أعلن وزير خارجية أمريكا بلينكن يوم 29/12/2023 إرسال ذخائر مدفعية ومعدات ذات صلة لكيان يهود بقيمة 147,5 مليون دولار. وذكر في بيانه أن هناك "حالة طوارئ تتطلب البيع الفوري للحكومة (الإسرائيلية).. وأن (إسرائيل) ستستخدم هذه الأسلحة لتعزيز دفاعاتها ولردع التهديدات الإقليمية". وقال بيان الخارجية الأمريكية "إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن (إسرائيل)، ومن المهم للمصالح الوطنية الأمريكية مساعدة (إسرائيل) على تطوير والحفاظ على قدرة قوية وجاهزة للدفاع عن النفس، وإن هذا البيع المقترح يتوافق مع تلك الأهداف".
لقد اتخذت أمريكا زاوية أعمالها محاربة الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه وسقوط الشيوعية عام 1991، ومحاربة الصين قبل تخليها عن سياستها الشيوعية في الخارج منذ عام 1979. ومن أجل ذلك خاضت حرب كوريا وحرب فيتنام ولاوس، وأقامت حلف الناتو وأقامت قواعد عسكرية في كثير من المناطق، وقادت العالم الغربي في هذه الحرب، وسخرت الأنظمة في العالم الإسلامي معها، فكان عدوها الشيوعية والشيوعيين في العالم كله.
ومنذ عام 1992 وفي مؤتمر الأمن العالمي في ميونخ بألمانيا اتخذت أمريكا، كما جاء على لسان ديك تشيني وزير دفاعها السابق (1990-1994) ونائب رئيسها لاحقا (2000-2008)، بتأييد غربي واسع ومن ثم شرقي من روسيا والصين، اتخذت الإسلام عدوها بشكل رسمي، واتخذت زاوية أعمالها الحربية بمحاربة الإسلام والمسلمين. ولكن للتضليل وخداع البسطاء وللتغطية على أتباعها في بلاد المسلمين قالت عدونا وعدوكم الإسلام السياسي والمسلمين المتطرفين وأطلقت عليهم اسم أصوليين، ومن ثم أطلقت عليهم الإرهابيين. فقسموا المسلمين إلى معتدل متحالف معهم ومتطرف معاد لهم في حيلة خبيثة. واتخذت تنظيم القاعدة ومحاربة الإرهاب والمتطرفين رأس الحربة في محاربة الإسلام والمسلمين. وأعلنتها حربا صليبية؛ فهاجمت أفغانستان عام 2001، والعراق عام 2003، ومن قبلُ الصومال عام 1992، ومن ثم عام 2006 حتى اليوم.
وقد وسعت أهداف الناتو التي كانت محددة تجاه الاتحاد السوفيتي والشيوعية لتشمل أعماله الحربية البلاد الإسلامية والإسلام، وبدأت تضرب المسلمين في كل مكان، وأرسلت قواتها إلى سوريا واستخدمت روسيا كما استخدمت إيران وحزبها اللبناني وأشياعها وتركيا والسعودية هناك، ليلعب كل منهم دوره في ضرب ثورة الأمة لمنع عودة الإسلام وإقامة الخلافة باسم محاربة الإرهاب والمتطرفين وتنظيم الدولة.
وهي الآن، واستمرارا لما بدأته من قبل، تخوض حربا بواسطة كيان يهود وتمده بكافة الأسلحة الفتاكة لتقتل المسلمين وتقضي على الإسلام. فقد زرعت كيان يهود في فلسطين بقلب العالم الإسلامي من أجل هذه الغاية. وبذلك أعلن وزير خارجيتها تزويد كيان يهود بأسلحة وذخائر عاجلة بدون انتظار موافقة الكونغرس، لأنه لا داع لموافقته، فهو يوافق على كل صفقة أسلحة لكيان يهود والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، والتي تسجل مبيعات ولكنها تدفع كمساعدات لكيان يهود من أموال الشعب الأمريكي. وأعلنت وزارة خارجيتها أن أمريكا ملتزمة بأمن (إسرائيل) وتقويتها وتفوقها، وأن هذا من مصالح أمريكا المهمة. وهذه ليست أول مرة تعلن عن ذلك، بل كثير من مسؤوليها كرروا ذلك علنا. حتى إن رئيسها بايدن قد كرر مقولته يوم 12/12/2023 قائلا: "لو لم تكن هناك (إسرائيل) لأوجدنا واحدة".
