كان حزب التحرير في تونس قد أعلن عن عقد مؤتمر الخلافة بتاريخ 4/6/2016 في قصر المؤتمرات في العاصمة تونس، بعد أن اتخذ كل الإجراءات الإدارية المطلوبة، ورغم أخذ وزارة الداخلية العلم بانعقاد المؤتمر قبل المدة القانونية، إلا أن جهات أمنية أعلنت إلغاء المؤتمر بشكل مخالف للقوانين المعمول بها في تونس، ورغم صدور قرار من المحكمة الإدارية، يوم الجمعة 3/6/2016، برفض قرار حظر المؤتمر إلا أن تلك القوى الأمنية بقيت سادرة في غيها، وفي صباح يوم السبت أمر والي العاصمة فاخر القفصي، ربيب العلمانية الفرنسية، الذي تهرب من مقابلة وفد حزب التحرير، بإغلاق القاعة لمدة عشرين يوما، كما قامت القوى الأمنية، التي يفترض بها حماية الأمة من أعدائها وليس قمعها ومنعها من العمل لتطبيق شرع الله، قامت بتطويق قصر المؤتمرات ومداخل الطرق المؤدية إليه، منذ الصباح الباكر فحولت المنطقة المحيطة به إلى ثكنة عسكرية، مثلها مثل العاصمة تونس بأسرها وبالذات في الوسط وعند مكاتب الحزب.
أما على مستوى البلاد فقد قامت الجهات الأمنية بتهديد أصحاب الحافلات التي كانت ستنقل المشاركين في المؤتمر، برغم وجود عقود سابقة مع أصحابها، ثم قامت بقطع الطرق الموصلة إلى العاصمة كافة، وأعادت ما فلت من قبضتها في الولايات، وكذلك الأشخاص الذين جاؤوا في سياراتهم الخاصة، وكل من تشتبه بأنه قادم إلى المؤتمر.
كما قامت الأجهزة الأمنية بمنع الأستاذ محمود كار رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في تركيا من دخول البلد زاعمين أن المؤتمر قد ألغي ثم قاموا بترحيله على عجل إلى تركيا، أما الأستاذ محمد الصادق الترهوني الذي كان قد قدم من ليبيا المجاورة للمشاركة في المؤتمر فقد عاملته الأجهزة الأمنية بطريقة سيئة، إذ احتجزته لمدة ثلاث وعشرين ساعة في مكان سيئ دون ماء ولا طعام، ودون أن يسمحوا له بأي اتصال بعد أن صادروا هاتفه، قبل أن يقوموا بإعادته إلى ليبيا.
إذا ظن العلمانيون وكلاء الاستعمار في تونس أنهم قد حققوا نصرًا على الإسلام عندما انحنى لهم البعض وقبلوا بفصل الإسلام عن الحياة، فإنهم واهمون، فإنّ الإسلام في تونس أعمق بكثير من أشباه الرجال الذين يتآمرون عليه في السفارات الأجنبية، وإن للإسلام رجالاً في تونس عقبة بن نافع لن يخذلوا الله ورسوله والمؤمنين ولو اجتمع عليهم الكفر كله.
وقد نددت كثير من وسائل الإعلام بممارسات السلطة التي تذكّر بممارسات نظام الهارب بن علي والتي لم تُجْدِه نفعا حين قررت الأمة انتزاع سلطانها بعد أن بلغ السيل الزبى.
لقد أغاظ الكفارَ ما يقوم به حزب التحرير من كشف لمخططاتهم، وعدائهم للإسلام وأهله، ونهب لثروات البلاد، وترك أهلها الطيبين يموتون جوعا، ثم قتلهم الغيظ عندما كشف الحزب عن تلك الخيانة العظمى باستقبال القتلة من كيان يهود الذين يحتلون فلسطين ويدنسون الأقصى الشريف واستقبالهم في تحد صارخ لأبناء تونس.
هذه المهزلة التي جرت في تونس تكشف عن كذب ادعاءات حكومة التوافق واتباعها بأنهم يبنون دولة القانون والحريات، فهم ليسوا أكثر من عصابة هي امتداد لعصابة الحكم السابق، ولا يعنيها تونس ولا أهلها، بعكس حزب التحرير وكل المخلصين الذين يحرصون على تونس وأهلها ويفدونهم بالغالي والنفيس.
ومع تعسف السلطة التي تتشدق بحكم القانون، إلا أن شباب حزب التحرير أظهروا انضباطا يُغبطون عليه، وبغض النظر عما نقلته وسائل الإعلام من أن هناك نية مبيتة عند الغرف السوداء لافتعال اصطدام مع الحزب وأنصاره تبرر سحب التأشيرة القانونية منه، فقد أكد المكتب الإعلامي للحزب في تونس على لسان المهندس محمد ياسين صميدةبأن تصرف السلطة الأرعن يكشف عن ضعفها، وعن تناقضها مع نفسها، وهي التي تزعم أنها دولة القانون، فإذا بها تضرب بحكم القضاء عرض الحائط، وتؤثر العودة إلى سياسات العهد البائد الذي أسقطته انتفاضة سيدي بوزيد.
كما أكّد، في تصريح لنون بوست، وجود جهات وراء ما وصفه بمحاولات منع حزب التحرير من عقد مؤتمره السنوي، وقال لنون: "أطراف خارجية استعمارية، قد فتح الحزب ملفات ضدها وضد تدخلها الاستعماري في البلاد"، وتابع "هناك أطراف سياسية داخلية أيضًا تسعى لعرقلة عمل الحزب من بينها الوزير كمال الجندوبي الذي صرح علنًا بأن قرار المنع هو قرار سياسي، أو محسن مرزوق، وأطراف أخرى هي اليوم في الحكم تسير وفق أوامر المسؤول الكبير الذي أعلن عنه السبسي سابقًا" حسب قوله. من جهة أخرى قال صميدة إن شعار مؤتمرهم لهذه السنة سيكون "الخلافة القادمة منقذة العالم"، وسيبينون من خلاله فشل الرأسمالية وكيف ستنقذ الخلافة العالم كبديل حضاري.
وقد أكد المكتب الإعلامي للحزب في تونس في بيان أصدره أن حزب التحرير ماض في طريقه لتحقيق غايته التي نذر نفسه لها، وهي إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وفق الطريقة الشرعية التي تبناها، وواهم من يظن أنه يساوم على غايته أو ينحرف عن طريقته الشرعية تحت ضغط الواقع أو تعسف الأنظمة الطاغوتية.
كما أعلن أن الحزب سيقوم بسلسلة أعمال جماهيرية تسلط الضوء على ممارسات السلطة الفاجرة، وتبين أن نظام الخلافة هو الجدير بحل قضايا الأمة لتعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس، كما تعمل على تخليص البشرية من براثن الحضارة المادية التي تصادم العقل والفطرة.
وقد ندد المحامي سيف الدين مخلوف الناشط الحقوقي بمنع السلطة للمؤتمر وطالب باستقالة والي العاصمة تونس ووزير الداخلية ورأى أن فيما جرى سابقة خطيرة حيث تعني العودة الى ممارسات النظام البائد.
والحمد لله أن المكر الذي مكره أصحاب الغرف السوداء قد ارتد في نحورهم، فهم أرادوا قمع صوت الحق وظنوا أنهم يستطيعون تغطية شمس الحق بغربالهم كالح السواد ولكن الله سبحانه أحبط مكرهم وجعل البلاد تضج بفضيحة ممارسات السلطة.
خاص من مراسل الراية - تونس
رأيك في الموضوع