواجهما كان غير عادي وغير متكافئ بمنطق حياتنا اليوم، شاب بكر بريعان الشباب فقير الحال يتزوج سيدة أرملة من أغنياء البلد وعلى أبواب الشيخوخة.
* خديجة تحتضن دعوة زوجها، تقيم له الوﻻئم وتدعو إليها رجال العشيرة ونساءها، فتخلق الفرصة لزوجها أن يبلغ الناس بدعوته.
* خديجة تنفق من أموالها هي بسخاء في سبيل نشر دعوة زوجها.
* ﻻ أحد اليوم يستطيع أن يقدر أو يثمن قيمة خديجة رضوان الله عليها وأهميتها وضرورتها إﻻ الرجال الذين يتطوعون لحمل دعوة اﻹسلام.
* وﻻ أحد يدرك ربما قدرة المرأة الصالحة على تهوين المصاعب والمتاعب وتخفيف اﻵﻻم عن كاهل زوجها حتى ولو واجه دولة لوحده إﻻ من يحملون الدعوة إلى الله.
* فماذا لو ابتلاك الله بزوجة ﻻ تؤمن بدعوتك التي تحمل، وﻻ تبذل جهدا لتؤمن؟! فاﻷمر بنظرها واحد، فهي في الحالتين سائرة بحياتها معك من باب أن اﻷمر صار ضرورة للإبقاء على اﻷسرة واﻷوﻻد.
* فما الفرق بين أن تكون زوجتك درعا واقيا وسيفا قاطعا على جنبك أو أن تكون مجرد سقف يحجب عنك وعنها لسان المجتمع السليط فقط؟
* ما الفرق بين أن تقول زوجتك للآخرين: نعم صدق زوجي بكذا وكذا؟! أو أن تقول: يقول زوجي كذا وكذا بلسان أصابه العوج ربما؟!
* ما الفرق بين أن تتغنى زوجتك وتتفاخر بأنك تحمل دعوة الإسلام بكل جرأة وإقدام وﻻ تخشى في الله لومة ﻻئم؟! وبين أن تتذمر منك ﻷهلها بأنك تسبب للبيت المتاعب وتعصف باستقرار البيت واﻷولاد؟!
* ﻻ بل ما الفرق بين خديجة التي صرفت أموالها وأعدت الوﻻئم ليخاطب زوجها جموع الحاضرين، وبين زوحة ربما تتثاقل من استضافتك لإخوانك في حمل الدعوة وتتضجر؟!
وأنت يا أخي هل تعلم أن إيمان امرأتك بضرورة حمل دعوة اﻹسلام إلى جانبك يعطي ثماراً أكبر، ﻻ بل إن أول ما يجب عليك أن تبدأ بزوجتك وأهلك ليحملوا معك، فهم خط الدفاع اﻷخير من عاديات اﻷحوال وتقلباتها.
* وللمرأة المسلمة الكريمة نتوجه بهذا النداء، فنحن نعرف أن ظروف الدعوة وظروف الحياة صعبة، ونعرف أن المغريات كثيرة وأن المعيقات أكثر، لكننا نشترك معك في إيماننا بحقائق لا نختلف عليها، وهي أن الله حق وأن دينه دين الحق، وإياكم نشهد أن محمدا رسول الله ﷺ، أرسله ليظهره على الدين كله، وأن الموت حق، وأننا جميعا مكلفون بحمل دعوة اﻹسلام سويا، كما حملته خديجة مع رسولنا الكريم ﷺ، أفلا يرضيك أن تكوني من سيدات الجنة حيث ﻻ نصب ولا تعب وﻻ لغوب؟
* وإلى زوجات حملة الدعوة نتوجه بتحية إكبار وإجلال لكنّ مع كل فنجان قهوة أو قطرة ماء تقدمها أياديكن الطاهرة ﻷزواجكن ورفاقهم في بيوتكن، تحية إجلال لكن وأنتن تقفن خلف قضبان الحياة وقسوتها، عندما يعتقل أزواجكن وأبناؤكن وإخوانكن فقط ﻷنهم يحملون دعوة الله، فماذا عسانا نقول والله قد اختاركن لهذا الشرف دون غيركن ليجزيكن خيرا من ذلك، فالله الله أخواتنا فإنه ﻻ يشتد أزرنا كما يشتد بكن، وأنتن إن شاء الله لها ففيكن مثل خديجة وذات النطاقين وبنت اﻷزور، والمجد أبدا ﻻ ينادي إﻻ أهله، فليس عبثا أن يقوم أول هذا الدين على رجل وامرأة، فإذا كان الرجل زوجك ويحمل دعوة محمد ﷺ فكوني أنت المرأة زوجته تحملين همه كخديجة، وعند الله أجرنا جميعا، لنرى كيف صنعت هذه اﻷسرة ذلك التغيير العظيم.
اعلمي بنيتي وأخيتي أنك وشقيقاتك في حمل الدعوة أهم أثرا وأسرع منّا، فبيوتكن مصانع للرجال والحرائر واﻷبطال والقادة والكل يتشكل على أيديكن، اللهم اهدِ نساءنا جميعا لحمل رايتك في بيوتهن وأعمالهن ومع أزواجهن وأسرهن وحيثما وجدن، اللهم اجعل منهن عونا لنا على تحقيق غايتنا جميعا "خلافة على منهاج النبوة" وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بقلم: عبد الرؤوف بني عطا – أبو حذيفة
رأيك في الموضوع