فأمريكا تحارب الإسلام والمسلمين في فلسطين وقد أعلنت حركات المقاومة حركات إرهابية، وتحالفت معها الدول الغربية والأنظمة القائمة في العالم الإسلامي. فكل الأنظمة في البلاد الإسلامية تساندها، وقد سمحت لها بإقامة القواعد العسكرية؛ في تركيا وقطر والبحرين والإمارات والكويت والأردن ومصر والعراق وسوريا واليمن وجيبوتي وغيرها. فالذي يساعدها أكبر مساعدة في حربها على الإسلام والمسلمين هم العملاء والأتباع والموالون لها من حكام وسوقة في هذه البلاد. فأمريكا ترسل التعزيزات والذخائر إلى كيان يهود من مخازن الأسلحة في قواعدها بالأردن وغيرها. فأضعف الإيمان؛ أن تغلق هذه الأنظمة القواعد الأمريكية والحدود في وجه القوات الأمريكية وقطع الإمدادات عنها وعن يهود وتنهي التطبيع معهم، فلو فعلت ذلك هل ستتمكن أمريكا من إمداد يهود والتحرك بسهولة في المنطقة؟ وهل سيتمكن كيان يهود من شن حربه على غزة؟ وأقوى الإيمان أن تحرك جيوشها لنصرة أهل غزة، فلو فعلت ذلك هل كان كيان يهود قادرا على أن يتقدم ولو شبرا نحو غزة أو يضرب طفلا أو امرأة عفيفة فيها تستصرخ وإسلاماه؟! بل لتحررت فلسطين كلها من رجس يهود والصليبيين أمريكان وغربيين.
وقد رأينا أن أردوغان فتح لأمريكا في حربها الثالثة على العراق وحربها على سوريا منذ عام 2015، قاعدة إنجرليك لتنطلق منها، وكذلك لتزود عملاءها في تنظيم قسد، وتضرب المسلمين باسم محاربة الإرهاب. وقد تدخلت تركيا لحسابها مباشرة في سوريا لتطعن الثورة في خاصرتها طعنة نجلاء. وفتحت لها قطر قاعدة العديد لتنطلق منها في محاربة أفغانستان والعراق وسوريا، وكذلك قواعدها في الدول الأخرى. وما زالت هذه القواعد مفتوحة تزود كيان يهود بكافة الأسلحة. حتى إن تركيا ترسل شهريا مئات السفن التي تنقل النفط لتزويد الطائرات والدبابات اليهودية للقتال في غزة، وتحمل الحديد والفولاذ لصناعة الأسلحة اليهودية، وتزودهم بالماء النقي والغذاء والملابس لجيش يهود. بينما يمنع كل ذلك عن أهل غزة حتى يشربوا الماء المالح من البحر ولا يجدوا كسرة خبز! وكذلك تفعل الأردن التي فتحت أراضيها لنقل المواد الغذائية وغيرها انطلاقا من أراضيها، وعبر أراضيها قادمة من الإمارات والسعودية، وأغلقت مصر المعابر... وتواصل المغرب والبحرين وغيرهما مساعدتهم للكيان الغاصب بالتطبيع والتعاون.
فكل الأنظمة في العالم الإسلامي والقائمون عليها مشاركون لأمريكا ولكيان يهود وللغرب في حربهم على غزة وعلى فلسطين؛ إما مباشرة مثل الأنظمة التي ذكرناها، وإما غير مباشرة بعدم نصرتها لأهل غزة وعدم تحريك جيوشها كإيران والسعودية والباكستان والجزائر وغيرها.
فكما أعلنها الكفار حربا على المسلمين يجب على المسلمين أن يعلنوها حربا على الكفار المعتدين والمتعاونين معهم، فيحركوا جيوشهم ويسقطوا هذه الأنظمة التي لا يقل خطرها عن خطر الأعداء الخارجيين، بل هي العدو الداخلي الأخطر كالمنافقين، فيحلفون لنا أيمانا كاذبة أنهم معنا وهم مع العدو ويحاربون ديننا؛ باتهام حملة الدعوة بالتطرف والإرهاب وسجنهم وتعذيبهم، وبنشر الكفر والفسق والفجور. ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، ويتفننون في أساليب الخداع وفي الكذب والنفاق إلى أبعد الحدود فيذهبون إلى الصلاة أحيانا ويعتمرون أحيانا ويقرؤون القرآن بصوت جميل أحيانا وهم يطبقون الكفر ويوالون أمريكا والغرب وكيان يهود! ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.
رأيك في الموضوع